77% من الأطفال الأحداث يأتون من أسر مفككة
اصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان تقريره الدوري الخامس للأحداث الجانحين والأطفال المعرضين للخطر حول المعاملة العقابية لعام 2008م.
وتناول التقرير أوضاع الأحداث من عدة جوانب هي: المنظومة التشريعية الوطنية والمواثيق الدولية, والنظام القضائي وآلية التعامل مع الأطفال في نزاع مع القانون والضابطة العدلية وإنفاذ القانون, وأوضاع الأطفال في مؤسسات الدفاع الاجتماعي.
وتبرز أهمية التقرير الذي أعدته المحامية كرستين فضول من خلال تقييمه المعاملة العقابية للأحداث الجانحين والأطفال المعرضين للخطر والذين تم وصفهم بقانون الأحداث رقم (24) لسنة 1968 وتعديلاته بالأطفال المحتاجين للحماية والرعاية وجرى تصنيفهم إلى 10 حالات سنداً لنص المادة (31) من القانون ذاته تتعلق مجملها بالتفكك الأسري.
ويعد هذا التقرير أحد المراجع الأساسية للمهتمين بقضايا الأطفال في نزاع مع القانون والعاملين في مؤسسات الدفاع الاجتماعي وأفراد الضابطة العدلية والمهتمين بقضايا الأحداث والأطفال في المملكة.
العدالة الجنائية للأحداث
وتعتبر العدالة الجنائية للأحداث عموماً ذات طبيعتين قانونية واجتماعية, يشترك العديد من الأطراف في تنفيذها ومتابعتها, إذ ان الأشراف على آلية عمل نظارات الأحداث يخضع للأمن العام بشقها الجزائي ولوزارة التنمية الاجتماعية بشقها الرعائي في أربعة مراكز أمنية وهي: مركز أمن القويسمة ومركز أمن زهران, مركز أمن طبربور, مركز أمن الحسن في الزرقاء.
وتعد هذه المكاتب خطوة أولى نحو استحداث شرطة متخصصة ومدربة على حقوق الإنسان عموماً وحقوق الأطفال بالذات مما يجنب الأطفال الكثير من الانتهاكات التي يتعرضون لها بسبب إكراه بعض أفراد الضابطة العدلية على الاعتراف بالذنب.
المنتفعون من خدمات مكاتب الأحداث الأمنية
وبلغ عدد المنتفعين من خدمات مكاتب الأحداث الأمنية 75 طفلاً لعام ,2008 إذ تم إجراء الصلح فيما بين الطرفين ل¯ 60 حدثاً منهم ولم يتم تحويلهم للقضاء.
كما بلغ عدد الداخلين إلى نظارات الأحداث في العام 2008 والبالغ عددها 5 نظارات متخصصة للأحداث 4371 للذكور في عمان, والزرقاء, واربد, والعقبة, والمفرق, كما تم افتتاح أول نظارة أحداث خاصة بالفتيات في المملكة بعد ان كن يودعن في نظارة الموقوفات البالغات أو لدى مركز رعاية وتربية وتأهيل الفتيات الأحداث
ونفذ المركز الوطني لحقوق الإنسان 9 زيارات ميدانية لنظارات الأحداث وتبين له تقييد الأحداث عند نقلهم من قبل أفراد الضابطة العدلية علماً أن نص المادة 3 من قانون الأحداث لا يجيز ذلك إلا في الحالات التي يبدي فيها الحدث التمرد والشراسة.
أوضاع الأطفال داخل دور الأحداث
ويقسم الأطفال في نزاع مع القانون بحسب الحماية المطلوبة لهم إلى أحداث جانحين: وهم أطفال ارتكبوا جرما يعاقب عليه القانون جنح أو جنايات وهم بحاجة إلى توفير خدمات وبرامج تأهيلية وعلاجية.
وشدد المركز على أهمية اللجوء إلى التدابير البديلة لإجراءات المحاكمة التقليدية كلما أمكن, وعدم اللجوء إلى سلب الحرية إلا كملاذ أخير وعدم احتجاز الأحداث رهن المحاكمة.
