تعتبر التوعية والمعلومات المتعلقة بالصحة الإنجابية والجنسية من الأمور ذات الحساسية المجتمعية وهي ذات أهمية كبيرة خصوصا للشباب في مجتمع متجه لما يعرف بالفرصة السكانية، لهذا انبثقت عن المجلس الأعلى للسكان وثيقة المعايير الوطنية لخدمات الصحة الإنجابية والجنسية، لتشكل إطارا مرجعيا لتحقيق بيئة معلوماتية داعمة للشباب.
وبحسب الوثيقة فإن مفهوم خدمات الصحة الإنجابية والجنسية الصديقة للشباب هي توفير خدمات صحية لفئة الشباب إناثا وذكورا من 12-30 سنة في بيئة آمنة تضمن سريتهم وخصوصيتهم، وهي خدمات صحية جاذبة للشباب وقادرة على اشراكهم في جميع مراحل ومحاور تقديم الخدمة. وهي تلبية لاحتياجات الشباب في هذه المرحلة العمرية والتي تراعي نموهم الجسدي والعقلي والنفسي والاجتماعي، وتشتمل على توفير المعلومات والمشورة والتشخيص والعلاج والخدمات الرعائية والوقائية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية من تنظيم اسرة، صحة الام والطفل ، الوقاية من التهابات الجهاز التناسلي، سرطان الثدي، العنف القائم على النوع الاجتماعي ، الوقاية والعلاج من العقم والضعف الجنسي والتغيرات المصاحبة لسن المراهقة والبلوغ وفيروس نقص المناعة المكتسبة ، لتلبي احتياجات الشباب حيث تقدم هذه الخدمة في المراكز او الأقسام المتخصصة ومن خلال التحويل للجهات المعنية بالخدمة والانشطة المجتمعي والتشبيك.
وتقول مساعد الأمين العام للمجلس الأعلى للسكان رنا العبادي، إن المجلس أعد الوثيقة بناء على مراجعات مكتبية لعدد من الدراسات والوثائق التي تناولت هذا الموضوع اضافة إلى عمل المجموعات المركزة في المحافظات مع الشباب والتي خلصت إلى تعش الشباب لمعلومات الصحة الإنجابية والجنسية ولكن هناك تحديات تواجههم في الحصول عليها، أولها معرفتهم المتواضعة بقضايا الصحة الإنجابية والجنسية ومصادر الحصول على المعلومات هي مصادر عير موثوقة ولا تتمتع بمصداقية عالية حيث أن غالبيتهم يرجعون إلى الانترنت، وهناك تحديات تتعلق بالأهل بعدم تقبلهم لفتح حوارات ونقاشات مع الشباب بهذه المواضيع، وجانب من التحديات يتمثل بضعف تناول الصحة الإنجابية والجنسية في المناهج التعليمية سواء في المدارس أو الجامعات.
وجاءت المعايير الوطنية لخدمات الصحة الإنجابية والجنسية بحسب الوثيقة في ثماني محاور هي تعزيز دعم الشباب وتمكين الشباب ومشاركة الشباب وتوفير حزمة خدمات وكفاءة مقدمي الخدمة ومواصفات مكان تقديم الخدمات و والانصاف وعدم التمييز و وجودة وتحسين الخدمات.
وتم التشارك في إعداد الوثيقة مع كافة الجهات المعنية وبالاستناد إلى منظمة الصحة العالمية، وتم اعتمادها من رئاسة الوزراء واعتمادها وتعميمها، والآن في مرحلة التطبيق الفعلي للوثيقة، حيث تم التعاون مع معهد العناية بصحة الأسرة التابع لوزارة الصحة لتقديم الخدمات وتقدم الخدمات حاليا في خمسة مراكز هي مركز صويلح والزرقاء وعجلون والكرك وعمان الشرقية (القويسمة)، بحسب العبادي.
