كتلة معارضة في "الأمانة"... لقرارات "تطبخ" على نار هادئة
غياب الطيف المعارض أو التكتلات الرقابية في مجلس أمانة عمان دعا مجموعة من الأعضاء لتشكيل أول كتلة في تاريخ المجلس تحت اسم "الإصلاح"، بهدف الوقوف على مكامن الخلل في القرارات التي لا تكاد تمر على المجلس إلا وتخرج بموافقة الأغلبية.
فيما يعد تشكيل هذه الكتلة في المجلس نقلة نوعية في تاريخ مجالس الأمانة خصوصاً الحالي لخلوه من الكتل، بحسب العضو المنتخب عن منطقة بدر، موسى الوحش.
وبين الوحش أن تشكيل هذه الكتلة جاء بالضرورة لوجود خلل في اتخاذ القرارات في المجلس، إضافة التماس ضعف في أداء الأعضاء كل واحد على حدة، الأمر الذي يؤكد على أهمية وجود مجموعة تتفق وتصدر صوتاً واحداً نحو الاتجاه الأصح.
ووصف الوحش وجود مثل هذه الكتلة بالظاهرة الصحية في مجلس الأمانة خصوصاً أنها تغلب المصلحة العامة على الخاصة.
فيما يشير العضو المعين يوسف أبو غليون إلى غياب الاتجاه الآخر، وهو المعارضة، بالمجلس، مضيفا أن أغلب القرارات خصوصاً ذات الأهمية تمر على المجلس بصورة سريعة جداً دون إعطائها حقها في النقاش.
ولا يقتنع أبو غليون بعملية التصويت في المجلس وعدم فتح المجال لتناول القرار ومناقشته بشكل تفصيلي، الأمر الذي يسهم في خلق فجوات وثغرات في القرارات الموافق عليها، مشددا على ضرورة وجود مجموعة كالكتلة في عملية التدقيق على القرارات والحيلولة دون مرورها سريعاً ودخولها حيز التنفيذ.
غياب الطيف المعارض والأحزاب
ويرجع أبو غليون سبب غياب الطيف المعارض في المجلس إلى غياب البرامج الجادة وآلية المحاسبة عليها والتي كانت إحدى مكونات البرنامج الانتخابي للمرشحين، إضافة إلى الثقل العشائري الغالب على الانتخابات، الأمر الذي أدى لغياب ومقاطعة طيف واسع من شرائح المجتمع الأخرى بالإضافة إلى الأحزاب.
ويرى أبو غليون أن الفوز بالانتخابات خصوصا على أساس العشيرة أدى بالأعضاء إلى تبني موقف "رد الجميل" واقتصار دورهم على تنفيذ المطالب في المساحة الضيقة للمنطقة، وعدم وجود خطة واضحة ومطالب مبرمجة للمدينة ككل.
ويضيف أبو غليون أن إمكانية وجود مصالح شخصية لدى بعض الأعضاء، سبب رئيسي أيضا أدى إلى غياب هذه الكتل والدور الرقابي بصورة عامة.
من جهته يعتبر العضو المنتخب حسين الحراسيس أن غياب الطيف المعارض في المجلس يعود لعدم وجود توافق فكري بين الأعضاء، مشيراً إلى فقدان التوافق المبرمج على نقاط عديدة.
وأكد الحراسيس على أهمية وجود تكتل موحد يقف على القرارات دون مرورها سريعا، ويسهم في تحقيق المصلحة العامة للمدينة.
نائب أمين عمان سابقاً عبد الرحيم البقاعي يربط بين غياب المعارضة بمعناها الرقابي وغياب الأحزاب عن تشكيل المجالس، موضحا أن العمل الحزبي ممنهج و مؤسسي وبعيد كل البعد عن المطالب والمصالح الخاصة، ويمكن أن يكون له دور رقابي قوي في المجلس في حال تفعيل دور الأحزاب.
ويبين البقاعين أن وجود مجلس خالي من الكتل المزودة ببرنامج عمل ممنهج وواضح يفرز مجلساً ضعيفاً يتخذ قرارات ضعيفة تنعكس على مصلحة المدينة، مضيفا أن العمل الفردي لا يمكن أن يكون له خلفية واسعة عن أمور عدة كالموازنات أو النقل العام مثلاً، بعكس العمل الحزبي الذي يضم خبرات فردية داخل عمل جماعي.
فيما يؤكد الصحفي محمد شما على أن غياب الطيف المعارض يعود بالدرجة الأولى إلى أن قانون البلديات ونظام انتخابات المجالس البلدية لا يتيح فرصة للأحزاب بالمنافسة ضمن كوتات أو قوائم لتمثيلها في المجلس .
ويبين شما أنه يجود قصور لدى الأحزاب في فهم دور المجلس البلدي أو مجلس الأمانة بوصفه صانع قرارات وسياسة المدينة، حيث ينظر لها فقط على انها مجالس فقط لمناقشة قضايا الخدمات والبنية التحتية، إلا أنه لا يرى في كل ذلك مبررا لعدم تقدم أصحاب الفكر والخبرات والحزبيين لانتخابات المجلس.
