وفقا لإحصائية أطلقها ملتقى سيدات الأعمال والمهن الأردني بالشراكة مع مركز المشروعات الدولية الخاصة (سايب) فقد أظهرت نتائج دراسة بعنوان
"تقييم الأثر الاقتصادي لكوفيد- 19، على الشركات المملوكة للنساء في الأردن"
وتبين أن 74% ممن سُرّحوا من أعمالهم خلال الجائحة هنّ نساء، وشملت عينة الدراسة 503 شركات مملوكة لنساء، وشكّلت الشركات متناهية الصغر نحو 74% من عينة الدراسة، فيما شكلت المتوسطة والصغيرة، 4% و22% التوالي.
لذا كان لا بد من لجوء النساء الى إبتكار أعمال يستطيعوا من خلالها أن يوفروا دخلا لإعالتهم في ظل الظروف الصعبة حينها، وكانت النجاحات ملموسة على مدى بعيد أيضا فنحن الأن نرى كثيرا من السيدات وربات البيوت وحتى حملة الشهادات الجامعية ممن لم يحالفهن الحظ في إيجاد وظيفة مناسبة، جميعهن لجأن لإبتكار أعمال ومع وجود وسائل التواصل الإجتماعي، وساعدهن على تحقيق نجاحات وأرباح.
وفي هذا السياق، قالت الشابة لارا جابر، التي تبلغ من العمر الـ 29 عاما، أنها بدأت عملها في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020، أي في بداية جائحة كورونا في الأردن، وكانت فكرة عملها مختصة لفئة معينة، هم من يعرفون اللغة الإنجليزية من حيث مخزون الكلمات، والقواعد، ولكنها تجد صعوبة في المحادثة باللغة الإنجليزية.
وكانت أول ورشة بدأت بها، في شهر واحد من عام 2020، وكانت في موقع تم استئجاره، في محافظة إربد، وتواجد في الموقع 6 طلاب فقط، مشيرة إلى صعوبة عقد ورشات عمل، أو دورات تدريبية على أرض الواقع، نظرا لما يتطلبه الأمر من إختيار موقع لإقامة الورشة أو الدورة به، واستئجاره بثمن ممكن أن لا يناسب قدرالت الجميع، عدا عن إنتظار تجمع الطلبة المسجلين، وعدم اكتساب الوقت لما يحتاجه من تجهيز مسبق، وايضل ضياع الوقت بعد إنتهاء الورشة.
وأشارت إلى أنها كانت تحتاج ساعة للذهاب إلى الموقع، وساعة للعودة إلى المنزل، في حال كانت الدورة داخل إربد، وهي المحافظة التي تقنط فيها، مبينة أنها كانت تعقد أيضا دروات في عمان، الأمر الذي كان يحتاج وقتا وجهدا ومالا أكثر، وأكدت ان أول دورة قامت بها، كان بنسبة 75% من الربح ثمنا لإستئجار الموقع فقط.
وتابعت، بعد شهرين من العمل، اجتاحت كورونا البلاد، وهنا فقدت جابر الأمل في إكمال عملها الذي بدأته للتو بعد أن تركت عملها في مدرسة أمريكية، لأنها كانت تعتقدت أنها تستطيع أن تكون أفضل، رغم التجربة الناجحة لها في المدرسة الا أنها قررت إنشاء عمل خاص بها، ولم تكن تعلم أنه سينتشر فيروس يغلق البلاد والأحلام.
وأوضحت، أن أحد متابعيها على الصحفة التي كانت تنشر عليها مواعيد وأماكن الدورات التي تعقدها، قام بنصحها بأن تعقد دوراتها عن بعد، نظرا لأن جميع المواطنين جالسين في بيوتهم، وأغلب الشركات والمؤسسات حولت نظام عملها بأن يصبح عن بعد، مبينة أنها لم ترحب بالفكرة أبدا، ظنا منها أن لن أحد يقوم بتسجيل دورة عن بعد.
تجرأت جابر، وقالت التجربة خير برهان، وقررت أن تبدأ بصناعة محتوى على صفحتها على "الإنستغرام"، ووصفت تلك الفترة بـ "أحلى فترة"، إذ أن جميع متابعينها كانو بإنتظار الفيديوهات التي تقدمها على أحر من الجمر، وبينت أنها كانت تطمح لأن تتوسع في نطاق إربد وعمان، ولكنها تفاجئت أنها لم تكتفي فقط بأن تعرف على مستوى الأردن، بل عرفت على مستوى العالم كافة، وبدأت بإستعمال تطبيق zoom لكي تستطيع خلق جو تعليمي مناسب، وأن توصل علمها للجميع بسهولة ووضوح، أما الآن وصلت دروات جابر إلى كندا، أميركا، مصر، السعودية، الإمارات، السويد، وغيرها العديد من دول العالم.
تقول جابر، أنها تعطي دورات لعرب متواجدين في دول أوروبية، وأكدت أن الجميع يعتقد أنه يمكنه أن يمارس اللغة الإنجليزية بطلاقة، نظرا لأنه يتحدثها مع الجميع، وفي هذا السياق، تؤكد جابر أن هذه الفئة هي أكثر فئة بحاجة إلى دورات تدريبية، لأنهم يواجهون مشاكل، وقلة ثقة من مخزون الكلمات والقواعد الصحيحة، لذا هم بحاجة الى توجيه ليمارسوا اللغة بشكل صحيح وبثقة عالية.
وإختتمت حديثتها، بأنه لو لم نعيش بظروق جائحة كورونا، لم يكن العالم أو على الأقل الأردن سيتقبل فكرة تحويل كل شيئ إلى إلكتروني، رغم السلبيات التي أحاطت في تلك الفترة إلا أنها استطاعت خلق آفاق جديدة لنحلق بها ونكتب نجاحات.
