مع تواصل خسائر شركة الخطوط الجوية الملكية، تضع إدارتها بـ"صمت" الخطط الهادفة للحد من تصاعد هذه الخسائر التي تفاقمت خلال السنوات الأربع الماضية.

وترفض إدارة الشركة الحالية إيضاح الخطط التي تعتزم إجراءها، والتي يقوم بإعدادها مستشارون ماليون وفنيون تم تعيينهم للحد من خسائرها التي بلغت حتى نهاية أيلول الماضي حوالي 91 مليون دينار، متجاوزة الحدود القانونية.

وفضل رئيس مجلس الإدارة سليمان الحافظ "العمل بصمت" ، على حد تعبيره، دون الإفصاح عن أي من الإجراءات التي ستتخذها الشركة، قبل آذار المقبل، وهو الموعد الذي منحته الحكومة للشركة للسماح لها بتجاوز مؤشراتها المالية.

فقد سمحت الحكومة العام الماضي بأن تتجاوز خسائر الشركة نسبة 75% من رأسمالها، التي يقضي قانون الشركات بأن تجاوزها يلزم الحكومة بتصفية الشركة، حتى آذار، ما لم تجر زيادة على رأسمالها.

كما وافق مجلس الوزراء على رفد رأسمال الشركة بخمسين مليون دينار بزيادة حصة الحكومة الأكبر فيها لتجنب خيار التصفية، إلا أن هذه الزيادة لم تظهر على رأس المال، وفقا لمراجعة البيانات المالية للـ"الملكية" طيلة السنوات العشر الأخيرة.

وأجرت الحكومة مباحثات خلال العام الماضي لشراء حصة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق نجيب ميقاتي من أسهم "الملكية، إلا أن الأخير رفض بيع أسهمه التي تشكل 19% من مجموع أسهم الشركة، بسبب خلاف على الأسعار.

ويؤكد المحامي محمد العماوي ضرورة تزامن رفع رأسمال الشركة مع وضع خطة وإجراءات وقائية، إضافة إلى أهمية إعادة الهيكلة الاقتصادية والإدارية لها.

فيما يرى المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي، أن زيادة رأس المال ستنعكس سلبا على نشاط الشركة بعد مدة قصيرة مع نفاد هذه الزيادة.

ويشير الدرعاوي إلى أن السبيل لخروج الشركة من "مأزقها"، يتمثل بهيكلة الدعم الموجه لـ"الملكية"، وخفض عدد الطائرات المستأجرة، وتخفيض عدد القوى البشرية.

وكان رئيس مجلس إدارة "الملكية" السابق المهندس ناصر اللوزي قد أعلن خلال اجتماع الهيئة العامة نهاية عام 2013، أن الشركة ستعيد هيكلة الموارد البشرية، حيث تتيح المجال أمام العاملين للتسريح الاختياري مقابل التعويض المالي، وعدم تعيين بدلاء إلا في الحالات الضرورية.

ولسد حاجات الشركة من المحروقات، التي ارتفعت فاتورتها لتصل إلى 285 مليون دينار، سمحت الحكومة لها بشراء وقود الطائرات من مختلف المصادر المحلية، والتعاقد مع شركات التسويق العاملة في المملكة لإتاحة الفرصة لها بالحصول على أسعار منافسة.

ويقابل هذه المحاولات الحكومية، تراكم مديونية "الملكية لصالح مصفاة البترول الأردنية الذي بلغ 90 مليون دينار - بحسب بيانات شركة مصفاة البترول في نهاية ايلول الماضي.

"الربيع العربي".. خريف على "الملكية"

هبّت رياح "الربيع العربي" بما لا تشتهي شركة الخطوط الجوية الملكية، إذ توالت خسائرها إلى حد يهددها بالتصفية قانونيا، مقابل محاولات حكومية لتجنب هذا الخيار.

ولا يمكن وصف واقع الشركة "المساهمة العامة" بأنه في أحسن أحواله، حيث بلغت  خسائرها حتى أيلول الماضي حاجز الـ91 مليون دينار، وهو ما يتجاوز نسبة الـ100% من رأسمالها البالغ 84 مليون دينار.

هذا الحد من الخسائر، حدا بإدارة السوق المالي لتعليق التداول بأسهم الشركة منتصف الشهر الجاري ليومين متتاليين، استنادا إلى أسس هيئة الأوراق، لتعود إلى التداول وسط تذبذبة حجما وسعرا لأسهمها التي انتهت إلى الانخفاض وصولا إلى 0.56 قرشا للسهم.

ويكمل العام الماضي سلسلة خسائر الشركة خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغت عام 2011 ما قيمته 57.0 مليون دينار، و36.4 مليون للعام التالي، لتصل عام 2013 إلى 75.3 مليون دينار.

فيما حققت الشركة أرباحا خلال العامين السابقين لـ"الربيع العربي"، بعد تكبدها خسائر هائلة عند نهاية عام 2008 بلغت 24.6 مليون دينار، والتي أرجعتها إدارة "الملكية" إلى شرائها كميات من النفط بأسعار مرتفعة تخوفا من استمرار مسلسل الارتفاع، إلا أنها انخفضت بشكل مفاجئ كلف الشركة خسائر بـ40 مليون دينار.

وترجع الشركة مجمل هذه الخسائر إلى حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا في سورية و لبنان، فضلا عن التكاليف التشغيلية للشركة، وتوقف بعض رحلاتها إلى عدد من الدول، حيث قدرت خسائرها جراء توقف رحلاتها إلى سورية وتحويل مسارها لبيروت بـ13.9 مليون دينار.

ذكر أن مساهمة شركة الطيران الملكية بالإنتاج المحلي الإجمالي بلغت العام الماضي حوالي 378.5 مليون دينار وبنسبة 2-3%.