"سكن كريم"... سبع سنوات دون "عيش كريم"

"سكن كريم"... سبع سنوات دون "عيش كريم"
الرابط المختصر

أعاد توجه الحكومة لبناء 30 ألف وحدة سكنية ضمن خطة الاستجابة لآثار اللجوء السوري، لذاكرة الأردنيين ملف مشروع "سكن كريم"، هذا المشروع الذي بدأ بمبادرة ملكية عام 2008، وانتهى بشبهات فساد عام 2012.

 

ما تزال الحكومة تواجه أزمة في تسويق شققه غير المباعة، لأسباب عديدة أبرزها سوء الخدمات وعدم توفر البنية التحتية في مناطق المشروع.

 

كيف بدأ المشروع؟

تضمنت المبادرة الملكية عندما أدرجت ضمن خطة الحكومة التي تمتد لخمس سنوات، إنشاء 100 ألف شقة تبدأ بإنشاء 20 ألف شقة لمئات الآلاف من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط وموظفي القطاع العام، والقوات المسلحة، والأجهزة الأمنية، والمتقاعدين العسكريين والمدنيين.

 

وحددت الحكومة في ذلك الوقت، آلية التنفيذ التي تستند إلى تقديم أراض تمتلكها خزينة الدولة مجانا لإقامة هذه المشاريع، إضافة الى تحملها كلفة ربطها بشبكات البنية التحتية وإدارتها بهدف تمكين شرائح ذوي الدخل المحدود من تملك المسكن الصحي المناسب وتخفيض الأعباء المالية الملقاة على عاتقهم، وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين شرائح المجتمع وذلك من خلال توحيد معايير الاستفادة وأشكال الدعم الحكومي.

 

انطلاق المشروع

بدأت المرحلة الأولى من المشروع بإنشاء 8400 شقة، في العاصمة و الزرقاء واربد والعقبة، من خلال 7 مشاريع، وبمساحات تتراوح ما بين 90 و 150 متر مربع، ومعدل أثمان تراوح ما بين 18 ألف إلى 40 ألف دينار للشقة الواحدة.

 

خبير الاقتصاد الإجتماعي حسام عايش، يقول إن الحكومة أخطأت عند البدء بالمشروع باختيار أماكن بناء هذه الوحدات السكنية، حيث تم اختيار قطع الأراضي في أماكن بعيدة ونائية، لوفرة الأراضي هناك بأسعار متدنية.

 

ويضيف عايش بأن الحكومة أهملت ثقافة الأردنيين والعادات السائدة في المملكة بمساحات الشقق، وتوفير البنية التحتية، والمدارس والمستشفيات، في جوار هذه المشاريع.

 

وقوبلت مشاريع "سكن كريم" منذ انطلاقها انتقادات واسعة للأماكن التي حددتها الحكومة للبناء، حيث تركز معظمها عند أطراف المحافظات، وبعيدة عن المباني العامة والخدمات.

 

فالمشروع الذي أقامته الحكومة في العاصمة عمان كان في منطقة ابو علندا والديار في ماركا والمستندة، فيما توزعت مشاريع محافظة الزرقاء بين منطقة البتراوي ومدينة الملك عبد العزيز وجبل طارق، بينما كانت في اربد في منطقة الحصن/ البدر، إضافة إلى مشروع محافظة مادبا "الفيحاء" والعقبة "الشامية".

 

تحويل إلى "مكافحة الفساد".. و"المسؤولية الأدبية":

في شباط عام 2011، أحال رئيس الوزراء في حينه معروف البخيت، ملف المشروع إلى رئيس هيئة مكافحة الفساد لدراسته والتحقق منه وإجراء المقتضى القانوني .

 

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة طاهر العدوان آنذاك، أن "تحويل مشروع سكن كريم للهيئة، جاء بعد وجود شبهة فساد، إذ كشفت التقارير عن ضخامة حجم شبهة الفساد التي رافقت المشروع"، واصفا تكلفة 8 آلاف شقة بـ 240 مليون دينار بـ"الشيء المذهل".