ومن جانب آخر، قالت الشابة سوسن، والتي تبلغ من العمر ثلاثين عاما، أنها بدأت مشروعا لبيع منتجات التجميل ومستلزمات الإناث، بعد أن كانت والدتها تملك صالونا نسائيا، واضطرت لإغلاقه خلال جائحة كورونا، لذا فكرت سوسن أن تستفيد من المواد التي كانت بالصالون وتقو ببيعها، عبر إنشاء صفحات على وسائل التواصل الإجتماعي، ولكنها باءت بالفشل، لانها لم تسير على أسس البيع الصحيحة، بل استعملت باقي المنتجات التي كانت في الصالون وقامت ببيعها، وبعد ذلك جلست فارغة الوفاض، ثم أدركت الطريق الصحيح الذي كان يجب أن تتبعه من البداية، فبدأت مشروعها من جديد عبر صفحة على تطبيق "الإنستغرام" بإسم "لابوليدرا"، ووسعت مجال المنتجات التي تقوم ببيعها، والان اصبحت تبيع مستحضرات التجميل، من مكياج وكريمات وماسكات وعطور، وكافة احتياجات الإناث.
وأضافت، أنه لولا جائحة كورونا لم تكن تفكر مجرد تفكير أنها ستصبح تاجرة الكترونية - على حد قولها – و بالرغم من السلبيات التي كانت في تلك الفترة، الا أنها استطاعت ان تخرج من داخل كل انسان انسانا اخر، يفكر ويتصرف بطريقة مختلفة.
وأكد المحلل الإقتصادي، حسام عايش، أنه و بالنظر الى أن جائحة كورونا كانت سببا لتوقف النشاط المجتمعي خارج المنزل، وبالنظر الى التعطل الطويل خلال تلك الفترة، وبالنظر الى ساعات الدوام المرنة في العمل عن بعد مما أدى الى انكماش اقتصادي، إذ تراجع حينها الإقتصاد بنسبة 1.06%، وهذا ما أدى الى ارتفاع مستوى البطالة الى ما يفوق الـ 24% حينها، مؤكدا انها كانت تحديدا بالقطاعات التي تكون النساء أكثر حضورا فيها، وهذا ما يؤكد أن النساء أكثر تأثرا بنتائجها.
وتابع، أن كل هذه التحديات كانت دافعا للبحث عن تعويض لفرص العمل الضائعة، وكان من بين ذلك بعض المشاريع المختلفة، سواء كانت مشاريع غذائية في المنزل، أو أنشطة تتعلق بإستخدام وسائل التواصل الإجتماعي، إما في صناعة محتوى إعلامي، إعلاني، تسويقي، ترفيهي، وتعليمي، أو من خلال العمل من خلال هذه التطبيقات وإستعمالها لترويج الأعمال، بما يمكن أن يؤدي الى تعويض الضرر المادي والوظيفي.
وأشار عايش، أن الظروف الصعبة التي عاشها الجميع في جائحة كورونا، كانت أرضية لأفكار جديدة، سواء كانت على مستوى المجتمع، أو على مستوى النساء في المجتمع، مشيرا الى أن وسائل التواصل الإجتماعي ساعدت في تسويق المنتجات المتنوعة مثل الحلي والمجوهرات، أو الأعمال اليدوية، أو الأعمال المتعلقة بالتراث الشعبي كالملابس وغيرها، وهذا ما ساعد من تحويلها الى مشاريع ربحية ومشاريع قادرة على فرض وجودها، وخلق جو المنافسة مع مشاريع أخرى، وهذا كله بلا شك وسع من امكانية توفير فرص إضافية للحصول على دخل إضافي، وتعويض الدخل المتراجع أو المتوقف بسبب الجائحة.
وتابع، أن الإبتكار هنا يكمن في إستغلال اللحظة التي دفعت الناس للتفكير في مشاريع، وأيضا استغلال المهارات والمعرفة التقنية والرقمية، واستدلال المخزون من التراث الوطني والشعبي لإعادة احيائه بأشكال مختلفة، مشيرا الى أن البعض عاد الى الأهل و الأجداد لمعرفة طرقهم وأساليبهم القديمة فيما يتعلق بإستعادة أنواع مختلفة من الألعاب، أو تصنيع الغذاء أو تطويره، واستغلاله لتقديم أفكار ابتكارية بقالب أكثر عصرية وأكثر قدرة على لفت انتباه الآخرين اليه.
ومن جهة أخرى، قال عايش، أن فترة كورونا كانت فترة سلبية بالنسبة للأسرة والمرأة على وجه الخصوص، فقد زادت نسبة العنف على المرأة، و زاد اكتظاظ البيت، وزادت الواجبات التى تلقى على عاتق المرأة، والمسؤولية في حماية الأسرة من تداعيات كورونا، وبالتالي هذه السلبيات والتحديات ربما زودت المرأة بأفكار جديدة فيما يتعلق بالتعامل مع حالات الضغط التي كان يعيشها الجميع، وكيفية التفكير بأساليب أخرى للتعامل مع حالات تتوقف فيها امكانية مغادرة المنزل وتوفر السلع الغذائية، وكل هذا دفع المرأة الى إبتكار أفكار متعلة بالأمن الغذائي والأمن الصحي، وساعدها في تحسين العلاقات الإجتماعية الإيجابية، و أيضا تطوير ادوات ووسائل للتقليل من الملل، كل هذه التحديات ساعدت المرأة على إبتكار فرص لمشاريع جديدة.
يأتي هذا التقرير في إطار الشراكة بين راديو البلد و جمعية معهد تضامن النساء الأردني لمشروع متحدون في مواجهة العنف ضد المرأة والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستنمائي UNTF.