ويضيف شما أن عدم وجود الخبرة سبب في ضعف أداء العضو، حيث أن المرشح لمجلس الأمانة يعتبر المجلس مجرد "حقل تجريبي" لاختبار قدراته في العمل العام أو مرحلة انتقالية للمجلس النيابي، ما ينعكس بشكل سلبي على أداء المجالس.
ويقدر شما وجود ما لا تقل نسبتهم عن 50% من الأعضاء خلال 4 مجالس سابقة، هم أصحاب تجربة أولى في تمثيل مناطقهم بالمجالس.
ويؤكد شما على أن قرارات كثيرة شهدتها الأمانة على مر السنين افتقرت للنقاش أو وجود رأي اخر.
فيما تأكد غياب الأحزاب عن الانتخابات البلدية بمقاطعة حزب جبهة العمل الإسلامي لآخر دورة انتخابية، بسبب ما وصفه الحزب بـ"وجود تزوير في نتائج انتخابات الدورة التي سبقتها"، وهو ما يؤكده أحد أعضائه الممثلين في مجلس أمانة عمان منذ 1995 وحتى 2007، أيوب خميس.
وبين خميس أن الحزب كان معارضا بالدرجة الأولى لأي قرار يكون لغير مصلحة المدينة ومواطنيها، موضحا أن الأعضاء الحزبيين وقفوا على مر 3 دورات متتالية أمام كل توجه لا يصب في مصلحة المدينة، وحاولوا إقناع الآخرين بآثاره السلبية.
ويؤكد خميس على أهمية توفر العمل الجماعي عن طريق وجود كتلة أو حزب يمثل وجهة النظر الأخرى في المجلس، للتأثير في القرارات وتوجيهها نحو الصحيح ما ينعكس على المصلحة العامة للعاصمة.
ويشير إلى أن غياب شريحة من المجلس تعني غياب عدد كبير من المواطنين عن القرارات التي تخص عمان، وبالتالي غياب المصلحة العامة بمفهومها الحقيقي.
فيما اتسمت الجلسات الشهرية للأمانة بطابع المطالب الخدمية وبعملية تصويت، وهو الأمر الذي اعترض عليه عدد من الأعضاء في الكثير من الجلسات.
أبرز قرارات المجلس
وكان للمجلس تحفظات على عدة قرارات لم يوافق على عدد منها، وأبرزها عدم الموافقة على تجديد اتفاقية مع شركة اتصالات، حيث تم تأجيل مناقشتها مرتين متتاليتين بناء على طلب من الأعضاء، وجاء الرفض لوجود عدد من التحفظات فيما يتعلق بحصرية الاتفاقية لشركة زين وإمكانية وضع إعلاناتها في أي من فعاليات واحتفالات الأمانة.
ورفض المجلس بعد تحقيق في قضية استغلال من شركة ملابس تدير مشغل الخياطة التابع للأمانة، تجديد توقيع اتفاقية مع الشركة لإدارة المشغل، وذلك لتغير هدف الاتفاقية وتحول المشغل من تقديم دعم و تأهيل وتدريب نساء المجتمع المحلي إلى إنتاج الملابس لحساب خاص.
ومن أبرز القرارت التي تم العمل عليها، خلال فترة انعقاد المجلس، برئاسة أمين عمان عقل بلتاجي، موافقته على توصية من لجنته المالية بإعادة هيكلة قروض “الأمانة” لتصل في حدها الأعلى إلى 250 مليون دينار من بنوك محلية، وبسعر فائدة ثابت، ولمدة ثمانية أعوام.
كما صادق مجلس الأمانة على نظام ترخيص الإعلانات ضمن حدودها، وجاء تعديل النظام تماشيا مع متطلبات العصر ونتيجة التطور المعماري والتكنولوجي والتقني في صناعة الإعلان، والذي أدى إلى ظهور وسائل إعلانية جديدة غير منصوص عليها بالنظام القائم، حيث تم إتاحة إصدار نوع جديد من اللوحات الإعلانية على الواجهات الزجاجية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الأشخاص الذين يمارسون أي مهنة داخل حدود صلاحيات الأمانة، ويقومون باستعمال وسائل الدعاية والإعلان الخاصة بهم دون ترخيص .
ووافق المجلس على استكمال مشروع الباص السريع الذي أنفق عليه مليون و450 ألف دينار، من أصل القرض البالغ نحو 117 مليونًا ونصف المليون دينار، المقدم من وكالة الإنماء الفرنسية.
ووافق المجلس بالأغلبية على تجديد اتفاقية مبرمة مع الشركة المشغلة لتاكسي المميز” شركة نور للنقل”، حيث سيتم تشغيل سيارت جديدة هجينة، تتبع لبرنامج توصيل، حيث سيتم تحديد تسعيرته من قبل الأمانة.
ويبلغ عدد اللجان المحلية في المجلس 22 لجنة، فيما يبلغ عدد اللجان المنبثقة عن المجلس11 لجنة، منها اللجنة اللوائية للتنظيم والأبنية، لجنة اللوازم والأشغال، لجنة العطاءات، لجنة بيع اللوازم، إضافة للجنة الأملاك والاستملاك.