كيف يسير التعليم عن بعد لذوي الإعاقة في ظل الجائحة؟
"انا بهمني بنتي تندمج وتصير مثل باقي الأطفال" يقول والد وسن التي تعاني من إعاقة ذهنية، مؤكدا على أن يكون هناك مراعاة للفروق الفردية بين الطلاب، ومخطط وبرنامج وتصور من قبل المعلمين.
يواجه أهالي والطلبة ذوي الإعاقة تحديات في التعليم قبل وصول جائحة وباء كورونا، بسبب قلة المدارس الدامجة وصعوبة تقبل المدارس، وتعمقت جراحهم وزاد نزيفهم بعد التعليم عن بعد الذي لم يراعي خصوصية التعامل معهم.
تدرس وسن في مدرسة دامجة، وبحسب والدها فالمدرسة توفر غرفة مصادر ومعلمة تربية خاصة والتعليم عن بعد بنظره ولكل المستويات لذوي الإعاقة وغير ذوي الإعاقة فاشل، لان الطلبة يحتاجون الى التعليم الوجاهي سواء الحروف والاعداد او الألوان وغيرها.
ويوضح أنه مهما حاولت الأم مع طفلها في البيت أن تعلمه لا يمكن ان يستجيب الطفل كما يستجيب للمعلمة، لأن العلاقة بين الطفل والأم تختلف عن علاقة الطفل بمعلمته، والتعليم عندما يكون من المعلمين وبسبب خبرتهم ودراستهم ومعرفته تأهلهم ومن خلال الوسائل والأساليب أن يعلم الطفل ما يحتاجه.
يلفت والد وسن الى أن الطفل يريد من يمرنه ويعلمه، "الأطفال من غير ذوي الإعاقة لا يستفيدون من المنصة، انا بدي بنتي تتعلم وحاب انها تتعلم وتعرف تكون جمل وكلمات، وهذا الكلام لا يتوفر في المنصة او التعليم عن بعد، ورغم انه يوجد جهود تبذل" يشرح والد وسن.
ويؤكد على انه على استعداد أن يبعث ابنته الى المدرسة لتتعلم وجاهي في أي مكان تحتاج فيه الى التعلم.
ام يوسف والدة طفل ذوي إعاقة ذهنية تتفق مع والد وسن، وتقول انه ضمن السلبيات أنهم كأهالي يرسلون أبنائهم في مدارس دمج من أجل أن يتم دمجهم مع باقي الأطفال في النشاطات والحصص والحياة العادية في المدرسة.
وتكمل أن هذا الشي غير موجود في التعليم عن بعد وكأن الطالب يأخذ في مركز لوحده، مضيفة انه لا يحتك مع زملاءه والقصة ليست فترة بسيطة، فنحن أصبحنا في هذا الوضع منذ سنة ونيف، فقد افتقروا لهذه الأشياء.
ترى أم يوسف أنه هناك إيجابيات لا يمكن إغفالها برأيها مثل أن الحصص التي يأخذها تكون بجانبه والدته فأصبحت تجعله يشارك مع زملاؤه وتطلب من معلمته أيضا ان يشارك ابنها ونبهت المدرسة لأشياء جديدة.
وتزيد أنه أصبح يشارك مع زملاؤه، وأصبحت تعرف ماذا يأخذ في الصف والطريقة التي تعطيه المعلمة الحصة، وأنها أصبحت تعرف كيف يأخذ ابنها الدرس وكيف تشرحه له المعلمة، متمنية أن يتم مراعاة هذا الشيء عند عودة التعليم الوجاهي.
وتضيف ام يوسف انه عندما بدأ التعليم عن بعد كان يوسف يأخذ الدروس مسجلة، والان أصبحت تطلب ان تكون حصصه اونلاين اسوة بزملاؤه، وان ابنها متحمس للتعليم عن بعد كونه يحب تقليد الكبار ويرى أصحابه عبر هذا التعليم.
تعود ام يوسف مرة أخرى لتلفت النظر السلبية مهمة لا يمكن اغفالها في التعليم عن بعد وهي انه في هذه الحالة لا يتم التعلم عن طريق اللعب الذي يتم استخدامه مع الطلبة ذوي الإعاقة لتترسخ المعلومة في ذهنهم، مضطرين كأهالي أحيانا لعمل وسائل بسيطة في البيت لكن ليس بفاعلية الوسائل الموجودة في المدرسة.