وقال رغم أن عدد الأطفال الخارجين بكفالة عالية نسبياً حيث وصل إلى 2877 طفلاً من أصل 3438 طفلاً جانحاً لعام ,2008 إلا أن استخدام بدائل الاحتجاز قليل جدًا بسبب قلة وجود نصوص قانونية تسمح باستخدامها, حيث بلغ عدد الأطفال المفرج عنهم بتعهد شخصي 3 أطفال فقط, أما الإفراج المشروط لانقضاء ثلث المدة استفاد منه 27 طفلا لنفس العام.
وبلغ عدد الأطفال في نزاع مع القانون الداخلين لمؤسسات الدفاع الاجتماعي 3438 حدثاً جانحاً لعام ,2008 موزعين 2990 طفلا موقوفا أما المحكومون لنفس الفترة فبلغ 348 طفلاً.
أما القسم الثاني فأحداث بحاجة إلى حماية ورعاية وهم أطفال يعانون من خطورة وجودهم ضمن إطار الأسرة.
ورصد لهم المشرع عشر حالات تتعلق في مجملها بالتفكك الأسري, وهم بحاجة إلى برامح وقائية. وبلغ عددهم لعام 2008م 352 طفلاً, أما المتسولون فبلغ عددهم لنفس الفترة 464 طفلاً.
المسؤولية المدرسية
وحسب التقرير فان هناك نسبة عالية من الأحداث الأميين. وسجلت الفئة العمرية للصفوف الأساسية أعلى نسبة جنوح في عام 2008 حيث بلغ عددهم 2285 حدثاً جانحاً, و(922) حدثا لمرحلة الإعدادي, و142 حدثا للمتسربين مدرسياً, و89 حدثا أُميا. واعتبر التقرير ان ذلك يعود إلى سوء التربية المدرسية التي يفترض انها أساس التعليم مما يتولد عنه عنف لدى الأطفال.
ولاحظ المركز في تقريره تغييرا ملحوظا باتجاه تبني سياسة التأهيل المبنية على أسس واضحة تتعلق بضرورة توفر البيئة المكانية المهيأة لاستقبال وإيواء الأطفال سواء كانوا مخالفين للقانون أو هم بحاجة إلى حماية ورعاية مؤسسية, حيث تم افتتاح مبان جديدة مهيأة لتأهيل وتقويم وإعادة دمج الأطفال في المجتمع.
واستشهد التقرير بنقل دار رعاية الأطفال للفئة العمرية من 7-12 سنة من مقره السابق في بيادر وادي السير إلى منطقة شفا بدران بطاقة استيعابية تقدر ب¯ 60 طفلاً لعدم ملاءمة المقر السابق لتأهيل ودمج الأحداث. كما تم نقل ادارة دار المتسولين الذكور للفئة العمرية من 7-12 من الزرقاء إلى منطقة المنارة في عمان وذلك بسبب قدم المبنى السابق, وافتتح مركز الفيحاء في مادبا للمتسولين البالغين من الذكور والإناث لجميع الفئات العمرية بما فيها الفتيات.
وحول أوضاع الأحداث فقد أشار المركز انه يجري في مؤسسات الدفاع الاجتماعي تطبيق مبدأ التصنيف على أساس الفئات العمرية وجنس الأحداث ذكور/إناث.
الفصل بين المحكومين والموقوفين
إلا ان التقرير دعا إلى تطبيق معيار التصنيف المبني على أساس الفصل ما بين المحتجزين رهن المحاكمة الموقوفين والأحداث الذين صدرت بحقهم أحكام وقال: يفترض أن الأحداث المقبوض عليهم و/أو الذين ينتظرون المحاكمة أبرياء.
