"الأعمال الحرة" بين حاجة الشباب للعمل وقلة المردود
"هناك الكثير من الإيجابيات للعمل الحر الغير مقيد بساعات معينة خصيصا لطلاب الجامعات الذين يعيلون أنفسهم ويدفعون أقساطهم فذلك يمكنهم من العمل والدراسة معا بمرونة أكثر من الالتزام بساعات عمل معينة وأوقات ثابت" كما يقول الشاب ربيع حرب 23 عام الذي يعمل عمل حرا بإحدى شركات التوصيل.
"لكن للأسف تمر بعض الفترات التي لا يكون به عمل فبالتالي يخف أو يتلاشى المردود المادي وتتعقد الأمور المالية لكن يمكنني تحمل ذلك طالما انني لا زلت على مقاعد الدراسة ولا أتحمل مسؤولية عائلة كاملة "على حد تعبيره .
ربيع كغيره من الشباب الذين لم يجدوا سوى هذا النوع من الأعمال يرتكزون عليه بل ويعد ربيع من المحظوظين كونه أعزب و غير مسؤول عن عائلة لإعالتها، كما هو حال فارس عياد الذي يعمل بعمل ثابت ولديه عائلة صغيرة يعيلها، لكنه أضطر للعمل الإضافي بتوصيل الملابس من محلات الأون لاين إلى منازل الزبائن بمردود مادي قليل وحرم نفسه من قضاء الوقت مع أطفاله وودع الراحة و الترفيه فقط من أجل زيادة الدخل و اللحاق بطلبات العائلة واحتياجات الأطفال.
يرى عياد إن السبب الرئيسي لاتجاه الشباب لهذه الأعمال هو أن مصاريفهم تفوق رواتبهم ولا تغطي احتياجاتهم ويقول "لصوت شبابي" "الإيجابيات تكاد تكون شبه معدومة فالاستفادة الوحيدة ألا وهي المال أيضا قليلة وغير مرضية بل وتعتمد على الحظ بكمية الطلبات والتي تعتمد ايضا على الوضع المادي للشعب الأردني والذي يصنف سيء جدا عند النسبة الأكبر منهم .
ماذا يحصل للصحة النفسية والجسدية ؟
الصحة الجسدية لفارس كما يقول " بوضع يرثى له" بل ويعاني من عدة آلام بالمفاصل بسبب ممارسة السياقة لساعات طويلة بعد عناء وتعب عمله الأصلي كمحاسب في أحد الفنادق الكبيرة أي انه يضطر للوقوف لساعات طويلة لا يحظى بعدها بالراحة المنشودة وبالنسبة للصحة النفسية يوضح فارس أنها "رفاهية يصعب الوصول لها أو المطالبة بها في ظل الظروف المادية "التي تحكمه والالتزامات الواجبة عليه تجاه عائلته .
حمزة حسن شاب تخرج من كليته وبحث مطولا عن عمل يرضي طموحه ويلبي رغبته بالزواج وتكوين أسرة لكن خيارات حمزة تبخرت بعد أن أضطر لمواصلة بعمله الغير ثابت بإحدى شركات توصيل الطعام التي يعمل بها منذ أكثر من سنتين أستمر خلالهم بالبحث عن عمل ثابت براتب مجزي يشعره بالاستقرار النفسي والمادي لكن محاولات حمزة تستمر بالفشل بسبب قلة فرص العمل بالأردن وأنحساراها بنوع معين من الأعمال .
يقول حمزة برأيه" لصوت شبابي" هذا النوع من الأعمال قائلا أنها تعتبر جيدة كدخل اضافي لكنها لا تكفي لفتح منازل و إعالة أسر فأنا شخصيا أفكر مرارا بالتقدم لخطبة أحد الفتيات وبناء أسرة بل أتمنى ذلك لكن طبيعة عملي "كدليفري " لا تؤهلني لطرق باب أحدهم والتقدم لخطبة أبنته لأنه الرأي المعتمد من قبل الجميع تجاه هذه الأعمال أن لا مستقبل لها ولا يمكن التأمين على أسرة معيلها يعمل بساعات حرة .
حيث أصدرت دائرة الإحصاءات العامة تقريرها للربع الثاني من العام الحالي الذي يفيد بأن نسبة البطالة بالأردن بلغت 21.4 بانخفاض مقداره 0.9 لكن الرقم لا زال مرتفع مقارنة بنسبة الشباب التي تشكل 60 بالمئة تقريبا من المجتمع الأردني.
وقال حمادة أبو نجمة رئيس مركز بيت العمال إن توجه الشباب للأعمال الحرة، مثل التوصيل والعمل على التطبيقات، يرجع إلى عدة أسباب. أبرزها مشكلة البطالة وصعوبة الحصول على فرص عمل، والمرونة التي توفرها هذه الأعمال مقارنة بالوظائف التقليدية. فالشباب يبحثون عن حرية أكبر في تنظيم وقتهم، إضافة إلى تفادي القيود التي تفرضها بعض الوظائف التقليدية من حيث الرواتب وساعات العمل. كما أن هذه الأعمال توفر فرصة فورية للدخل دون الحاجة إلى مؤهلات عالية أو خبرة طويلة، وهي جذابة للشباب الذين يواجهون صعوبة في إيجاد وظائف رسمية في السوق المحلي.
هل ستنعكس هذه الأعمال سلبيا أم إيجابيا عليهم وعلى المجتمع الأردني بشكل عام؟
هذه الأعمال لها جانب إيجابي وآخر سلبي، فمن الجانب الإيجابي، توفر فرصة دخل سريعة وتحفز ريادة الأعمال وتقلل من البطالة في المدى القصير. كما تعزز من قدرة الشباب على تطوير مهارات جديدة، مثل إدارة الوقت والتواصل مع العملاء.
أما على الجانب السلبي، فقد لا توفر هذه الأعمال استقرارا ماليا أو حماية اجتماعية مثل التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي، مما قد يؤثر سلبا على المدى البعيد. بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم في تقليل الاهتمام بالتطوير المهني في مجالات تحتاج إلى مهارات متقدمة، ما يؤثر على قدرة الشباب على النمو الوظيفي في المستقبل.
بخصوص إيجاد بديل لهذه الأعمال وزيادة دخلهم بطرق أسهل ومردود مادي فكانت إجابة أبو نجمة :
نعم، يمكن إيجاد بدائل تعزز من دخل الشباب وتوفر استقرارا أكبر. من خلال الاستثمار في التدريب المهني والتقني، يمكن تجهيز الشباب بمهارات تتوافق مع احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي. أيضا، تشجيع ريادة الأعمال ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة قد يفتح لهم فرصًا أكبر للنمو والاستقرار المالي.
الحكومة والمؤسسات الخاصة يمكن أن تلعب دورا محوريا في توفير فرص تدريب وتمويل للشباب، بالإضافة إلى تحسين بيئة العمل وزيادة الرواتب في القطاعات ذات النمو العالي مثل التكنولوجيا والصناعات الإبداعية.