وللفقراء مول بوسط البلد

الرابط المختصر

إن كنت أردنياً وصاحب فضول في البحث عن الشيء المختلف والغريب. عليك بسوق الجورة، وإليك كيف تذهب إليه. "مع السائرين نحو رخيص الثمن والمناسب للجيب، ولا يٌحدث خللاً بميزانية الشهر. اذهب إلى سقف السيل من طريق رأس العين. وبعد الإشارة المرورية، وعلى بُعد مئتي متر تقريبا. التفت يميناً ستجد أرضاً منخفضة عن الشارع وكأنها كراجاً تظهر من خلال مجموعة من البضائع وناس".



يحدق نضال أحمد قرب بسطته المكونة من أثاث وخزائن قديمة متهالكة ومقاعد أسفنجية وبلاستيكية ومٌكيًف وأجهزة الكمبيوتر وثلاجات وبوفيهات وشواية أو باربكيو يظهر كأنها من خلال هذه الأجهزة أنها كانت لعائلات مرفهة، منتشرة جميعها على جزء كبير كبسطة، يحدق بالمواطنين المارين عند بسطته بفضول باحث عن شيء مثير وغريب.



عند بضاعته وقرب طاولة خشبية رطبة يقف نضال بملابسه البالية ورائحة التعب واحمرار عينيه، يتحدث عن رزقه ونوعية المواطنين الذين يأتون إليه "أشكال ألوان المواطنين، من يريد الشراء أو الاستفسار أو لأجل البحث فقط دون شراء".



لا يتذمر نضال فعين الناظر تبقى متوجهة إلى بضاعته، والتي يتعقد أنها ملفتة وتحتاج لمن يريد الشراء أن يقبع دقائق وأكثر للتدقيق ومراجعة الذات لأجل الشراء فهي ليست بمزحة "خزانة كبيرة بوفيه خشبي، غرفة نوم كبيرة".



جورة مول

سوق الجورة أو قد نطلق عليه بـ"الجورة مول" تيمناً بمولات عمان الغربية، مليء باحتياجات العائلات الأردنية ويعرفه الجميع منذ السنوات، ففي السابق كان يلقب بسوق الحرامية، ليس الآن فمصدرهم ليس السرقة إنما "المتاجر بخردوات منازل المواطنين من خلال تجوال "بك آب" والذي ينادي عبر مكبر الصوت عن من يريد بيع الخردوات بأسعار مناسبة، وبعدها "نقوم بتزبيطها وتكتكتها" كما يقول نضال.



"بضاعتي لها زبائنها"، يعلق نضال "لا يمكن تصنيفهم بفقراء. فهناك زبائن مقتدرين، ولديهم هواية شراء الخردوات والقطع الانتيكا التي قد تتوفر في أسبوع لدي".



"لدي مكيف قديم وكبير، سعره 130 ديناراً، لدي جهاز كمبيوتر يعمل لكنه بطيء ب65 دينارا، وهذه أسعار لا يقدر عليها سوى من لديه المال الكافي، لذلك قد يأتي إلي مواطنين مقتدرين وأحوالهم المادية جيدة وجيدة جداً ويشترون دون مفاصلة أبداً".



ومن القطع الغريبة التي يبيعها نضال "باب خشبي عتيق. أدوات حمام متهالكة"، وعن أمور قد تحصل معه "يأتي رجل نظل ساعة ونصف يبخس بقطعة لشرائها وأنا أريدها بالسعر الذي أريده ونصل إلى سعر معين وبعد ذلك أراه يذهب دون شراء ولا حتى سلام".



الألبسة الأوروبية لها زبونها

نضال ليس وحده في الجورة كبائع يعمل بنشاط وإقبال، فهناك أيضاَ أحمد عمران صاحب بسطة ألبسة أوروبية معلقة على أعمدة حديدية الألوان الفاقعة مع بعضها والسوداء والبيضاء لوحدها والسراويل القصيرة لوحدها، يجلس بينها ينتظر من يأتي إليه من المواطنين الذي يسيرون بين البضاعة باحثين عن ما يرونه مناسب لهم، فالسعر "دينار وأقل، وقابل للمفاصلة".



"أولاد فرير والهاي هاي يأتون عندي لأجل شراء الألبسة الأوروبية. فهي أنظف من الإنتاج المحلي". ويقول أن الحركة في هذه الفترة ليست لأجل الشراء إنما للنظر فقط.



يا حزين يا مفلس

أحمد يشتري بضاعة بسطته هو وشركائه بكميات، "هناك ملابس لقطة فيها ماركات وأحيانا قد تكون جديدة وبالصدفة موجود\ة داخل الألبسة، وقد تساومها في محلات الماركات مرتفعة الثمن جداً، لكن هنا تباع بدينار وأرخص حسب المفاصلة والمعزة".



"يلا يا شباب. يا حزين يا مفلس بنصف دينار، أي بلوزة بنصف دينار"، ينادي الشاب يافع قرب بسطته المحتوية على قمصان وتيشيرت ذات الألوان الرمادية "أنادي على الغلابة والمشحتفين. أمثالي، فالسعر رخيص وخصوصا أن الصيف شارف على الانتهاء".



من أين تعلمت هذه النداءات؟ "من أشرطة الكاسيت قرب البسطات والمحلات والتي تكون مسجلة يصرخون على العالم كلاما ترويجياً وها أنا أرددها دوماً" هل تجدي "نوعاً ما لكن اعتمد على إلحاحي في مطالبتهم بالمجيء إلى البضاعة".



في الأشهر القليلة الماضية ازداد عدد الأردنيين المتسوقين للجورة بنسبة 85 بالمائة حسب سجلات الباعة ويقول بائع أثاث "يخرج المصلون من جامع الحسيني، ويتوجه أكثرهم إلينا ليتسوقوا ويبحثوا عن ما يريدونه أو لا يريدونه".



وحال كهذا، دفع أعداد ليست بقليلة من أصحاب البسطات بفرش بضائعهم الرثة في الجورة يوم الجمعة. بضائعهم متهالكة قديمة، مصدرها بيوت الناس، فالمجلات الفنية القديمة والألعاب الصينية المحطمة والملصقة "أي شيء نقوم ببيعه، سواء يخطر ببالك أو لا يخطر ببالك".

أضف تعليقك