“فاجعة الباكستانيين” تجدد المطالب بإصدار نظام للعاملين في الزراعة

 يعاني ما يقارب [1]3016 من العمال الباكستانين الموجودين في الأردن ويعمل غالبيتهم في القطاع الزراعي من ظروف عمل صعبة، إذ أن هنالك العديد من المخالفات في بيئة العمل وشروط الصحة والسلامة المهنية في ظل غياب نظام للعاملين في الزراعة الذي ساهم في زيادة الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون في القطاع الزراعي.

العمال الباكستانيون ... الموت المنتظر

أعادت قصة العائلة الباكستانية التي استقرت في الأردن منذ منتصف السبعينيات، وتوفى غالبية أفرادها في الثاني من كانون الأول 2019، نتيجة حريق نجم عن التماس كهربائي بسبب عدم وجود معايير سلامة في التمديدات الكهربائية، ظروف وبيئة عمل ومعيشة العمال الباكستانيون الذين يقيمون في منازل من الصفيح ويعملون في الزراعة، حيث يتضمنون أراضي زراعية يقيمون فيها ويعملون على مدار الموسم الزاعي.

وفي التفاصيل لم تكن  تعلم العائلة الباكستانية  التي تقطن منطقة الكرامة في لواء الشونة الجنوبية  أن الأمطار ستكون سببا لفقدان 13 فردا حياتهم من أصل 16 فردا، يسكنون جميعا  في منزل أساسه من القطع الخشبية، وجدرانه بطول متر من ألواح الزينكو وألواح الكرتون، وسقفه من الكرتون، ومغطى بالبلاستيك.

بناء المنزل بهذا الشكل كان عاملا أساسيا لاشتعال النار بشكل أسرع بعد أن حدث التماس كهربائي ، من خط  الكهرباء الواصل بين المنزل وعداد الكهرباء الذي يخدم الوحدة الزراعية بقدرة 3 فاز، وتعتبر تلك الوحدة الزراعية هي مكان سكان وعمل العائلة، حيث تبعد المزرعة عن الشارع الرئيسي حوالي 2 كيلو ونصف.

عند زيارة فريق مركز تمكين لموقع الحادثة، التقوا أحد أقارب العائلة المنكوبة وقال: "أن الحريق بدأ الساعة الواحدة والنصف ليلا، ولم يخرج من العائلة سواء الأب والابن الأوسط، وكان الابن الثاني الذي نجا من الحريق في منزل أحد اقاربه، ولم يستطيعوا الثلاثة إنقاذ باقي أفراد العائلة لسرعة اشتعال النيران".

وأتى الحريق على كافة أرجاء المنزل الذي لا تتجاوز مساحته ـ100 مترا، ومقسم من الداخل إلى 6 غرف، غرفة الأب والأم/ و غرفة للإحفاد، وغرف الأبناء وزوجاتهم.

وذهب ضحية الحريق 13 فردا منهم: 8 أطفال و4 سيدات ورجلا واحد، إثر تعرضهم لحروق بالغة في الجسم، وصلت بعضها لدرجة التفحم.

واتضح من الزيارة الميدانية لمركز تمكين، أن هذا المنزل المحترق ليس المنزل الوحيد في الوحدات الزراعية، انما يوجد عدد من المنازل وطريقة بنائها واحد ، وهي معرضة للاحتراق في أي وقت.

ويجدر الإشارة أن العمالة الباكستانية دخلت إلى الأردن عام (1975) عن طريق وزارة العمل التي كان يطلق عليها وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل، واشتغل (العامل الباكستاني) في تنظيف المدن الرئيسية كخطوة أولى في بلديات؛ عمان، والزرقاء، وإربد، وكانت البلديات توفر له مكانس من الأشجار الشوكية وبرميل لوضع النفايات فيه.

نظام العاملين في الزراعة

قبل عام 2008 كان العمال الزراعيون مستثنيين بشكل صريح من قانون العمل، كما نصت المادة 3 على ذلك، حيث شهد العمال الزراعيون تمييزاً خفياً نتيجة للبند رقم 4 لسنة 2003 حيث تنص هذه اللائحة على أن قانون العمل يشمل المهندسين والأطباء البيطريين والعاملين في المؤسسات العامة والفنيين فقط.

