"تعكير صفو العلاقات" .. "تُعكر" حرية التعبير

"تعكير صفو العلاقات" .. "تُعكر" حرية التعبير

باتت تهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية" مصدر قلق لأي مواطن قد يفكر بانتقاد دولة ما حتى ولو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة إن كان الأردن يعتبرها دولة صديقة.

 

وتعتبر "تهمة تعكير صفو العلاقات مع دولة أجنبية" بعد تعديل قانون منع الإرهاب عام 2014 من اختصاص محكمة أمن الدولة، ويعاقب عليها بالسجن لمدة 5 سنوات بحسب المادة 118 قانون العقوبات، فيما قد تصل العقوبة إلى 15 عاماً في حال حكم عليها بالاشغال الشاقة المؤقتة استناداً إلى قانون منع الإرهاب.
 

1111111

وشهدت الفترة الاخيرة تحريك عدد من قضايا "تعكير صفو العلاقات" لشخصيات تحسب على المعارضة من بينها نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني إرشيد بعد انتقاده دولة الإمارات عبر حسابه على موقع الفيسبوك، والذي أدين وحبس لمدة عام ونصف، كما أوصت اللجنة القانونية برفع الحصانة عن النائب طارق خوري بعد اتهامه بذات التهمة إثر نشره كتابات بعد خطاب الملك عبدالله الثانية بداية آذار على موقع التواصل "تويتر"، والتي اعتبرتها النيابة العامة تعكيرا للعلاقات بـ"دول الجوار" دون تحديدها حتى.

 

ووجهت هذه التهمة إلى عدد كبير ممن حاولوا الوصول إلى سورية للمشاركة في القتال هناك، حيث اعتبرت محكمة أمن الدولة أن محاولتهم الذهاب إلى سورية من شأنها أن تعرض الأردن لخطر هجمات إرهابية، وتعكر صفو العلاقات مع دولة أجنبية، استناداً إلى المادة الثالثة من قانون منع الإرهاب.

 

وبحسب قرارات محكمة التمييز التي اطلعت عليها "عمّان نت" فإن المشرّع لم يشترط وقوع الضرر الفعلي على العلاقات بالدولة الأجنبية أو تعرض الأردن لهجمات إرهابية حتى يدان المتهم "بتعكير صفو العلاقات"، حيث اعتبر أي فعل يرى القاضي أن "من شأنه" أن يعرض الأردن لهذه الأخطار كافٍ للإدانته.

 

التهمة الموجودة في قانوني منع الإرهاب والعقوبات تعتبر "مثيرةً للجدل"، حتى أن بعض المختصين في الدستور الأردني يعتبرونها "غير دستورية"، ومن بينهم برفيسور القانون محمد الحموري، الذي يؤكد أن هذه التهمة تخالف المادتين 15 و128 من الدستور، واللتان تمنعان سن قوانين قد تؤثر على حرية الأردنيين بالتعبير عن آرائهم.

 

"ويكمن الخطر في هذه التهمة بإمكانية توجيهها لأي مواطن حتى لو كان يتحدث عن أمور عادية وانتقد فيها دولة ما، حتى لو كانت مباراة كرة قدم، أو انتقاد ما يجري في دول الجوار كمصر وسورية على سبيل المثال، خاصة أنها لم تشترط وقوع الضرر الفعلي على العلاقات بتلك الدول"، بحسب عميد كلية الحقوق في جامعة الإسراء حمدي قبيلات.

 222222

ويعتبر الحموري أن هذه التهمة قد تلاحق كل من يعبر عن رأيه، واصفا إياها بـ"السيف المسلط على رقاب الأردنيين"، وبخاصة بعد التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات عام 2011، والتعديلات التي أدرجت على قانون منع الارهاب عام 2014.

 

ويتساءل الحموري عن طبيعة "الأعمال التي لم تجزها الحكومة" التي تنص عليها المادة القانونية.

 

وسبق أن فسخت محكمة الاستئناف حكماً بحق مواطن اتهم "بتعكيرصفو العلاقات" عام 2014 بعد توجيهها إلى المعارض السياسي والمستشار الدولي في الشؤون البيئية  سفيان التل عندما انتقد مشاركة الأردن في الحرب في أفغانستان، منتقدا العلاقات الأردنية الأمريكية خلال لقاء مع قناة الجزيرة عام 2010.

 

وكان الحموري وقتها محامي دفاع التل، وقال في مرافعته إن موكله قام بما يمكن أن يفعله مئات الأردنيين الذين يملكون آراءً قد لا تنسجم مع مواقف الحكومة، وعرض وقتها على المحكمة كتابات كتبها بنفسه ينتقد فيها الحكومة الأردنية وعلاقتها بواشنطن، لتوضيح أن ما فعله موكله لا يتجاوز حرية الرأي والتعبير.

 

وبات الحصول على البراءة من هذه التهمة صعبا للغاية بعد أن أدرجت ضمن اختصاصات محكمة أمن الدولة استنادا لتعديلات قانون منع الإرهاب، بحسب الحموري.

 

ومن المنتظر أن تعيد وزارة العدل فتح قانون العقوبات لإعادة النظر فيه، وسط مطالب حقوقية بتعديل المادة المتعلقة بتهمة تعكير صفو العلاقات، وعدم إدراجها ضمن اختصاصات محكمة أمن الدولة.

أضف تعليقك