تعليم ناقص
يقول الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات انه وبحسب الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج فإن ما يتلقاه الطالب من غير ذوي الإعاقة في الصف يتلقاه الطالب ذوي الإعاقة، وانه يجب ان يتلقى الجميع نفس التعليم بدون أي تمييز.
ذوي الإعاقة يحتاجون لدعم إضافي بحسب عبيدات، وان ما قدمته الوزارة عبر منصة التعليم عن بعد قيل أن ذوي الإعاقة لم يستفيدوا منه، لكن أيضا الطلبة من غير ذوي الإعاقة لم يستفيدوا، فعيوب التعليم عن بعد موجودة لكنها موجودة بشكل أكبر عند الطلبة ذوي الإعاقة وبصورة أكثر كان تضررهم.
يؤكد عبيدات بأن الأصل أن يكون جميع الطلبة من ذوي الإعاقة ومن غير ذوي الإعاقة سواسية في الصفوف وحصولهم على التعليم، وما يتلقاه ذوي الإعاقة يتلقاه غير ذوي الإعاقة.
وحول عودتهم الى التعليم الوجاهي والمطالبات بذلك يقول ان ما يحكم ذلك هو الوضع الوبائي وهذا هو التحدي.
ويرى أنه في الأصل ما يجري على ذوي الإعاقة وغير ذوي الإعاقة نفس الشيء ويكونون سواسية، الاستراتيجية العشرية التي اقرت تؤكد على انه لا يوجد فرق بين التعليم لذوي الإعاقة او لغير ذوي الإعاقة فيجب ان يتلقون نفس المستوى من التعليم.
هل نستطيع ان نقدم لذوي الإعاقة البصرية تعليما عن بعد؟ يتساءل عبيدات، ويكمل ان هذا يعود لإمكانات الوزارة، ومثلا الإعاقة السمعية تحتاج لاهتمام أكثر واليات تدريس مختلفة عن آليات التدريس العادي.
ويكمل انه يجب على الوزارة تقديم أدوات خاصة لتعليم الطلبة ذوي الإعاقة الشديدة في ظل التعليم عن بعد، مؤكدا على ان الوزارة يجب ان تقدم مستوى تعليم عن بعد عالي.
ويشير الى أن أي طالب ينقطع عن التعليم من ذوي الإعاقة وغير ذوي الإعاقة يؤثر على تعليمه متسائلا عن إمكانية تعويض الفجوة التي ولدت عند الطلبة بسبب التعليم عن بعد، مؤكدا على دور الوزارة في تعويض الطلبة وردم الفجوة التي ولدها التعليم عن بعد.
وتنص الفقرة "أ" من المادة 18 في قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017
بأنه على وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع المجلس تضمين السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية متطلبات التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يحقق تمتعهم الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية.
بالإضافة إلى الفقرة "ج" من نفس المادة التي تنص على توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة والأشكال الميسرة في المؤسسات التعليمية الحكومية، والتحقق من توفيرها في المؤسسات التعليمية الخاصة، بما في ذلك توفير أسئلة الامتحانات للطلبة ذوي الإعاقة الذهنية وتمكينهم من الإجابة عنها بلغة مبسطة، ومنحهم وقتاً إضافياً في الإمتحانات وأي تسهيلات ضرورية.
أين دور المجلس؟
مساعد الأمين العام للشؤون الفنية في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة غدير الحارس تؤكد على أهمية عودة التعليم الوجاهي للطلبة ذوي الإعاقة الى المدارس مع أخذ الاحتياطات والاشتراطات الصحية اللازمة.
وتقول الحارس انه وعند الاغلاق الأول العام الماضي تابعوا برامج وزارة التربية لرؤية كم تلبي احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة، وعندما وضعوا تقييم وجدوا أن الطلاب لا يستفيدون من التعليم عن بعد الذي تقدمه وزارة التربية والتعليم لأنه لم يكن يغطي احتياجات الطلبة الصم والكفيفين.
ومن ناحية الطلبة الصم تشرح الحارس بأن المجلس عمل على مبادرة لتسجيل الكتب معطين الأولوية لطلاب الثانوية العامة وطلبة الصفوف الثلاث الأولى، وتم صويرهم بلغة الإشارة رغم تحديات الحجر وصعوبة التنقل.
وتم بعد ذلك تحميل الفيديوهات على موقع المجلس وتم أيضا تصنيفهم حسب الوحدة والصف والدرس.