وتؤكد العبادي إلى ضرورة التوسع بالمساحات الصديقة للشباب والفئة المستهدفة والتي يبلغ عددها حوالي 3 مليون فرد فهناك دور كبير على الجهات الحكومية من مختلف الوزارات والمؤسسات الإعلامية، ورصد موازنات مخصصة لهذه الغاية، وضرورة توفر أدلة وحقائب تدريبية موحدة لتكون رسالة واضحة ومحددة، وبرامج توعوية موجهة للأهل.
وتسعى الجهات المقدمة لخدمات الصحة الإنجابية والجنسية إلى نشر التوعية والثقافة الأفضل بهذا الخصوص للوصول إلى مجتمع صحي اقتصادي قادر على مواجهة مختلف التحديات.
وتؤكد مسؤولة الشباب في معهد العناية بصحة الأسرة الدكتورة روان قطيفان أن هذه التوعية حق من حقوق الشباب التي يجب أن يحصلوا عليها بقولها" ليس متطلب للشباب وإنما حق من حقوقهم، الحصول على هذه الخدمات والمعلومات اما بما يخص انعكاس هذه المعايير على تنظيم الأسرة، فإننا نسعى دائما على نشر ثقافة المباعدة بين المواليد واختيار الوسيلة المناسبة وبهذا نوفر على أنفسنا الوقت والجهد ومن الناحية الاقتصادية لعندما يكون الفرد عنده ثقافة تنظيم الأسرة قبل بداية خطوة الزواج وهذا الشيء رح ينعكس بالنهاية، تنظيم الأسرة، على تحسين الظروف المعيشية لأفراد المجتمع وبالتالي نقلل من استنزاف الموارد.
وترى طبيبة عيادة صحة المرأة واليافعين الدكتور أمل عبدالكريم أن توعية الشباب بالصحة الإنجابية والجنسية يحقق العديد من الفوائد وتقول " لتحسين فرص الحصول والوصول على خدمات الصحة الإنجابية والجنسية من جهة وتعزيز السلوكيات الصحية ودعمها وتشجيعها لديهم وتعريفهم بالأمراض التناسلية والمنقولة جنسيا والوقاية منها وتعزيز الوعي لديهم بمخاطر الزواج المبكر و دعم حقهم في معرفة فوائد تنظيم الأسرة ودورها في المحافظة على معدل النمو السكاني بما يتلائم والدخل القومي والحصول على الوسائل الآمنة والفعالة مما يساهم في التنمية المستدامة ومواجهة التحديات السكانية من منطلق الفرصة السكانية".
مدير مديرية صحة المرأة والطفل في وزارة الصحة الدكتورة هديل السائح إن مفهوم تنظيم الأسرة في وزارة الصحة هو ممارسة الأزواج حقهم في الاختيار الحر المبني على المعلومات الصحيحة وعدد الأبناء الذين يرغبون بإنجابهم بما يتلائم مع وضعهم الصحي والاجتماعي والاقتصادي والمباعدة المثلى بين الأحمال لمدة 3 سنوات لحتى تضمن صحة الأم عن طريق وسائل تنظيم الأسرة الآمنة والفعالة .
