الليلة التركيّة التي لفتت أنظار العالم

الليلة التركيّة التي لفتت أنظار العالم
الرابط المختصر

كانت ليلة الجمعة في تركيا ليلة عاصفة، أسهرت عيون العالم على متابعة محاولة الانقلاب العسكري ضد الرئيس رجب طيب أردوغان عبر مختلف وسائل الإعلام، الأمر الذي ترك صداه بين أعمدة كتاب الرأي والمقالات في الصحف اليومية.

 

الكاتب فهد الخيطان، لا يرى أن الانقلاب قد فشل فقط، بل أن ما حصل يمثل ضربة قاضية لما تبقى من إرث الجمهورية الأولى؛ جمهورية أتاتورك، ومبادئها، وبداية عهد جديد؛ عهد جمهورية طيب رجب أردوغان.

 

ويضيف الخيطان أن الضباط الذين تحركوا للسيطرة على السلطة،  كانوا على ثقة بأن النجاح سيكون حليفهم مثلما كان الحال مع أقرانهم من قبل، كما أن العالم كله قد اعتقد لبعض الوقت أن الانقلاب نجح بالفعل، ولكن بعد ساعات قليلة تبدل الموقف؛ فقد تبين أن الجيش منقسم حول الانقلاب، وقوات الأمن والدرك تقف ضد الانقلابيين.

 

فيما كان الشارع التركي تحت تأثر الصدمة، وهو يرى الدبابات تحتل الساحات العامة، وبعد رسالة قصيرة عبر"سكايب" من أردوغان نزل الآلاف إلى الشوارع ضد الانقلاب، وبالنتيجة وجد الانقلابيون أنفسهم معزولين في الشارع والنخبة السياسية، ولايحظون بالدعم الكامل من قبل الجيش، فلم يكن أمامهم من خيار سوى الاستسلام.

 

ويشير الكاتب إلى أن محاولة الانقلاب الفاشلة أعطت الحزب الحاكم تفويضا مطلقا لحكم البلاد، بأقل مستوى من المعارضة. وهى بمثابة درس أبدي للجيش ينهي أحلامه مستقبلا بالسلطة والتحكم بمسار البلاد.

 

فيما تذهب الكاتبة جمانة غنيمات، أن محاولة الانقلاب بدأت فاشلة، وأخذت مظاهر هذا الفشل تتضح مع مرور الوقت؛ وأهمها أن الأحزاب المعارضة لحكومة "العدالة والتنمية" رفضت فكرة الانقلاب العسكري، بما في ذلك حزب "الشعوب الديمقراطي" الممثل للأكراد.

 

وعلى صعيد مواقف الأطراف الدولية المؤثرة تقول الكاتبة "كانت ردود أفعال غالبيتها العظمى، غامضة في بدايات القصة، من خلال تصريحات خجولة تطالب بعدم إراقة الدماء. ثم مع اتضاح الصورة أكثر، خرجت مواقف واضحة تدعم الحكومة المنتخبة وتؤكد احترام الدستور والعملية الديمقراطية".

 

الكاتب عريب الرنتاوي يتطرق الى موقف المعارضة التركية من الإنقلاب ويقول " يسجل للمعارضة التركية، أنها اتخذت الموقف الصحيح في الوقت الصحيح ...كما يسجل للشعب التركي، من مؤيدي أردوغان ومعارضيه، أنه خرج بنفسه إلى الشوارع والميادين دفاعاً عن مكتسباته، ولم تنطل عليه حكاية “حركة السلام” ولا شعارات إنقاذ الديمقراطية والعلمانية، فالعسكر يمكن أن يكونوا علمانيين، بل وعلمانيين متشددين".

 

إلا أنه يرى أيضا أن "ما شهدته تركيا في السنوات الخمس الأخيرة من حكم "الزعيم" و"الحزب"، أفضى من دون ريب، إلى إحداث اختلالات كبرى، لا ينكرها سوى "أنصار الزعيم" واتباع خطابه الإيديولوجي، القائم على "شيطنة" المعارضة وتخوينها وتكفيرها وشن أقذع الحروب والحملات عليها، بمناسبة ومن دون مناسبة ... لم ينج أحد في تركيا من "لسان الزعيم الطويل"، والرجل الذي تعهد بحفظ التنوع والتعدد وقواعد اللعبة الديمقراطية التي جاءت به، بدأ ينقض عليها، بإجماع المراقبين والمحللين والباحثين في العالم، باستثناء أنصاره وأنصار حلفائه من الحركات الإسلامية العربية بشكل خاص".

