"يؤسفني إجابة طلبكم بالاعتذار"...اعتذار "الجمارك" لا يغني عن مركبة مستحقة لذوي الإعاقة

الرابط المختصر

"يؤسفني الإجابة على طلبكم بالاعتذار لعدم توافر شروط منح الإعفاء الواردة في نظام إعفاء مركبات الأشخاص ذوي الإعاقة"، تصف أم يزن رد لجنة الإعفاءات على طلبها الحصول على إعفاء جمركي لابنتها، بأنه "مخيب للآمال وغير متوقع"، إذ أن ابنتها حلا (14 عاما) تعاني من الصرع المزمن، ونتوءات لحمية على الدماغ بنسبة عجز 85 في المئة، وإعاقة عقلية غير مستجيبة للعلاج.

يشتكي أصحاب إعاقة وذووهم من رفض طلبات حصولهم على الإعفاء الجمركي للمركبات، على الرغم من شمول حالاتهم في نظام إعفاء مركبات الأشخاص ذوي الإعاقة لسنة 2019، معترضين على عدم توضيح أسباب الرفض في كتاب القرار. ويبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في الأردن نحو 737 ألف شخص، بحسب التعداد العام للسكان والمساكن لسنة 2015.



يكفل قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة 20 لسنة 2017 حقهم في الحصول على إعفاء كليّ لواسطة نقل واحدة مخصصة لاستعمال الشخص ذوي الإعاقة من الرسوم الجمركية والضريبة العامة على المبيعات، والضريبة الخاصة، ورسوم طوابع الواردات، وأي رسوم أخرى. مع ذلك، فإن إجمالي عدد الإعفاءات الجمركية المصروفة حتى عام 2021 ما يقارب 40 ألف إعفاء.

 

تقدمت نهى عبد الله (53 عاما) بطلب الحصول على الإعفاء عام 2019، إلا أن النظر فيه تأخر بسبب جائحة كورونا، وقوبل بالرفض في النهاية من دون توضيح السبب. لم تحصل عبد الله على حقها رغم معاناتها من انفصام عقلي الوجداني مزمن بنسبة عجز 80 في المئة، وإعاقة عقلية شديدة، وهو تشخيص مشمول في نظام إعفاء مركبات الاشخاص ذوي الاعاقة و تعديلاته رقم (27) لسنة 2019 .

وعلى الرغم من أنّ التقارير الطبية تثبت أن وجدي الدبابي لديه تشوه شرياني ووريدي عميق منذ الولادة وضعف شديد في الجهة اليسرى ناجم عن إصابته بجلطة نزيفية في 2018،إلا أنه طلبه رُفِض أيضًا، "عنا سيارة أبوي وشغله حر، يعني بضل طالع فيها ما بقدر يخليها بالدار فمش متوفرة لتنقلاتي، فأنا محتاج سيارة حديثة"، وانتقد الدبابي عدم ذكر أسباب الرفض وتحديد الشروط غير المستوفاة، "فيترك الفرد بلا معرفة أسباب رفضه حتى يصححها في حال التقديم مرة أخرى"، كما يقول.

توضح الباحثة الحقوقية في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة المحامية إيناس زايد، أن القوانين تصدر ومعها الأنظمة، لكن المشكلة تكمن في صدور أنظمة جديدة باشتراطات معطلة للنص القانوني الأصلي، والقاعدة العامة تقول: "لا يجوز أن تكون هناك تشريعات تخالف تشريعا أعلى"، إلا أنه في بعض الأحيان لذريعة الغايات التنظيمية في بعض الأمور يتم استثناء بعض الفئات التي تندرج تحت مفهوم الأشخاص ذوي الإعاقة.

وترى أنه من حق الشخص ذوي الإعاقة معرفة سبب رفض طلبه، وتضيف: "هذا من باب الشفافية والنزاهة، ولضمان عدم إساءة استخدام السلطة أو التجاوز فيها، ويحق للشخص هنا مراجعة الدائرة نفسها لمعرفة السبب وفي حال عدم إفادته به يمكنه الطعن بالقرار خلال 60 يوما من صدوره أمام المحكمة الإدارية، فأحد الأسباب التي يمكن للمحامي استخدامها للطعن فيه لدى المحكمة هو عدم وضوح سبب الرفض في القرار".