 في عام 2008 تبنى القانون رقم 48/2008 الذي راجع صياغة المادة رقم 3 فيما يتعلق بتطبيق قانون العمل على العمال الزراعيين الذي ينص حالياً على التالي:

 أ- مع مراعاة أحكام الفقرة (ب) من هذه المادة، تطبق أحكام هذا القانون على جميع العمال وأصحاب العمل باستثناء الموظفين العامين وموظفي البلديات.

ب- تحدد الأحكام التي يخضع إليها عمال الزراعة والعاملون في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية على أن يتضمن هذا النظام تنظيم عقود عملهم وأوقات العمل والراحة والتفتيش وأي أمور أخرى تتعلق باستخدامهم."

بعبارة أخرى يغطي قانون العمل رقم 48 لسنة 2008 "جميع العمال" باستثناء بعض الفئات من بينهم العمال الزراعيون الذين يخضعون لأحكام خاصة من خلال نظام يصدر لهذه الغاية، إلا أنه منذ عام 2008 وحتى الآن بعد مرور 5 سنوات، لم يتم إصدار هذا النظام، خلافاً لفئة العاملين في المنازل والبساتين الذي صدر النظام الخاص بهم عام 2009 ، ونتيجة لذلك يمكن اعتبار الوضع الحالي ثغرة قانونية فيما يتعلق بوضع العمال الزراعيين في الأردن].

إن عدم إصدار نظام خاص بعمال الزراعة يجعلهم عمال مستضعفين يسهل استغلالهم وحرمانهم من الحقوق، من حيث الأجور، وساعات العمل، وتوفير أدوات السلامة العامة، وحرمانهم من الإجازات السنوية والمرضية، وحرمانهم من الاشتراك في الضمان الاجتماعي، وغيرها من الحقوق العمالية التي نص عليها قانون العمل الأردني.

ظروف عمل الباكستانيين في الأردن

قدم غالبية المزارعين الباكستانيين من بلوشستان والسند في جنوب باكستان، حيث توجه المزارعون الباكستانيون إلى مكة المكرمة للحج واستقروا في الأردن في طريق عودتهم لبلادهم.

وتعمل العائلات الباكستانية في القطاع الزراعي في الأردن منذ ثلاثة أجيال متعاقبة، حيث لم ير العديد من أفرادها باكستان وهم أقرب ثقافياً للأردن من بلادهم الأصلية، فالجيل الثاني والثالث ولدوا في الأردن، وبما أنهم عاشوا في الأردن حياتهم كلها فإنهم يتحدثون العربية بطلاقة وخصوصاً من كان لديهم فرصة الالتحاق بالمدرسة. ومع ذلك، فإن أحدهم لم يحصل على الجنسية الأردنية أو تصاريح إقامة طويلة الأجل، حيث أن القانون الأردني لا يسمح بذلك.

تخمن سفارة باكستان أن عدد العاملين في الزراعة من الباكستانيين يتراوح بين 6,000 الى 8,000 شخصاً من بينهم زوجات وأطفال وهم يمثلون الأغلبية العظمى للسكان الباكستانيين في المملكة وهم لا يكسبون الكثير من النشاط الزراعي وليسوا أغنياء ولكن لديهم عائلات كبيرة[3].

يتعرض الباكستانيون في الأردن لتحديات عدة منها عدم القدرة على التملك والبناء، وتعليم أبنائهم إلا أن أهم تحدي متعلق بالسكن غير الملائم.

السكن

يعيش العمال الباكستانيون في خيام أو بيوت من الصفيح، ويستقرون في غور الأردن، ويتنقلون تبعاً للمواسم الزراعية، ولا يحق لهم البناء في الأراضي الزراعية، كذلك فإن منازلهم غير مهيئة للسكن وتفتقر لمقومات السلامة العامة حيث يطهون الطعام على مواقد ويستخدمون الحطب، مع غياب للمرافق الصحية، والمياة الصالحة للشرب في غالبية الأحيان، رغم أنهم يتضمون الأراضي الزراعية ويعملون فيها، إلا أن ذلك الأمر لم يساعدهم في بناء منازل لائقة.

وتفتقر غالبية المساكن للنوافذ والتهوية، والإضاءة المناسية، كذلك تفتقر في بنائها لمعايير السلامة مما قد يعرض سكانها لخطر الإصابات أو الأمراض التنفسية، أو تعرضهم لقرص الحشرات، وتفتقر كذلك غالبية المساكن لخدمات الصرف الصحي الأساسية بما في ذلك المراحيض.

أضف تعليقك