ما زالت هيئة مكافحة الفساد تعمل على تقييم حجم قضية البيع الآجل أو ما بات يعرف إعلامياً "بالترميش" الذي انتشر في عدد من مناطق المملكة، وخاصة الجنوبية منها، مما يزيد من احتمالية توقيع حجوزات مالية جديدة على المسؤولين عن هذه القضية أو من ينوب عنهم بالتعامل.
هيئة مكافحة الفساد أكدت استمرارها التحقيق في القضية، وأن عملية الحجوزات المالية تأتي لطمأنة المواطنين الذين تعاملوا "بالترميش" على أموالهم، بحسب الناطق باسم الهيئة عمر عبندة.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه مصدر قضائي أن حجم الأموال التي وقعت بين يدي المسؤولين عن "الترميش" لم يتم تقديرها حتى الآن بسبب حجم المشاركين في هذه القضية، وأن التحقيق لا يزال مستمرا.
ويعتبر الحجز على الأموال إجراء احترازي في القضايا المالية التي يشتبه بوجود فساد فيها، حتى يثبت العكس، وهو ما تم خلال الأيام الماضية، حيث تم فك الحجز عن عدد من الذين اتهموا بالتعامل في قضايا "الترميش" في مدينة وادي موسى بالبتراء.
ما هو "الترميش"، وما أصل التسمية ؟
أصل تسمية "الترميش" جاءت من قصة شخص سعودي اسمه "حمزة أبو رمش"، الذي قام بشراء سيارات من مواطنين سعوديين مقابل شيكات مؤجلة لشهور قيمتها أعلى بـ 50% من قيمة السيارة المباعة، قبل أن يلتقط "الفكرة" عدد من المستثمرين السعوديين الذين تراكم على بعضهم ديون كبيرة بسبب عدم قدرتهم على الالتزام بدفع قيمة الشيكات المؤجلة.
في الأردن بدأت العملية في الجنوب، وخاصة في مدينة وادي موسى، حيث بدأ قبل نحو عام عدد من الأشخاص بممارسة عمليات الترميش إلى أن وصل عددهم إلى خمسة بسبب زيادة إقبال المواطنين على هذه العملية، ثم توسعت لتصل إلى بقية محافظات الجنوب، وزاد عدد المتعاملين فيها.
كيف تتم عملية ا"لترميش" في الأردن ؟
يقول المتعامل بـ"الترميش" عطا هلالات، والذي يصر على أن يتم وصفه بالمستثمر، في مدينة وادي موسى، إن دوره يقوم على شراء السيارات بمبالغ عالية مقابل شيكات مؤجلة تفوق القيمة الأصلية بنسب تترواح من %30 إلى 50% في بعض الحالات.
وعن الفائدة من وراء ذلك بالنسبة له يقول هلالات إن الفائدة تكمن بتجميد المبالغ المالية والحصول على سيولة تسمح لي باسثتمارها، ثم سداد هذه الأموال إلى أصحابها.
يرى هلالات أن العملية "قانونية" تماماً، إلا في حال "قصر" بسداد قيمة الشيكات المؤجلة، وهو الذي لم يحدث معه حتى الآن، حيث تم استجوابه من قبل الأمن الوقائي مؤخراً ولم يتم توجيه أي تهمة له، كما لم يتم التحفظ على أمواله من قبل هيئة مكافحة الفساد.
"لا عقلانية" فكرة تحقيق أرباح بهذا الحجم خلال فترة قصيرة، أثارات تساؤلات بعض سكان وادي موسى والجنوب بشكل عام، إلا أنها ركدت لحين بدأت هيئة مكافحة الفساد ملاحقة المتعاملين فيها.
أهالي الوادي السياحي وصل فيهم مستوى الشك إلى الاعتقاد بأن المسؤولين عن هذا الملف كانوا يهدفون إلى إجبار الأهالي على بيع أراضيهم وشراء سيارات و"ترمشيها"، وهو ما سيؤدي تدريجياً إلى أن تنتقل ملكية هذه الأراضي إلى المستثمرين السياحين بأسعار زهيدة.
ويقول مواطنون في محافظات من بينها الزرقاء، إن بعض "المرمشين" بعد أن حصلوا على ثقة محلية توقفوا عن سداد الشيكات المؤجلة.
الخبير والكاتب الاقتصادي سلامة عياش يقول إن هذا الشكل من التعاملات المالية لا بد أن يكون شكلاً من أشكال الاحتيال، وأن طبيعة الأموال التي تم التعامل فيها بعملية "الترميش" تشوبها الشكوك
ويشير عايش إلى أن مسألة بهذا الحجم لا بد أن تكون منظمة، وهناك من يخطط لها بدقة من أجل أهداف معينة يصعب التعرف عليها.
وسيتضح حجم قضية "الترميش" وأثره وغاياته في الأردن خلال الفترة المقبلة، مع تقدم تحقيقات هيئة مكافحة الفساد، علماً بأن التحقيقات في هذه القضية بالسعودية لم تصل إلى إدانة القائمين عليها.