وحول شكل ونوعية الخدمات العامة وشكل المساعدة المقدمة للأحداث فقد لاحظ التقرير ان المركز يقدم خدمة توفير وجبات الطعام للأحداث ضمن شروط ومواصفات غذائية وصحية جيدة, وتزويد مراكز الأحداث بالملابس اللازمة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية بحسب الحاجة بعد شرائها من السوق المحلية.
وأشار التقرير ان خدمة النظافة العامة تعد جيدة بشكل عام ولكن يفضل تزويد هذه المراكز بعمال للنظافة أو التعاقد مع مؤسسات تقوم بهذه الأعمال بصورة دورية يومية أو على الأقل أسبوعية.
وعن البرامج التأهيلية والإصلاحية قال: إنها ضعيفة في معظم المراكز وغير ممنهجة.
وقال التقرير رغم الخبرة العملية للكوادر العاملة في الدور فإنهم بحاجة إلى دورات تدريبية متخصصة في مجال حقوق الطفل حيث إن معرفتهم بالاتفاقيات و القواعد الدولية التي تتناول الأحداث و حقوقهم لا ترتقي إلى المستوى المطلوب.
وأشار التقرير ان جميع الأطفال الموجودين في دور الحماية والرعاية والتأهيل سواء كانوا أردنيين أو غير أردنيين يعاملون معاملة متميزة من قبل العاملين فيها, حيث تبين وجود طفلين لاجئين في مركز رعاية مادبا منذ مدة تزيد على الثلاث سنوات وتقوم وزارة التنمية الاجتماعية وبالتعاون مع الجهات المعنية مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بكل ما يمكن عمله لاستقرار وضعهم النفسي والاجتماعي وتحسين ظروفهم التربوية والإنسانية.
ولكن التقرير أشار ان خدمات الرعاية الصحية غير كافية وقال لا توجد عيادات داخلية في جميع الدور كما لا توجد خدمة الفحص الطبي فور إيداع الأحداث في المؤسسة الاحتجازية لعدم وجود أطباء أو ممرضين في معظم الدور.
أما فيما يتعلق بخدمة الرعاية الاجتماعية فتسجل التفاصيل المتعلقة بحالة الحدث الاجتماعية والأسرية من قبل الأخصائي الاجتماعي أو مراقب السلوك ليتسنى لهم متابعة حالته تمهيدا لمعالجتها حيث تباشر بعض الإدارات بالاتصال بأسرة الحدث عند دخوله إلى الدار لمعرفة أسباب المشكلة والدوافع والمؤثرات التي أدت إلى جنوحه.
كما لا تقدم خدمة الرعاية النفسية بسبب عدم وجود أو تعيين أخصائيين نفسيين من قبل وزارة التنمية الاجتماعية مما يفوت على الأطفال الاستفادة من برامج تعديل السلوك الفردي بحسب الحالة.
وأشار التقرير إلى عدم تقديم خدمة الإطلاع على الأخبار سواء عن طريق الصحف اليومية بانتظام أو من خلال الراديو والتلفزيون.
فيما أشار ان الشعائر الدينية تمارس في جميع مؤسسات الدفاع الاجتماعي ويتم متابعتها من قبل رجال الدين المتطوعين أو بالاتفاق مع وزارة الأوقاف.
عدم ملاحظة استعمال القوة ولكن..
وقال التقرير ان ممثلي المركز لم يلاحظوا استعمالا للقوة أو العنف الجسدي تجاه الأطفال ولكن تم تسجيل بعض الملاحظات المتعلقة بالعنف المعنوي واللفظي من قبل بعض العاملين في هذه الدور وتنحصر أساليب العقاب في الحرمان من بعض الأنشطة أو تكليف المخالف بعمل إضافي غير محبب لديه.
وطالب المركز باستحداث قانون وطني يحمي أفراد الأسرة بما فيهم الأطفال في إطار المؤسسة الزواجية من العنف الأسري. وقال إن أهم ملامح القصور في القانون الجديد هو اشتراط أن يكون مرتكب الجريمة المعنف بحق أي من أفراد الأسرة سواء البالغين أو القاصرين, قاطناً في نفس المنزل مما يأتي غير منسجم مع روح ونصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يتوسع في حمايته للأسرة الحدود والحواجز البيئية المصطنعة.
