البيئة الداعمة مكون أول لدمج ذوي الإعاقة الذهنية

"انت ليه جايبيته حطيه بالبيت لحتى يموت" هذا ما قاله احد الأطباء لأم محمود المصاب ابنها بمتلازمة داون عند فحص السمع لديه حين كان يبلغ من العمر 3 سنوات، كان لهذه الكلمات الحافز لها بأن تطور من ابنها خاصة بعد أن قال لها الطبيب آخر على حالته "ايش بتعطيهم بيعطوكي" .

 لدى محمود البالغ من العمر 18 عاما مشروعه الخاص بصناعة الإكسسوار يشارك بعدد من البازارات ويسوق لمنتجاته كذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما يلعب كرة القدم والسلة، إضافة لحصوله على الحزام البني بالتايكوندو.

في حديثنا مع أم محمود البالغة من العمر 49 عاما سردت لنا ما مرت به من صعوبات بتربيتها لمحمود خاصة وأن في ذلك الوقت لم تكن تتوفر المعلومات الصحيحة بكيفية التعامل مع هذه الفئة بوجود بعض المتطلبات الصحية التي كان يعاني منها.                         

يكمل محمود دراسته في المدرسة ويقدم امتحاناته شفوياً وتحريرياً كجميع اقرانه وحصل على علامة جيدة جدا بتقدير المعلمة له، وهذا ما أكد للأم التطور الملحوظ على طفلها .

 تنصح أم محمود أهالي أطفال متلازمة داون بأن يكون هناك تدخل مبكر لتنمية ما لديه من قدرات ومهارات، ومعاملته كأي انسان طبيعي وتعزيز ثقته بنفسه، إضافة لمتابعة أموره الصحية والحفاظ على نظام الطعام لديه.                                                        

 

         تربيتها لهالة قادتها لدراسة التربية الخاصة                                                                                                                                             

  قررت السيدة أنعام البالغة من العمر 43 عاماً أن تدرس التربية الخاصة بعد تجربتها مع هالة احدى المصابات بمتلازمة داون، وهي الان في سنتها الاولى وتحلم بأن تفتح مركز لتدريب أشخاص ذوي الاعاقة بفصل كل نوع إعاقة عن الاخرى؛ لاختلاف الاسلوب المتبع في التعامل مع كل حالة.

السيدة انعام والملقبة بأم هالة ربت هالة أخت زوجها المصابة بالمتلازمة منذ ان كان عمرها 11 عاماً بعد وفاة امها وابيها، بدأت معها بمركز اللياقة البدنية لكونها كانت تعاني من البدانة ومن ثم لجأت لمراكز التدريب المهني وعلمتها صناعة الاكسسوار والقش.  

تبين السيدة أنعام أهمية مشاركة أشخاص متلازمة داون باتخاذ القرار حتى نبني لديهم الثقة بالنفس، مشيرة الى الاسلوب الذي تعتمده مع هالة بمشاركتها اختيار الملابس، وترتيب غرفتها ....

" شو جابرك" كانت هذه الجملة دائما ما تتردد على لسان الاقارب والاصدقاء في بداية تربيتها لهالة، الا أن حبها لها ودور والدتها في تشجيعها على قرار تربيتها جعلها تستمر بالعطاء.

تنصح السيدة انعام الاهل بتخطي مرحلة الصدمة لدى الاهل والام بسرعة وتقبل اطفالهم من هذه الفئة والبدء بتطويرهم ودمجهم بالعديد من الانشطة.

 

 

دور الاسرة بتوفير بيئة داعمة 

تقول اخصائية التربية الخاصة الدكتورة سهى الطبال إن الأسرة بشكل عام وبكافة أفرادها هي محضن التنشئة لكافة الأطفال بما فيهم أطفال متلازمة داون، وعليه لابد من أن تحرص الأسرة على احتضان هذا الطفل وتوفير بيئة ايجابية داعمة له، لأنها الأساس في تطوير مهارات هذا الطفل. مشيرة إلى المسؤولية الكبيرة للأم، خاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل، وهذا يتطلب مساهمة أفراد الأسرة كافة في مساعدة الأم كي تتمكن من تحقيق التوازن في حياتها.

وتضيف أن من الضروري استهداف الأسر في برامج التدخل المبكر ليتم دعمهم نفسيا وتمكينهم على تجاوز ردود الأفعال المتوقعة جرّاء ولادة طفل من ذوي متلازمة داو؛ موضحة أن برامج التدخل المبكر تسهم في تيسير وصول الأسر لمرحلة التقبل كضرورة لتمكينهم ورفع مستوى وعيهم بمتطلبات هؤلاء الأطفال من لحظة الولادة مرورا بكافة المراحل العمرية الأخرى.

وتشير إلى أن الكثير من الأسر تلجأ الى البحث عن المعلومة في ظل قلة البرامج الموجهة للأسر، وقد تصل الى المعلومة الصحيحة، وربما تكون خاطئة، وعليه تنصح الأسر بالبحث عن مصادر الدعم المناسبة والموثوقة، التي من شأنها مساعدة الأسر في تحديد مستوى أداء هؤلاء الأطفال الحالي والبناء على الموجود لديهم لتنمية المهارات المتأخرة لديهم. 

وتؤكد على أن حاجات هؤلاء الأطفال لا تختلف عن حاجات الأطفال الآخرين، مالم تكن هناك متطلبات صحيّة كوجود مشكلات في القلب أو الغدة الدرقية وغيرها، وهنا لابد من استشارة الطبيب للتوجيه المناسب.

 وتشير الى أهمية دور الفريق العابر للتخصصات من أخصائي النطق والعلاج الطبيعي والوظيفي والتربية الخاصة في تقديم الدعم اللازم للأسر وتدريبها على كيفية تلبية الاحتياجات الفردية، وينبغي مراعاة مستوى تطور كل طفل عن الآخر وعليه فإن العمل معه يختلف باختلاف ذلك.

وتؤكد على عدم لوم الاسرة لنفسها او شعورها بالتقصير عندما تبذل ما في وسعها لتطوير مهارات طفلها، لتجد بأن قدراته أقل من طفل متلازمة داون آخر؛ وذلك لوجود الفروق الفردية بين كافة الأطفال، بما فيهم أطفال متلازمة داون.

 وعليه تؤكد بأن الأسرة عليها أن تدعم هذا الطفل من السنوات الأولى وتعمل ما في وسعها لتحقيق ذلك، واضعة في ذهنها بأن الفروق الفردية تلعب دورا في تباين مستوى تطوره عن أطفال آخرين من متلازمة داون، مضيفة بعدم امكانية التنبؤ بما سيحققه أفراد متلازمة داون لوجود عوامل عديدة منها الداخلية ومنها المتعلقة بالتنشئة وكثافة الدعم المقدم لهؤلاء الأطفال.

وتذكر لنا ما يمكن أن تحققه هذه الفئة من بطولات وميداليات رياضية في السباحة والكاراتيه والتايكوندو، وهناك من تمكنت من حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، مشيرة الى أن هناك أسر بذلت مجهودا مماثلا ولكن كانت قدرات ومهارات أطفالهم محدودة..

 

أضف تعليقك