57 ألف أردنية تحلم بالرقم الوطني لأولادهن
تعاني 57 ألف و419 أردنية من عدم استفادة أولادهن وأزواجهن من الخدمات الحكومية؛ كالطبابة والتعليم ومهن تشترط "الرقم الوطني" للقبول في العمل، ما استدعى المنظمات الحقوقية المحلية منها والدولية المطالبة بضرورة وضع حد لهذا القرار "الجائر".ورغم ان الأردن تم انتخابه مطلع عام 2006 ليكون عضواً في مجلس حقوق الإنسان العالمي، ما دفع منظمات حقوقية أردنية إلى تنفيذ حملة لأجل حث الحكومة على التوقيع على مواد اتفاقية (سيداو) العالمية كافة، المتعلقة بحقوق المرأة وتحديدا تلك المتعلقة بمنحها الجنسية لزوجها وأولادها.
لكن الحكومات الأردنية المتعاقبة لا ترمي بالا بمطالبات "الرقم الوطني" لأزواج الأردنيات وأطفالها، على اعتبار انه "شأن سياسي مرتبط بالتوطين" وفق وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة الذي صرح سابقا ان الحكومة آنذاك "تراجعت عن تجنيس أبناء الأردنيات المتزوجات من فلسطينيين بعدما ثبت انه يشمل حوالي نصف مليون فلسطيني".
ولا يلوح في الأفق أي تحرك حكومي نحو تعديل قانون الجنسية في الوقت الراهن، والذي تتضرر منه العائلات لتطالب أكثر من مؤسسة مجتمع مدني بضرورة التحرك نحو منحهم الحقوق المدنية والمتمثلة بالقبول في المدارس وبدون دفع المال أو في المراكز الطبية أو في الأعمال.
تطبيق قرار "فك الارتباط" الذي أعلنه الملك الراحل حسين بتاريخ 31/7/1988 بين الأردن والضفة نتج عنه سلسلة إجراءات وصفها ناشطون حقوقيون "بالتعسفية" مثل سحب وثائق إثبات الشخصية منه: دفتر العائلة، جواز السفر، الهوية الشخصية، إلغاء الرقم الوطني، استبدال جوازات السفر العادية بأخرى مؤقتة، صرف بطاقة إحصاء الجسور ذات اللون الأخضر.
عام 2005 أصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان تقريرا طالب فيه بضرورة إجراء تعديلات على قانون الجنسية الأردنية وإلغاء تحفظ الأردن على المادة التاسعة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ليتم منحها الحق بالتساوي مع الرجل في منح جنسيتها لأطفالها؛ وذلك أمام الأعداد المتزايدة لأردنيات متزوجات من غير الأردنيين.
المركز الوطني، وهو مركز مستقل ماليا وإداريا، اعتبر في تقريره الرابع الصادر عام 2007 ان "قرارات الإدارة الحكومية المتعلقة بسحب الوثائق الثبوتية الخاصة بحملة الجنسية الأردنية تمس هذا الحق وتحول دون التمتع به، ودون اعتبار لدستورية هذه القرارات أو عدم دستوريتها".
ويعتبر المركز أن سحب هذه الوثائق، "ما يترتب عليها من تجريد المواطن من جنسيته دون صدور حكم قضائي ابتداء يعتبر تعسفاً وانتهاكاً أساسياً لحق هو الأساس للتمتع بالحقوق الأخرى في البلاد. كما نص على انه "لا تزال محكمة العدل العليا تعتبر قرار سحب الأوراق الثبوتية الرسمية المتعلقة بالحق في الجنسية - استناداً إلى قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية - عملاً من أعمال السيادة للدولة؛ الأمر الذي لا يشجع المواطنين على رفع الدعاوى المتعلقة بالحرمان من الجنسية أمامها، حيث بلغ عدد الدعاوى المرفوعة أمامها خلال عام 2007 تسع دعاوى فقط".
تطبيق قانون الجنسية الأردنية ضمن تعليمات قرار فك الارتباط، يعتبر مخالفا لأحكام المادة (5) من الدستور، والذي ينص صراحة على أن (الجنسية الأردنية تحدد بقانون) ولا يتضمن قانون الجنسية رقم (6) لسنة 1954م أي نص يجيز سحب الجنسية.
ويعتبر المركز الوطني ان سحب الوثائق الثبوتية الخاصة بحملة الجنسية الأردنية من دون صدور حكم قضائي "تعسفا وانتهاكا" أساسيا لحق هو الأساس للتمتع بالحقوق الأخرى في البلاد.