وبلغت مشاهدات الفيديوهات التعليمية في الموقع الذي أوجده المجلس لهذه الغاية 150 الف مشاهدة.
وفيما يخص الاعاقات البصرية فتشرح الحارس أنهم عملوا على شراكة مع مبادرة بصيرة لتسجيل المواد وتحميلها على موقع المجلس ومصنفة أيضا، وأنهم بدأو بالعمل على تطبيق يسمى استقلالي، وهذا التطبيق يتيح تحميل الدروس بصيغ مقروءة للطلاب المكفوفين ومسموعة، ويتم تحديثها أولا بأول.
وتكمل انهم وخلال هذه الفترة قاموا بالتنسيق مع الاكاديمية الملكية للمكفوفين لأنهم شعروا بنوع من العشوائية ولم يكن هناك تنظيم، وانهم استطاعوا وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم عمل جدول محدد ملزم للمعلمين باستخدامه، جعل الالتحاق بالدروس أسهل للطلبة."
"واجهتنا مشكلة في التقنيات فللأسف الإعاقة دائما ترتبط بالفقر، وحاولنا قدر الاستطاعة مساعدة الطلاب" تقول الحارس، موضحة أنه من يستطيعون توفير جهاز له يوفرون ومن يحتاج جهازه الى تصليح يقومون بتصليحه وذلك على حسب المستطاع، وانهم قدمنا ما نقدر عليه لأنهم لا يملكون ميزانية لهذا الشيء بحسب الحارس.
وتشير الى أنهم قاموا بمخاطبة وزارة التربية والتعليم بخصوص إعطاء الطلاب ذوي الإعاقة أولوية عند توزيع الأجهزة اللوحية على الطلبة، وكان هناك تحديات كبيرة، ومع بداية السنة بدأت وزارة التربية والتعليم تبث على التلفزيون دروس بلغة الإشارة لكن هذا لا يغني ولا يساوي التعليم الوجاهي بحسب الحارس.
وبالنسبة للإعاقات الذهنية تقول الحارس انهم عملوا على قناة على اليوتيوب حاولوا فيها جمع أكبر كم من الفيديوهات الموجهة للأطفال وأسرهم مصنفينها حسب المواضيع، وضمت أكثر من 850 وحاولنا تجميع اكبر قدر ممكن من الفيديوهات المفيدة لهم.
وتلفت الحارس انهم قاموا بشراء 400 مكالمة من منصة حبايبنا المعنية بتشبيك الأهالي مع الاخصائيين، وانهم جددوا الاتفاقية هذه السنة بسبب استمرار الوضع الوبائي.
وتضيف أن وزارة التربية والتعليم أطلقت خطة الطوارئ نهاية العام الدراسي الماضي، ولم يكن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم وجود بشكل كبير في الخطة، وبعد تواصل ومتابعة المجلس طلبوا إضافة الأشخاص ذوي الإعاقة في كثير من المواضيع، واستطاعوا ادخال بعض النقاط اتي تدعم احتياجات الطلبة ذوي الإعاقة.
طلب عودة
وكشف مدير إدارة التعليم العام في وزارة التربية والتعليم سامي المحاسيس عن وجود مخاطبة من قبل وزارة التربية والتعليم لوزير الصحة فيما يتعلق بعودة الطلبة ذوي الإعاقة الى التعليم الوجاهي وذلك نظرا لصعوبة التعليم عن بعد لهم.
ويكمل "ننتظر قرار لجنة الأوبئة بالتنسيق مع وزير الصحة ليتم اتخاذ القرار في الوقت المناسب"، مضيفا ان الوزارة تنتظر قرار وزير الصحة.
وبحسب المحاسيس فان الوزارة حريصة على توفير جميع الفرص التعليمية لذوي الإعاقة،
ويعترف المحاسيس بأنه وفي الوقت الحالي لا يوجد شيء في التعليم عن بعد يخص ذوي الإعاقة، موضحا ان الوزارة كانت تعطي دروس لبعض الفئات من ذوي الإعاقة من خلال التعليم عن بعد لكن طبيعة التواصل والتعامل صعبة.
ويؤكد انه وبمجرد إعطاء وزارة الصحة الموافقة على عودة الطلبة ذوي الإعاقة الى الصفوف المدرسية للتعليم الوجاهي سيتم اتخاذ القرار مباشرة بعودتهم وتقديم التعليم لهم.