توصيات عامة
وأوصى التقرير بالإسراع في استكمال الإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة باعتماد مشروع قانون الأحداث الجديد لدى ديوان الرأي والتشريع, والتوعية والتدريب على حقوق الإنسان عموماً وحقوق الأطفال خصوصاً لكل العاملين في دور الأحداث, والقضاة والمدعين العامين, وبصفة خاصة أفراد البحث الجنائي, وتفعيل التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية بالتعامل مع الأطفال في نزاع مع القانون إضافة لمنظمات المجتمع المدني التي تقدم برامج وخدمات لتحسين ظروف هذه الفئة من الأطفال.
وعن التوصيات المتعلقة بوزارة التنمية الاجتماعية دعا المركز إلى ربط إدارات دور الأحداث إلكترونيا مع الإدارة العامة في الوزارة لغايات تسهيل عملية المتابعة والتوثيق, وتعيين اختصاصيين في علم النفس لدى جميع الدور لمساعدة الأطفال على تجاوز مرحلة الاحتجاز, والاهتمام بصيانة المباني القديمة والتأكيد على النظافة العامة وتوفير أغطية أسرة قابلة للتغيير الدوري لتجنب عدوى الأمراض, وتحسين أوضاع العاملين في مؤسسات الدفاع الاجتماعي لخلق الحافز والرغبة في تطوير العمل نحو تأهيل و إصلاح و إعادة دمج هذه الفئة من الأطفال في المجتمع, ومتابعة أوضاع الأحداث مع جهة حيادية ومستقلة مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان لما فيه خير ورفاه الأطفال في نزاع مع القانون وتمشياً مع المعايير الدولية والتشريعات الوطنية.
وطالب بضرورة تعديل وتطوير تعليمات أو أنظمة خاصة بدور الأحداث وتطوير نظام استقبال الشكاوى من الأطفال المحتجزين مباشرة لرفع حس المواطنة لديهم وتعزيز المطالبة بحقوقهم, وتشجيع ذوي الأطفال في تحمل المسؤولية تجاه أبنائهم وتكثيف زياراتهم للدور.
وحول التوصيات الخاصة بقضاء الأحداث طالب بزيادة عدد الهيئات والمحاكم الخاصة بالأحداث انسجاماً مع الاتفاقية الدولية للطفل, وتنفيذ زيارات ميدانية دورية من قبل القضاة لدور الأحداث, وتفعيل العقوبات غير السالبة للحرية تحت غطاء العدالة الإصلاحية للأحداث الجانحين التي تؤكد تحميل الطفل المخالف للقانون مسؤوليته الشخصية تجاه أفعاله من خلال جبر الضرر والتعويض بممارسة أعمال نافعة للمجتمع, واللجوء إلى فض النزاع بالطرق السلمية كلما أمكن, وإنشاء قاعدة بيانات واضحة وواقعية تسهم في رفع سقف الحماية القانونية والوقائية للأطفال في نزاع مع القانون, وتخصيص قضاة يشرفون على تنفيذ الجزاءات المترتبة على الأحداث.
وعن التوصيات المتعلقة بمديرية الأمن العام دعا التقرير إلى إنشاء شرطة متخصصة ومدربة للتعامل مع الأحداث الجانحين, وضرورة التزام مديريات الشرطة من شمال عمان والزرقاء بتحويل الأحداث إلى مكاتب الأحداث في مركز أمن طارق ومركز أمن الحسن في الزرقاء لغايات تفعيل دور المكاتب المنشأة خصيصاً فيها للتعامل مع قضايا الأحداث, وعدم اعتبار قضايا الأطفال في نزاع مع القانون من الأسبقيات, واحترام خصوصية الحدث والسرية التامة في إجراءات التقاضي.











