وتحت عنوان تفضيلات الإنجاب الخطة الاستراتيجية الاتصالية لوزارة الصحة في مجال تنظيم الأسرة 2019-2022/ أظهرت نتائج مسح السكان والصحة الأسرية ٢٠١٨/٢٠١٧ أن 49 ٪ من السيدات المتزوجات في عمر الإنجاب في الأردن لا يرغبن في إنجاب المزيد من الأطفال في أي وقت في المستقبل إضافة إلى ١٨٪ من السيدات المتزوجات يرغبن ي تأخير وجود طفل آخر لمدة عامين على الأقل، مما يعني أن 67% من السيدات المتزوجات قد يكون لديهن حاجة محتملة لخدمات تنظيم الأسرة إما للحد من الولادات أو للمباعدة بينها. وترتبط الرغبة في إنجاب الطفل ارتباطاً قويا بعدد الأطفال الأحياء للسيدة، حيث يلاحظ من جدول تفضيلات الإنجاب ضمن مسح السكان والصحة الأسرية ۲٠۱۸/۲۰۱۷ أن حوالي 80% من السيدات المتزوجات حاليا ممن لم يبدأن الحمل، يرغبن في إنجاب طفل (فوراً أو لاحقاً أو بدون تخطيط) وحوالي 70% يرغبن بالإنجاب فوراً وحيث أن هذه الفئة تشمل السيدات حديثات الزواج اللاتي لم ينجبن بعد فان النسبة المرتفعة للرغبة بالإنجاب فورا تدل على ضعف تبني مفهوم تأجيل إنجاب الطفل الأول في المجتمع . وتتراجع الرغبة في إنجاب طفل آخر بعد الطفل الأول بشكل تدريجي حتى وصول عدد الأطفال الأحياء إلى أربعة أطفال ومن ثم تنخفض بشكل حاد بعد الطفل الرابع، حيث أن حوالي ثلث السيدات ( اللواتي لديهن 3 أطفال أبدين رغبتهن بإنجاب طفل آخر مقابل 15٪ فقط من السيدات اللواتي لديهن 4 أطفال أحياء وهذا يدل على أن حجم الأسرة المثالي لدي السيدات المتزوجات ما زال ثابتا عند أربعة أطفال على الأقل وهو أعلى بكثير من معدل الاحلال ( ۲.۱ طفل لكل سيدة) .
وبالنسبة لرؤية وزارة الصحة لهذه الخدمة تقول الدكتورة السائح، إن رؤيتها تتمثل بأن يتمتع كل شخص مقيم في المملكة بالقدرة على اتخاذ خيارات مستنيرة فيما يتعلق بالإنجاب وتكافؤ الفرص في الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة تحقيقا للفرصة السكانية والهدف منها زيادة معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة الحديثة من 37.4% حسب احصاءات مسح السكان والصحة والأسرة لعام 2017/20218 إلى نسبة 43.4% عام 2024من خلال التأكد من وصول جميع الأزواج لهذه الخدمة ذات الجودة.
مشيرة إلى أن خدمات تنظيم السرة في وزارة العمل مجانية للكل من خلال المراكز الصحية الشاملة والاولية اضافة الى بعض المراكز الفرعية والمستشفيات الحكومية التي تضم عيادات النسائية والتوليد وأجنحه خاصه لتوفير الرعاية الصحية بعد الولادة والمواليد الجدد وهناك 524 مركز صحي المملكة تقدم هذه الخدمات .
وأفادت احصائية لوزارة الصحة، أن 46% من النساء المستخدمات لوسائل تنظيم الأسرة حصلوا عليها من وزاره الصحة ويشمل عمل قسم تنظيم الأسرة ايضا تدريب الكوادر العاملة في وزاره الصحة على الوسائل الحديثة في تنظيم الأسرة وكيفيه تقديم المشورة واتخاذ القرار ومساعدتهم في اختيار وسيله تنظيم الأسرة مناسبه لهم
وتطرقت السائح إلى ابرز التحديات في كورونا بقولها " أنها تمثلت بصعوبة الوصول والحصول على الكلمة خلال فتره الاغلاق بالإضافة الى خوف السيدات من مراجعه المراكز الصحية بعد انتهاء الحظر خوفا من انتقال العدوى بفيروس كورونا وهذا ادى الى الانخفاض مؤشرات استخدام وسائل تنظيم الأسرة خلال الفترة ما تأثير تنظيم الأسرة على العائلة كبير وله ثلاث مكونات اول شيء يؤثر على صحه المرأة بشكل ايجابي او سلبي واحد يؤثر على صحه الطفل من حيث رعايته خصوصا في مرحله الطفولة المبكرة اول ثلاث سنوات وعلاقته مع افراد وثبتيه والمكون الثالث وتحقيق تخفيف العبء الاقتصادي على الأسرة وينعكس تنظيم الأسرة يخرب معدل وفيات الامهات والاطفال لأنها تقلل من مصادر الاحمال المتقاربة وغير المرغوب بها والاجهاض ويزيد من مشاركه المرأة في الاقتصاد و حصه الفرد والرفاه الاسري".