رحيل الثلاثي الأمني يعيد رسم الخطوط الحمراء في الأردن

رحيل الثلاثي الأمني يعيد رسم الخطوط الحمراء في الأردن

أسفرت استقالة وزير الداخلية حسين المجالي وإحالة مديري جهازي الأمن العام والدرك إلى التقاعد، عن انقلاب الرأي العام الأردني على منظومة الإدارة الأمنية في الأردن، معتبرين أنها تشهد انحدارا في الأداء والنوايا، ليصبح من الصعب إعادة بناء جسور الثقة بينها وبين الأردنيين، إلا في حال استطاعت أن تتخلى عن منهجها الذي اتبعته في عدد من القضايا خلال الآونة الأخيرة.

 

وجاء رحيل الثلاثي الأمني لما قيل إنه "سوء تنسيق في الملفات الأمنية الهامة"، وذلك بعد فشل الأجهزة الأمنية في القبض على عدد من المطلوبين في محافظة معان جنوب الأردن، في مطاردة شهدت إقدام الأمن على هدم بيوت مطلوبين، في خطوة اعتبرت غير مسبوقة، وتركت استياءً واسعاً في المحافظة الجنوبية.

 

ولم يستطع المجالي والأجهزة الأمنية على مدار أكثر من عام ونصف حل ملف المطلوبين في معان، وعلى العكس كان الملف يتأزم بسبب الإصرار على حله بطريقة أمنية، رغم إمكانية حله سياسياً، بحسب محليين، وتزامن ذلك مع تكرار الملاحظات الحقوقية على طريقة عمل الأجهزة الأمنية، وخاصة بعد مقتل الشاب عبدالله الزعبي في مركز أمني بمحافظة إربد.

 

الكاتب والمحلل السياسي عمر كلاب يرى أن الخصومات بين مدراء الأجهزة الأمنية أدت إلى حدوث خلل كبير في منظومة العمل الأمنية في البلاد خلال الفترة الماضية، وتجلت بشكل واضح بطريقة التعامل مع ملف المطلوبين في معان.

 

كلاب يؤكد بأن الوضع الداخلي الأمني خلال هذه الفترة لم يكن يسمح بهذه الخصومات والاصطفافات داخل الأجهزة الأمنية والتي وصلت إلى حد الشخصنة في التعامل، وأدت إلى "سقوط مريع لمنظومة الأمن الاجتماعي"، من خلال سلوكيات الأجهزة الأمنية الأخيرة.

 

ويذهب الكلاب إلى أن وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية كانت مصرة على معالجة الملفات بطريقة أمنية بحتة، وهو ما تسبب بزيادة حساسية المواطن تجاه هذه الأجهزة، وصلت إلى عدم الثقة أحياناً.

 

وأضحت حالة الثقة بالأجهزة الأمنية في مستويات دنيا، وخاصة في محافظة معان التي لم تستطع أن تخفي فرحتها بإقالة الثلاثي الأمني، حيث قام عدد من المواطنين بتوزيع الحلويات، بحسب رئيس البلدية ماجد الشراري.

 

ويفسر هذا الواقع تدني نسبة المواطنين الذين يرون بأن القانون مطبق بشكل عادل على الجميع، حيث لم تتجاوز نسبتهم 18%، بحسب وثيقة الأردن 2025 التي أطلقها الملك قبل أيام.

 

ويأمل الشراري أن تكون إقالة الثلاثي الأمني من باب رفض نهجهم في التعامل مع الملفات الأمنية وتحديدا ملف معان.

 

وعن المستقبل، يثق كلاب بقدرة الأمن العام على إعادة ثقة الأردنيين به، إلا أنه يرى أن نهج مدراء الجهاز السابقين الذين كانوا يعملون على إقالة الضباط ويشكلون خطراً على وجودهم، سيجعل من مهمة الاختيار صعبة.

 

ولا يأمل البعض بأن يعاد تعيين وزير داخلية ذي خلفية أمنية، إنما يتطلعون إلى "عقلية سياسية وبأدوات أمنية"، كما وصفه كلاب.

 

وجاءت إقالة الثلاثي الأمني في الوقت الذي كان يعتقد فيه البعض أن الأجهزة الأمنية تملك ضوءً أخضر لممارساتها نظراً للتوترات الإقليمية، إلا أن هذه خطوة أعادت رسم الخطوط الحمراء في الأردن من جديد.

أضف تعليقك