كم نائبًا سيعود نائبًا؟

في القراءه الأولية للمشهد الانتخابي للمجلس النيابي التاسع عشر، وما يكتنفه من عوامل ومتغيرات ستؤثر في مجرى ومخرجات العملية الانتخابية، كظاهرة الإجماعات العشائرية والمناطقية، وبناءً على الدراسات المتعلقة بتوجهات برلماني وبرلمانيات المجلس الثامن عشر نحو الانتخابات البرلمانية 2020، فقد أعلن 103 برلمانيين وبرلمانيات من المجلس الثامن عشر رغبتهم بالترشح للانتخابات، وفي هذا السياق أعلن مجموعه من نواب أصحاب الأداء البرلماني الجيد وممن يعتبروا نوابا من العيار الثقيل، عدم رغبتهم بالترشح للانتخابات المقبلة، بينما أعلن العديد من النواب منهم من أصحاب الاداء البرلماني الضعيف تشريعياً ورقابياً نيتهم في الترشح للانتخابات.

ويُرجع نواب العيار الثقيل عزوفهم عن الترشح، لعدة أسباب منها المتغيرات والتعقيدات التي تفرضها ظاهرة الإجماعات العشائرية والمناطقية، بحيث لا يستطيع النائب ولو كان أداؤه البرلماني جيداً الترشح مرة اخرى للانتخابات، لالتزامه بإرادة الإجماع التي تشترط عدم ترشحه مرة أخرى، تطبيقاً للبنود والشروط التي تقوم عليها تلك الإجماعات، أو جراء التنافس الداخلي الذي لا يستند غالبا في عملية اختيار المترشح، لمعيار الاداء التشريعي أو الرقابي، بل يكون أساس الاختيار قائماً على مقدرته في تقديم الخدمات لأبناء عشيرته أو منطقته أو نفوذه أو مقدرته المالية، بالإضافة إلى ضغوط المتطلبات الخدمية التي لم يستطع النائب الجيد تحقيقها لقواعده أثناء وجوده في مجلس النواب، ولهذه الاسباب وغيرها قد يتراجع النائب الجيد أداءً في الرقابة والتشريع عن الترشح مرة أخرى، مما يجنبه الدخول في المنافسة بالترشح للانتخابات والتي إن خاضها على الأرجح ستكون حظوظه غير كافية بأن يعود نائباً مرة أخرى.

ومن ناحية أخرى يوجد عدة برلمانيين وبرلمانيات قرروا عدم الترشح لتواضع أدائهم خلال عمر المجلس السابق، وهناك نواب لن يعودوا على الرغم من اتخاذهم لقرار الترشح للمجلس التاسع عشر،  وذلك بسبب ضعف مستوى أدائهم وحضورهم البرلماني، مما يؤدي لعزوف الناخبين عن التصويت لهم، فلكم أن تتخيلوا أن نائباً في المجلس الثامن عشر لم يقدم أي مداخلة خلال عامين برلمانيين، ونائباً لم يقم بتوجيه أي سؤال إلى الحكومة في الأربع سنوات أي طيلة عمر المجلس، مما يخيل لنا أن الأداء الحكومي كان رائعاً ومثالياً ولا يمكن أن يُنتقد، لذلك لم يتطلب الأمر منه حتى أن يسأل الحكومة سؤالاً واحداً، وبعض هؤلاء النواب نجدهم قد أعلنوا ترشحهم للإنتخابات ، وهنا نتساءل هل سيعودون نوابا في المجلس التاسع عشر، أم سيكون للناخبين رأي آخر، وتظهر الإرادة الحقيقية لجمهور الناخبين والناخبات ويسقطونهم في الانتخابات.

وبناءً على المعطيات والتحليلات المرتبطة بالمشهد الانتخابي 2020، والمتعلقة في دراسة توجهات الناخبين من مختلف الأعمار والخلفيات تجاه الإنتخابات البرلمانية المقبلة، وبناءً على التقارير التي تكشف أداء النواب فمن المتوقع أن لا يعود للمجلس التاسع عشر وعلى أكثر تقدير 35 برلمانياً وبرلمانية من المجلس السابق، ويبقى التساؤل الأهم في هذه المرحلة ما مدى التغيير في الأداء الذي سيحدثه هؤلاء النواب الجدد، وتأثرهم بالتراكمات السابقة للمجالس النيابية، وللأداء البرلماني للنواب السابقين، بالاستفادة من تلك التجارب، من أجل تحسين وتطوير العمل البرلماني الأردني، وتجويد أدائهم ودورهم الرقابي والتشريعي بالشكل الأفضل.

*مدير عام مركز الحياة

أضف تعليقك