عمّان من فوق الأسطح... تلوث بصري يحتاج لغطاء أخضر

عمّان من فوق الأسطح... تلوث بصري يحتاج لغطاء أخضر
الرابط المختصر

تعتبر الطبيعة الجبلية للعاصمة عمان سمة تميزها عن غيرها من المدن، إلا أن الإطلالة الجبلية تفرض على الناظرين رؤية أسطح العمارات والمنازل التي يضج بعضها بالكثير من العشوائية، ويغطي بعضها الآخر النفايات وأكوام من كل ما لا نريده داخل منازلنا.

 

صورة جوية من فوق العاصمة، كفيلة بإدراك أي شخص أن عمان ليست خضراء، وهو ما أكده منسق لجنة مبادرة "نظف سطحك.. بلدك أجمل"، عند قيامهم برصد صور جوية للعاصمة أظهرت تلوثا بصريا لوجود أسطح مليئة بالمهملات وخزانات المياه الموضوعة بصورة عشوائية.

 

انتشار العمران وارتفاع البنايات بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، كل ذلك أدى إلى تراجع ثقافة الزراعة المنزلية لدى الأردنيين، حتى باتت من العادات النادرة التي لا يتقنها إلا القلة منهم.

 

المهندسة سوار هيكل صاحبة شركة زراعة وتنسيق حدائق تقول إنه وبالرغم من ازدياد إقبال المواطنين على زراعة الأسطح والحدائق خصوصاً في العمارات السكنية، إلا أن هذه الثقافة والوعي بأهميتها لا تشهد انتشارا بين المواطنين بالمستوى المطلوب.

 

وتضيف سوار أن الإقبال عليها يكون موسميا، حيث يكون أكبر في الصيف منه في الشتاء الذي لا يكاد يشهد احياناً أي طلب.

 

فيما يؤكد خبير الأبنية الخضراء المهندس فراس البقاعين أن الأسطح الخضراء تجربة ليست جديدة على المواطنين، بل هي إعادة لإحيائها، حيث عرف عن المدينة مبانيها المزينة بالأسطح والواجهات الخضراء سابقا، إلا أن هذه الصورة تلاشت تدريجيا مع العمران الجديد.

 

بقاعين يشدد على ضرورة إعادة نشر الفكرة وترسيخها في عقول المواطنين، بهدف تجميل المنظر العام للمدينة والحفاظ على البيئة، لافتا إلى فوائد تخضير الأسطح وزراعتها والتي تتعدى جماليتها وتصل إلى إسهامها في تبريد الأسطح وتنقية الهواء.

 

نحو "عمان خضراء"

 

الطالب الجامعي كمال الحمود يقول إن قلة المساحات الخضراء والزحف العمراني في المدينة دعاه  لتأسيس مبادرة "استر" لزراعة الأسطح وتجميلها، وقامت المبادرة بزراعة 18 سطحا مختلفا لمباني سكنية ومجمعات تجارية في عمان.

 

ولهذا الهدف أيضا، أطلقت أمانة عمان من خلال لجنة عمان خضراء 2020 مبادرة "نظف سطحك.. بلدك أجمل"، لتوسيع الرقعة الخضراء في العاصمة، والحفاظ عليها من الاعتداءات، بحسب الدباس.

 

كما ستبدأ الأمانة بتنظيف الأسطح في وسط المدينة والمناطق السياحية هناك، كخطوة أولى لتخضير هذه الأسطح وتعليق الأحواض الزراعية عليها، بحسب الدباس الذي أكد أن الحملة مستمرة ولن تتوقف أبدا باعتبارها مشروعا وطنيا بالتعاون مع وزارتي البيئة والزراعة.

 

وستقوم المبادرة بتوزيع بروشورات إرشادية على المواطنين لنشر الوعي حول تنظيف الأسطح بحسب الدباس، الذي أشار إلى أن الأمانة ستقوم بالمساعدة في حالات معينة يتعذر على المواطن فيها تنظيف سطح بيته، وذلك من خلال دوائر الأمانة المنتشرة في مختلف مناطق العاصمة.

 

زراعة الأسطح.. قرار مشترك

 

إلا أن زراعة الأسطح يمكن أن تواجهها عقبات، حيث أن العمارات السكنية المشتركة تحتاج إلى قرار مشترك من سكان العمارة لزراعة السطح، وهو أحد أسباب قيام الأمانة حالياً بدراسة تقديم مقترح لتخصيص نظام خاص بالأسطح ضمن نظام الأبنية المعمول به حالياً، بحسب الدباس .

 

ويبين الدباس أن المقترح يتضمن تقديم مخطط كامل للأسطح يوضح طريقة "فرش الأثاث" فيه من حيث مكان وضع الخزانات والخلايا الشمسية، وتخصيص مساحة للزراعة المنزلية أو لزراعة الحدائق، ويكون ذلك عند ترخيص كل مبنى وتصديقه من قبل النقابة.

 

ويحق لأي صاحب شقة سكنية ضمن عمارة التصرف بحصته على مساحة البناء من السطح، حيث يسمح له بوضع خزان مياه وخلايا شمسية، و استخدام المساحة المتبقية للزراعة.

 

كيف يزرع السطح؟

 

يبين البقاعين أن هناك طريقتين لزراعة السطح، إما بعزل السطح وزراعته بالنباتات المختلفة، أو بوضع الأحواض الزراعية وتوزيعها على المساحة.

 

ويوضح الحمود طريقة زراعة السطح بعد عزله بشكل جيد، حيث يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار فرد التربة على السطح بارتفاع لا يزيد عن 15 سم، حتى لا يؤثر ثقله على المبنى، إضافة إلى استخدام نباتات قصيرة الجذور لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء.

 

ويلفت الحمود إلى أمكانية زراعة السطح كاملاً أو جزء منه، وتخصيص المساحة المتبقية للجلسات العائلية، معتبرا أن زراعة النباتات العشبية كالنعناع والميرمية مفيدة ويمكن استغلالها.

 

تكلفة أقل

 

يستطيع أي شخص زراعة سطح منزله بأبسط التكاليف، من خلال استخدام النفايات المنزلية من علب وصناديق كأحواض للزراعة.

 

وحول تكلفة مشروع زراعة الأسطح الذي يتطلب عزلاً فإنه يبدأ من ألف دينار، فيما يبدأ السعر من 500 دينار لزراعة القواوير والأحواض بحسب المهندسة سوار هيكل، منوهة إلى أن هذه الأسعار تعرضها الشركات التجارية، إلا أن المواطن يستطيع زراعة منزله أو سطحه وحده بتكلفة تبدأ من 100 دينار، في حال كان ملما بطرق الزراعة وأنواع النبانات.

 

وتبلغ المساحة الخضراء في المملكة 1% ويقطن مدينة عمان نحو 4 ملايين نسمة موزعة على مساحة سكانية تقدر بحوالي 1700 كم 2 قسمت الى مناطق إدارية.