رغم انخفاضها.. الحوادث المرورية "ثاني سبب للموت في الأردن بعد الأمراض القلبية"

رغم انخفاضها.. الحوادث المرورية "ثاني سبب للموت في الأردن بعد الأمراض القلبية"
الرابط المختصر

 

مع انخفاض الوفيات والإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية في المملكة عام 2014، حيث سجلت الوفيات انخفاضا بنسبة 10.4 بالمائة لتصل إلى 688 حالة فيما انخفضت الإصابات بنسبة 7.3 بالمائة لتصل إلى 14790 إصابة، وفقاً لأرقام مديرية الأمن العام، إلاّ ان الحوادث المرورية لا زالت تشكّل هاجساً  لكثير من أفراد المجتمع.

 

لا تقتصر آثار الحوادث على الجانب المادي وحسب، إنما أيضاً لها آثار تستنزف الطاقات البشرية، حيث تشكل "ثاني سبب للموت في الأردن بعد الأمراض القلبية"، وفقاً للأمن العام.

 

فيما تصل نسبة التسبب البشري _ سائق ومشاة _ للحوادث إلى 90 % ، وهذا ما يؤكده رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس نزار العابدي لـ عمان نت، حيث يضيف أن "عدم الإلتزام بقواعد المرور وإدارك أهميتها سبب رئيس في ازدياد الحوادث، مشددا على ضرورة تخفيف السرعة من السائقين والزامهم بذلك على الطرقات"، حيث تبيّن التجارب الدولية أن تخفيف السرعة لكيلو متر واحد تسهم في تخفيض نسبة الحوادث بنسبة 10 %.

 

ويدعو العابدي إلى الإهتمام بمفهوم التربية المرورية في المدارس، والذي سعت له الجمعية مرارا مع وزارة التربية والتعليم لتضمينه المناهج وأن لا تقتصر التوعية على ندوات ومحاضرات وفعاليات بين فترة وأخرى، إلاّ أن "المحاولات تنتهي بالفشل مع تغيّر رأس الوزارة"، يقول العابدي.

 

وبالرغم من الحديث المتكرر بوسائل الإعلام والجهود المبذولة من قبل إدارة السير والمنابر الأخرى للتوعية بحوادث المرور يرى العابدي بأن هذه الجهود "غير ممأسسة".

 

يتزامن ذلك مع شهادات مواطنين بأن "شهادات القيادة تباع أحيانا في بعض مراكز تدريب قيادة السيارات، وعدم جدية الفحص في إدارة السير وقلّة ممارسة القيادة أو ندرتها لعدد من السائقين الذين يشترون سيارات بعد سنوات من إقتنائهم للرخص وبنية تحتية غير مؤهلة".

 

من جهته، يشدد الخبير في علم النفس باسل الحمد على اشتمال مفهوم البنية التحتية على المركبة، وأن لا يقتصر المفهوم للدلالة على الطرق.

 

ويشير العابدي إلى أن "إصلاح البنية التحتية لا يجب أن يقتصر على تعبيد الطرق، بل يتعدى ذلك إلى إيجاد حلول هندسية للبؤر المرورية الساخنة والمناطق التي تسجل نسبة أعلى بحوادث المرور".

 

فيما تتسبب الظروف البيئية المحيطة من ازدحامات وتلوث وزيادة في عدد المركبات وفشل نظام النقل العام وضياع الوقت على المواطنيين، وظروف العمل وضغوطات الحياة اليومية بالإضافة إلى فصل الصيف وبث الإذاعات في أوقات الذروة للمحفزات السلوكية من أغاني كـ "نخلي عظامه تطقطق" بالحوادث، بحسب الحمد.

 

مضيفا بأن "الحوادث المرورية لا تخضع لدراسة نفسية وسلوكية"، داعيا إلى التشدد في "التدريب والإعداد" وزيادة عدد الدروس التي يخضع لها السائق إلى 50، حيث تبيّن الدراسات أن الإنسان بحاجة إلى تكرار الفعل 21 مرة على الأقل لاكتسابه وممارسته بمهارة.

 

ويوضح الحمد أن "العادات الميكانيكية التي يقوم بها الإنسان كإستخدام الغماز" عادة ما يمارسها الإنسان الذي تدرب عليها بداية تلقيه الدروس، وتصبح فيما بعض عادة تمارس "كقدرة حركية تنسيقية إدراكية"، تغيب عند من لم يتعلمها منذ البداية.

 

ويشدد الخبير النفسي على أن "زيادة فرض الغرامات ورفع قيمة العقوبات على المخالفين أو إعفائهم منها لا يؤتي أكله ويخالف القواعد التربوية النفسية"، مشيرا إلى أن القاعدة السلوكية تقول إنه "يجب فرض القانون في جميع الأوقات وعلى الجميع وبتساو ومناسبة العقوبة لطبيعة المخالفة"، فترى المخالف يعاقب مرة ومرتين وأكثر في أوقات متقاربة بذات العقوبة حتى يتم ردعه، الأمر الذي يزعج المواطنين أحيانا.

 

وفي حال جلوس السائق خلف المقود تتولد لديه حالة نفسية تتسم "بالمدافعة" عن قراراته، ومع ازدياد أعداد المركبات وغياب نظام مواصلات فعّال ومتطور يزداد عدد متخذي القرارت والمدافعين عنها في الشارع. "مدافعة سببها الخوف أثناء القيادة من الذات ومن الآخر" يقول الحمد.

 

وقد يتخذ السائق قرارا خاطئا ويخالف قواعد المرور فترى البعض ينحى نحوه ويكرر ذات المخالفة، الأمر الذي يفسره علم النفس بـ "مجموعة شهود العبور" وهم الذين إذا تواجدوا مع جماعة بمكان وقوع الجريمة لا يميلون للإبلاغ عنها، بينما يميلون للإبلاغ إذا كانوا بمفردهم.

 

هؤلاء الأشخاص المقلدين للمخالفات المرورية "هل خالفوا القانون بقرار لمجرد مخالفته من أشخاص آخرين، أم لأن منظومتهم الأخلاقية غير متطورة وغير مركبة ولم يصبح ضميرهم ذاتيا"؟.