حمادة فراعنة، نائب سابق في مجلس النواب، قدم خطابا في دورة النواب مطلع عام 1997 تناول فيه "حقوق الأردنيين من أصول الفلسطينية" طالب فيه إشراك الأردنيين في مؤسسات الدولة "من باب انهم شركاء في الأمن الوطني والاجتماعي والاقتصادي" سُجل في تلك الجلسة انسحاب كل من النواب احمد عويدي العبادي وخليل عطية وبرجس الحديد معتبرين ان الخطاب "فيه من العنصرية والتجني الكثير وشأن خطابه إثارة البلبلة داخل المجتمع" لكن حمادة يقول: "انه آن الأوان لأن تحل المسألة بشكل تدريجي متأني".
يعتقد الفراعنة ان "دوافع الآخرين ليست نزيهة في عدم إعطاء الحقوق لفئة البدون والذين يفتقدونها" مطالبا "بالانفتاح" لمعاجلة هذا الملف. يقول إنه "يجب ان تعالج المسألة بدون تعصب أو ادعاء من كلا الطرفين على انهما أصحاب الحق ولكن استمرار الحال على ما هو عليه سيبقي البوابة مفتوحة وتظل الضغوطات العالمية والعربية تطالب بإنصافهم".
خالد الكلالدة، أمين عام حركة اليسار الاجتماعي الأردني، يرى ان الأساس في منطق الأمور ان تتساوى الأردنية مع الأردني؛ فكما الأردني يستطيع ان يجنس تستطيع الأردنية كذلك، لكن هذا له "مطبات سياسية" ولابد من العودة إلى السياسة بما يخص الفلسطينيين تحديدا "وعليه ان يبقى كذلك بدون حق التصويت في البرلمان إلى حين ان تحل القضية الفلسطينية مع ضرورة عدم التضييق على الحقوق من مدرسة وعمل..".
وأصدرت حركة اليسار الاجتماعي وثيقة قبل فترة لكنها لم تنتشر تناولت هذه الملف، يقول كلالدة إن "هيئة الأمم المتحدة بدأت تسقط مخيمات فلسطينية في الأردن من تعبيرها من باب التوطين السيء هناك مشاريع لترحيل الفلسطينيين إلى وطن آخر، وإذا أيدنا هذا من حيث توطينهم من باب العروبة والوحدة فنحن نخدم الإسرائيليين فقط".
صادق الأردن على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، ولكنه تحفظ على المواد ( 9/2، 15/4، 16/ج،د،ز) من الاتفاقية. والمادة (9/2) تقضي "بضرورة منح الجنسية للأبناء والزوج"، وكذلك الحال بالنسبة للمادة (15/4) المتعلقة "بالحق المتصل بحرية الحركة واختيار محل السكن." ويطالب المركز الوطني لحقوق الإنسان بمنح الأردنية هذا الحق.
وكان للأردن نصيب وافر من التوقيع على الاتفاقيات الدولية التي تقضي بإزالة أشكال التمييز كافة ضد المرأة منها: "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"، "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، لكن كل هذه الاتفاقيات لم تشفع للأردنية المتزوجة من غير أردني في منح أبنائها جنسيتها.
الملكة رانيا العبدالله أعلنت لدى افتتاحها الدورة الثانية لاجتماعات قمة المرأة العربية الذي عُقد في عمان بتاريخ الثاني من تشرين ثاني عام 2002 بكلمة ألقتها عن (توجه الحكومة لاحتمال منح المرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني الحق في منح أبنائها جنسيتها).. شأن هذه التعديلات هي "إعطاء الأردنية حق التقدم بطلب الحصول على جواز سفر دون موافقة زوجها". وهذا ما أثار حفيظة بعض النخب السياسية والتي اعتبرته بالأمر المهدد للأردن ونسيجه الوطني، لأن سيسمح لمئات الأسر الغزية بالتوطين وهو ما يعتبره الأردن مخالفا لإيجاد دولة فلسطينية مستقلة ورفض فكرة الوطن البديل. ولم يرق لبعض الشخصيات ما أعلنته الملكة ومن بينهم العين السابق، جهاد المومني، ورئيس تحرير جريدة "شيحان" الأسبوعية.
إيفا أبو حلاوة، مديرة مؤسسة "ميزان" الناشطة في حقوق الإنسان لفتت إلى أن المنظمة تتلقى عشرات الشكاوى شهريا تتعلق بأردنيات متضررات من قانون الجنسية الأردنية "لا نستطيع مساعدة تلك النساء لأنها تتعلق بالقانون".
إستمع الآن