 

وبعد ماراثون نيابي واسع، برأ مجلس النواب كلا من رئيس الوزراء الأسبق نادر الذهبي ومجلس الوزراء ووزير الأشغال العامة الأسبق سهل المجالي من مجمل شبهات الفساد التي وجهت إليهم، وذلك بناء على على التوصيات الواردة في تقرير لجنة التحقيق النيابية حول ملف "سكن كريم"، لانعدام الدليل القانوني حول وجود أي فعل يعاقب عليه القانون.

 

وأكد تقرير اللجنة أنه لم يثبت لها وجود مصلحة شخصية أو مغنم شخصي لدى الذهبي أو مجلس الوزراء أو المجالي، بالمشروع.

إلا أن التقرير حمل الذهبي والوزير المجالي "مسؤولية أدبية وسياسية"، وذلك للتسرع باتخاذ بعض الإجراءات الإدارية التي لا ترتقي بأي حال من الأحوال إلى مستوى الجريمة التي يعاقب عليها القانون.

 

 

مشاكل التسويق

ويقول الاقتصادي حسام عايش إن الحكومة تواجه تحديا تسويقيا لهذه الشقق وبيعها بسبب السمعة التي اتسم بها المشروع من شبهات الفساد و"التشطيبات البائسة"، وحاجة الشقق إلى الصيانة الدائمة.

 

ويشير إلى أن كلفة هذا السكن أصبحت أكثر من ضعفي السعر المتوقع له، ليصل إلى 40 ألف دينار أو ما نسبته 3 أضعاف السعر الذي تم الإعلان عنه عند بدء المشروع.

 

"وامتنع عدد من البنوك عن تمويل المواطنيين لشراء الشقق نظرا لمحدودية مداخيلهم، حيث لا تشمل شروط الإقراض لدى هذه البنوك أصحاب الدخل المحدود أو ما دون الـ 500 دينار"، بحسب عايش الذي يلفت إلى أن البنوك ليست مؤسسات اجتماعية لتدعم تملك الشقق للمواطنيين من أصحاب الدخول المحدودة، وعلى الحكومة أن توفر آلية آمنة لتمويل المواطنيين.

 

محاولة تسويق للمعلمين

ووفق معلومات حصلت عليها "عمان نت"، يتنافس نحو 12 ألف معلم تقدموا بطلبات للحصول على شقق من مشروع سكن كريم.

 

ويؤكد الناطق باسم نقابة المعلمين أيمن العكور تعديل وزارة التربية والتعليم لأسس الحصول على شقق "سكن كريم"، لتمكين أكبر عدد من المعلمين من الاستفادة من المشروع، "الأمر الذي جعل الصورة ضبابية أمام النقابة".

 

ولفت العكور إلى أن الأسس الجديدة التي وضعتها الوزارة ستقلص أعداد المستفيدين من الشقق مما سيزيد المنافسة بين المتقدمين، موضحا بأن النقابة لم تطلع حتى الآن على صورة هذه الشقق وطبيعتها ومساحتها، وأماكنها وتوفر الخدمات في محيطها.

 

وطالبت النقابة بأن يتم تشكيل لجنة فنية هندسية لتقيم الوضع الفني الهندسي لهذه الشقق للتأكد من صلاحيتها.

 

يذكر أن تقرير الرقابة النوعية لديوان المحاسبة حول تقيم أداء مشروع "سكن كريم لعيش كريم"، أظهر أن تخطيط وتنفيذ المبادرة يشوبها العديد من المآخذ والمخالفات القانونية والإجرائية والفنية.

 

واشار تقرير ديوان المحاسبة لعام 2013 إلى أن مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري لم تحقق الهدف الرئيسي لـ"سكن كريم"، وذلك لعجزها عن وضع خطة متكاملة لتمويل المشروع، الذي بلغ إجمالي ما تحملته الحكومة من نفقات ضمنه حوالي 203 مليون دينار.