 

والإعاقات المشمولة في الإعفاء

  • الإعاقات التي تعد من أشكال القصور والتعطل الوظيفي الدائمة كالقصور التام في الأطراف السفلية أو العلوية أو في أحدها أو فقدان أي منها.
  • قصر القامة على ألا يتجاوز طول طالب الإعفاء (121) سنتيمترا للإناث و (131) سنتيمتر للذكور
  • كف البصر التام أو ضعف البصر الشديد على ألا تقل حدة الإبصار عن (60/6) في كل عين على حدة ومع استخدام التصحيح العلاجي
  • الصمم الكلي أو ضعف السمع الشديد الذي ال تقل حدة السمع فيه عن (70 ) ديسيبل في كل أذن على حدة على كل ذبذبة من ذبذبات التخطيط السمعي ومع استخدام المعينات السمعية بما في ذلك القوقعة
  •  إعاقات التوحد ومتلازمة داون
  • الإعاقات العصبية أو النفسية أو الذهنية المتوسطة أو الشديدة التي لا يستطيع أصحابها قيادة المركبات بأنفسهم
  • التصلب اللويحي المتقدم غير المستجيب للعلاج والذي يحول دون تمكن الشخص من قيادة المركبة بنفسه. 

الأطباء.. أصحاب القرار

تكمن أسباب منح الأشخاص ذوي الإعاقة إعفاءات جمركية للمركبات في منحهم تعويضا عن عدم تهيئة وسائل وسائل النقل العامة، والتكلفة العالية لاستخدام مركبات الأجرة في التنقلات، وفق الناطق باسم المجلس الأعلى للأشخاص ذوي الإعاقة رأفت الزيتاوي. الإعفاءات بنظره، بديل يمكنهم من التنقل باعتباره أساس الوصول للحقوق الأخرى كافة، مثل التعليم والعمل وحتى الاندماج في المجتمع.

تتشكل لجنة الإعفاءات الجمركية في دائرة الجمارك برئاسة أحد كبار موظفيها يسميه المدير العام، وممثل عن مركز تشخيص الإعاقات في وزارة الصحة، وأربعة أطباء مختصين في أنواع الإعاقة المشمولة في النظام يسميهم وزير الصحة ومدير عام الخدمات الطبية الملكية، وممثل عن المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وتتولى اللجنة دراسة الطلبات المقدمة والتثبت من توفر شروط منح الإعفاء، والتحقق من أحقية طالب الإعفاء وفحصه لغايات اعتماد تقرير التشخيص، ومن ثم رفع التنسيب بالموافقة على منح الإعفاء أو عدمه أو سحبه، لمدير عام دائرة الجمارك لإصدار القرار النهائي.

وعن دور المجلس في لجنة الإعفاء الجمركي، وصفه الزيتاوي بأنه إداري فقط. مشيرا إلى أن  تحليل التقارير الطبية وتشخيص الحالة، أمور من اختصاص ودور الأطباء في اللجنة.

 

من جانبه، يقول مدير مديرية صحة إربد شادي بني هاني: "تقديم طلبات الحصول على إعفاء جمركي أصبحت إلكترونية منذ عام ونصف، وترفق فيها التقارير الطبية وهي خطوة للتخفيف على الناس منذ بدء الجائحة".

ويسمى التقرير الطبي، تقرير التشخيص، ويصدر عن إحدى مستشفيات وزارة الصحة أو الخدمات الطبية الملكية، يعتمده الأطباء الاختصاصيون في لجنة الإعفاءات الجمركية والذي يحدد نوع الإعاقة وطبيعتها ودرجتها.

سياسة القبول والرفض لدى لجنة الإعفاءات الجمركية متغيرة ومحكومة بشروط مقرونة بحالة المريض، فنسب العجز تحدد للعضو وليس للجسد. ولا تعتبر النسبة وحدها معيارا، إذ يؤخذ في الاعتبار الأداء الوظيفي للجسد، وحجم التعطل الذي تسببت فيه الإعاقة، وهذا كله يقرره الأطباء في لجنة الإعفاء الجمركي، يقول بني هاني.

أسباب مجهولة

"لما أجى الرفض العالم استغربت، الدكاترة اللي براجع ابني عندهم استغربوا، حقه هاد كيف ييجيه رفض، ما بعرف يعني إعاقته مدى الحياة ما في نسبة عجز 70و80 بل 100%"، يسرد ماهر الرواشدة حيثيات رفض طلب ابنه، رغم تشخيصه من قبل اللجنة الطبية اللوائية في إربد بوجود إعاقة عقلية، وفرط حركة، وتشتت من الدرجة الشديدة، وهو بحاجة لعلاج مدى الحياة.

قدمت معدة التقرير 'طلب حق الحصول على المعلومة لدائرة الجمارك، إلا أنهم أجابوا بعدم وجود ردود حالية، واكتفوا بالإشارة إلى نيتهم نشر تقرير يجيب عن الاستفسارات المقدمة، واستفسارات أخرى للمواطنين.

ومع عدم تحديد موعد صدور تقرير دائرة الجمارك، لا يملك طالبو الإعفاءات من ذوي الإعاقة، سوى الانتظار. انتظار يأملون أن يحمل معه تفسيرا لأسباب رفض طلباتهم، على أمل التقدم مرة أخرى، للحصول على حق نص عليه القانون.