يوحنا يضيء صمت المارين بالعزف على سكسافون

الرابط المختصر

عشق
آلة سكسافون منذ طفولته وأصبحت جزءا منه، ذلك ليملأ فراغه الذي داهمه بعد غياب
زوجته "الحبيبة" كما يقول دوما عندما يتذكرها.مضى أكثر من 26 عاما وهو يعزف على آلته التي أصبحت أيضا
مصدر رزقه إضافة إلى مصدر متعته.


انه الخمسيني يوحنا الملقب بابو ألن عراقي الأصل، اتخذ
زاوية له في إحدى الأسواق التجارية، لإمتاع الحضور بما تعزف يداه ابتهاجا بقرب
الأعياد.


عندما رأيته يعزف استوقفني... لأنني لم اعتد على رؤية
ظاهرة العزف هذه، في الأسواق العامة كما في البلاد الغربية وشوارعها، وقاطعته عن
العزف وقلت له: " يعطيك العافية ".


هنا، بدأت معه بالحديث، وقاطعته للحظات عن إمتاع الناس
بما يعزف من اجل لقاء، لم يأخذ منا سوى دقائق معدودة، أثار فيها فضول المارين وهم
ينظرون إليه، حاملا آلته الموسيقية ، كان خجلا في بداية الأمر ورافضا الحديث لكن..


ومع الإقناع المستمر اعدل عن الفكرة واسترسل بالحديث
وقال: " تعلمت العزف في معهد الموسيقى في العراق، منذ طفولتي كنت استمع
للعديد من الموسيقيين والمغنيين وأنا الوحيد من عائلتي الذي يعزف وعندما أصبح عمري
14 عاما اتجهت لممارسة العزف واخترت آلة السكسافون لما لها من ميزة جميلة بالنسبة
لي وعزفت عليها العديد من الإلحان والأغنيات حتى تعلمت عزف الأغاني الأردنية، تخرج
على يدي العديد من الطلبة فمنهم من يعمل الان عازف ساكسافون في فرقة كاظم
الساهر".


ويتابع "أصبحت آلتي بمثابة زوجتي الثانية بعدما فقد
زوجتي منذ حوالي 11 شهرا في غيابها اشعر بالفراغ ولكن ما باليد حيلة لا بد أن
تستمر الحياة".


أثناء الحديث معه كان يتوقف عن الكلام ....يعزف قليلا ثم
يعاود الحديث، وهكذا حتى نهاية.


عمله في هذا السوق من اجل لقمة عيش بات من الصعب توفيرها
في هذا الزمن، ويتابع حديثه "اعمل من اجل لقمة عيشي، الحمد الله مستورة الكل
يساعدني، لي ابن يعمل في الخارج ويرسل لي نقودا من اجل أن أعيش".


منذ متى وأنت في الأردن ؟ أجاب أبو ألن "منذ 13
عاما فقد أصبحت الأردن بمثابة بلدي الثاني، فالشعب الأردني كان عطوفا معي، ولي
دينا في رقبتي لسد عطفهم علي فلن أنساهم مهما حييت".


لن يستغني عن آلته التي اشترها بـ 150 دينار عراقي منذ
26 عاما ورغم علامات الصدأ التي كستها إلا انه يحملها بشيء من الفخر، " اشتريتها
عندما كان الدينار العراقي دينار في ذلك الوقت وهي مطلية بالذهب، وان أرد أن
أبيعها يضاهي سعرها ما يقارب 2000 دينار أردني وهذا الأمر مستحيل فلن استغني عن شيء
أصبح جزءا من حياتي فانا اعتني بها يوميا كما اعتني بأولادي".


أبو ألن يشعر بسعادة لماذا؟ أجاب بضحكة: " أنا فعلا
مبسوط أن الناس الحاضرين إلى السوق التجاري يعجبهم ما اعزفه بآلتي من موسيقى شرقية
وغربية ويتجاوبون معي لأجل الاستماع لما تعزفه آلتي وأيضا لالتقاط الصور معي".


لم أكن ارغب أن ينتهي الحديث معه، بهذه السرعة، لكن نظراته
التي باتت تتحسس آلته الموسيقية دفعتني لإنهاء الحديث، فهو وإن رغب أن يمتع المار
من حوله وأن يحصل على المال ليستمر في عيشه، فالرغبة كانت جامحة لديه أن يستمر في
العزف والإبداع حبا بالموسيقى وبهذه الآلة رفيقة دربه.


يوحنا ستشاهده يوميا يعزف الموسيقى المستمدة من أغنيات
عربية وغربية لطالما كانت عالقة في وجدان من مر من أمامه، فإما تستفزه على الوقوف وأن
ينصت له، وإما تجعله يمر ويستمع بسرعة ويقول "يا لله ما أحلى الموسيقى"
ويمضي في مشواره.


سألني في النهاية ماذا تحبي أن اعزف لك، أجبته بضحكة
خجلة " لسه فاكر"! وسرحت بما عزف حتى النهاية، ما كان علي إلا شكره
والمضي بخطوات تاركة قلبي معه، لكن عقلي كان ممتلئا بقصص وذكريات مفرحة ومحزنه في
آن واحد!.

أضف تعليقك