لم يكن يرغب مطلوبو مدينة معان الثلاثة الأشقاء، الذين قتل اثنان منهم في مداهمة أمنية الثلاثاء، إلا بالكشف عن هوية قتلة شقيقيهم لتسليم أنفسهم، إلا أن "عنادهم" بالتفاوض وسجلهم الأمني المزدحم بالقضايا، عجلت لحظة صدامهم مع القوى الأمنية.
الأشقاء الثلاثة من عائلة أبو دية، لم يكن لديهم سجل جرمي قبل مقتل شقيقهم عيسى في ظروف غامضة قبل عامين، على يد مجموعة مثلت بجثته في ما بات يعرف "بفضيحة الراشدية"، إلا أنهم سعوا منذ تلك اللحظة إلى الثأر له بطرق جعلتهم مطلوبين على خلفية أكثر من 60 قضية، بحسب مصادر أمنية.
وتقول عائلة أبو دية، إن اثنين من البحث الجنائي يقفان خلف مقتل شقيهم عيسى.
وأعلن الأشقاء أبو دية عداءهم بشكل علني للدولة وأجهزتها الأمنية، وهو ما ظهر جليا برفعهم علم تنظيم الدولة الإسلامية والمعروف بـ"داعش" وسط معان من باب النكاية بالدولة، بحسب الصحفي في المحافظة عبد الله آل الحصان.
يروي آل الحصان قصة الأشقاء أبو دية بقوله "في العام 2014 وبعد مقتل بدر، شقيقهم الثاني ابن الثامنة عشر من العمر، والمطلوب على خلفية قضية سرقة في منطقة المحاجر بمعان بظروف غامضة، أعلن الأشقاء نيتهم بالثأر علنا من كل الأجهزة الأمنية، ما لم يتم الكشف عن المسؤولين عن قتلهم من القوى الأمنية وتسليمهم للقضاء، إلا أن ذلك لم يتم".
ومنذ تلك اللحظة بدأ الأشقاء "أحمد وقاسم وفرج" باستهداف مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية ورفضهم بشكل مطلق أي حل تفاوضي ما لم ينص على الكشف عن هوية قتلة شقيقيهم.
وفشلت المفاوضات ما بين الدولة والأشقاء أبو دية، التي وصلت إلى أعلى مستوى، حيث يؤكد رئيس بلدية المحافظة ماجد الشراري أن المفاوضات الأخيرة كانت عبر مستشار الملك عبدالله الثاني، إلا أن فشلها بسبب "عناد" الأشقاء، دفع الأجهزة الأمنية لتلك المداهمات، على حد تعبيره.
ويضيف الشراري "استقبل أهالي معان مقتل الأشقاء أبو دية بحزن، لأنهم اختاروا هذه الطريق، كنا نتمنى حل ملف هذه العائلة بطريقة أفضل".
فيما تؤكد وزارة الداخلية أن مداهمة المكان الذي كان الأشقاء أبو دية يتحصنون فيه جاء بعد فشل المفاوضات لتسليم أنفسهم، مشيرة إلى أنهم مطلوبون على خلفية قضايا جرمية فقط، بحسب الناطق باسم الوزارة المتصرف زياد الزعبي.
وواجة الأشقاء أبو دية ومطلوب آخر القوى الأمنية بشراسة، حيث استخدموا "لغماً أرضياً وأسلحة اتوماتكية وقنابل" لصد القوة الأمنية التي أصيب من بينها 4 عناصر حالة أحدهم حرجة، إلا أن مقاومتهم لم تدم طويلاً قبل أن تتمكن القوة الأمنية من قتل اثنين منهم وإلقاء القبض على الآخرين.
ودفنت عائلة أبو دية الشقيقين "قاسم وأحمد" بالقرب من شقيقهم بدر، الذي استلموا جثمانه أخيراً من مشرحة مستشفى البشير في العاصمة عمّان، بعد رفضها استلامها إلى حين الكشف عن هوية قاتله.
وبمقتل الأشقاء الثلاثة، لم يبق الآن لوالدتهم المكفوفة سوى ابنين، أحدهم مقعد وألقي القبض عليه، وآخر ما زال مطاردا، وتحاول الفعاليات المحلية أن تقنع الدولة بالتساهل معه لكي يساهم في إعالة عائلته.
يذكر أن مدينة معان، شهدت خلال الفترة الماضية حالات من التوتر احتجاجا على التعامل الأمني الذي يصفه الأهالي بغير المبرر، أثناء تنفيذ الحملات الأمنية وملاحقة المطلوبين.