 

وحول الهدف من محاولة الانقلاب يكتب حسين الرواشدة أن الذي جرى في تركيا "لم يكن يهدف إلى إنهاء حكم أردوغان وحزب التنمية والعدالة وإعادة الاعتبار لحكم العسكر فقط، وإنما كان الهدف إسكات صوت الشعب التركي وكسر إرادته وإلغاء منطق "الصناديق"، ثم القبض على روح الثورات العربية التي كانت تركيا أكبر الداعمين لها، تمهيدا لتعميم العسكرة في المنطقة، وإعادة الشعوب إلى بيت الطاعة، ومعاقبة كل من يفكر "بالتمرد" على المخططات الجاهزة لرسم خرائط بلداننا من جديد، وصولا إلى تتويج إيران شرطيا على المنطقة ومنح إسرائيل "شيكا" على بياض لتحقيق رغباتها من دون أن يقف في وجهها أحد" .

 

أما الكاتب باسم الطويسي يعتقد أن "هنالك أسئلة غامضة ما تزال الإجابة عنها شائكة حول تفاصيل المحاولة الانقلابية ولا توجد معلومات شافية حولها، هذه الأسئلة تزيد من قوة نظرية أن المحاولة الانقلابية مدبرة. أصحاب هذا الاتجاه يرون أن الحزب الحاكم لجأ لهذا السيناريو من أجل استهداف المعارضة ويتيح المجال لأردوغان لإطلاق يده في تطهير الجيش من القوى والجماعات المناوئة لبرنامجه السياسي، ومن أجل إضفاء المزيد من الشيطنة على أحزاب المعارضة وعلى رأسها "حزب الشعب الجمهوري" وجماعة فتح الله غولن، وفتح المجال أمام مراجعة دستورية تنزع الصلاحية الدستورية الممنوحة للجيش من التدخل في الحياة السياسية، فكما هو معروف فإن الدستور التركي يتيح للجيش التدخل في الحياة السياسية إذا كان هناك تهديد للعلمانية ومبادئ الاتوتركية التي أُسست عليها تركيا المعاصرة".

 

الكاتب صالح القلاب اعتبر نجاح محاولة الانقلاب في تركيا "إنتكاسة كبيرة في مسيرة هذه الدولة الإسلامية، التي تحتل موقعاً "إستراتيجيا" هاماً بين الغرب الأوروبي والشرق الآسيوي والتي كانت جربت الإنقلابات العسكرية على مدى نحو قرن بأكمله منذ إنقلاب مُصطفى كمال "أتاتورك" ضد الخلافة العثمانية في بدايات عشرينات القرن الماضي وحتى إنقلاب بدايات عام 1980 الذي من المفترض أنه آخر حلقة في سلسلة إنقلابات طويلة إتخذت حجة لعدم إلتحاق أنقرة بالعائلة الأوروبية التي بقيت تغلق أبوابها في وجه هذه الدولة التي لبعض دولها معها تجارب مُرة قديمة".

 

ويقول إن "السؤال الذي غدا مطروحاً حتى قبل إنكشاف أسرار كثيرة ستكشفها الأيام المقبلة القريبة أو البعيدة هو: هل هناك يا ترى أي مبرر لهذه المحاولة الإنقلابية التي لو أنها نجحت، ونحمد الله مثنى وثلاث ورباع أنها لم تنجح، لقلبت المعادلات السياسية في الشرق الأوسط كله لغير مصلحة العرب وعلى غرار ما كانت عليه الأوضاع قبل أن تدير تركيا وجهها، وإنْ ليس إستدارة كاملة، تجاه هذه المنطقة "العربية" وتجاه قضاياها الضاغطة وعلى رأسها القضية الفلسطينية" .

 

بدوره يعلق الكاتب عمر عياصرة ويقول إن وحده الشعب التركي هو من تمكن من حماية إرادته وخياراته أمام محاولة "بعض العسكر" الانقلاب على حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.

 

أردوغان لجأ إلى الحل السحري، إلى الناس والجماهير، فخاطبهم عبر "السكايب" أن اخرجوا إلى الشوارع حماية خياركم وارادتكم من الاغتيال.

 

يتابع خرجوا ببساطة دون خوف وتردد، والسؤال: لماذا اندفع الناس نحو حماية منجزهم الديمقراطي، لماذا لم تخف الجموع من قسوة وسطوة العسكر.

أضف تعليقك