وفاة الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الأردني د.منير حمارنة
توفي اليوم الخميس الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الأردني د.منير حمارنة زوج الناشطة السياسية والحقوقية ليلى نفاع عضو مجلس ادارة شبكة الاعلام المجتمعي.
وسوف يوارى جثمانه الثرى الجمعة في مسقط رأسه في مقبرة مأدبا، بعد الصلاة عليه والقداس في مقبرة مأدبا الجديدة على طريق الكرك الساعة الثالثة، والعزاء في اليوم الأول في مأدبا، والسبت والاحد في جمعية النبر في عمان.
وصفه الكاتب محمود الريماوي بالحزبي متمرس، يقول "اقترنت مسيرة حياته بحزب الرايات الحمراء منذ كان في سنوات اليفاعة.كان عضواً في الخلايا الماركسية في أواخر الأربعينيات قبل تشكيل الحزب، وكان من أعضاء الخلايا آنذاك فؤاد قراعين، وحنا هلسة، وغالب هلسة، وإبراهيم طوال، ومحمد السالم الشاهين، وفايز بجالي الذي بقي من هؤلاء على قيد الحياة. يرجع الحمارنة الفضل في بداية تثقيفه للمحامي حنا هلسة ثم إبراهيم طوال.
يتابع الريماوي في بورتريه نشره بجريدة السجل عن الحمارنة في 2008 منذ ذاك وحتى يوم الناس هذا و«الرفيق» منير الحمارنة رفيقاً. رغم أنه ينتمي لأسرة غير شيوعية.وقد ولد ونشأ في مادبا، وينحدر من أب ميسور كان الفلاحون يستدينون منه. تعلم في إحدى مدارس الإرساليات «الاميركان» في مادبا، وانتقل منها الى مدرسة المطران في عمان، وصادف انه أثناء تقديم امتحان المترك تعرض الملك عبدالله المؤسس لجريمة الاغتيال. وبسبب تلك الظروف لم ينجح أحد من الطلبة الإثني عشر المتقدمين سوى طالب واحد هو.. منير الحمارنة. بعد ذلك درس في مصر ثم في تشيكوسلوفاكيا.ولم يتسن له العودة الى عمان فقصد سورية.
في دمشق قدمه صديقه الكاتب الفلسطيني، فيصل الحوراني، الى مسؤولين اقتصاديين اسند اليه هؤلاء في العام 1966 وهو غير السوري وغير البعثي مهمة بناء المؤسسة الاستهلاكية السورية، وقد نجح في هذه المهمة طيلة 11 عاماً، في وقت لم يكن فيه الاقتصاد الموجه قادراً على الوفاء بالاحتياجات الأساسية للناس، وبخاصة في ظروف حرب العام 1973 حيث وضع خطة تموينية جرى الأخذ بها.
يعتز الحمارنة بهذه التجربة وبالفترة التي أقام فيها في الفيحاء، وهو ما يفسر ربما مشاعر ودية يكنها لسورية.
في العام 1977 يعود الى عمان، دون أن تتاح له فرصة العمل في القطاع الحكومي أو الخاص، فيجتذبه الى العمل مجلس الوحدة الاقتصادية التابع للجامعة العربية خبيراً اقتصادياً، ومديراً للدراسات، وكانت الجامعة العربية وهيئاتها قد انتقلت بعد توقيع كامب ديفيد من القاهرة الى عواصم عربية عديدة، وكانت «حصة» الأردن آنذاك مجلس الوحدة الاقتصادية الذي اتخذ من عمان مركزاً له.
كل ذلك دون أن يبتعد الرفيق عن حزبه، رغم الحظر والتحريم، خائضاً غمار العمل السري، والتباينات الفكرية في صفوف الحزب ومنها تصنيفه كأحد ممثلي الكادر اللينيني الى جانب فهمي السلفيتي، وذلك في مواجهة قيادات مثل: عيسى مدانات، ويعقوب زيادين.
بعض خصومه الحزبيين يصفونه بالبراعة في المناورات الحزبية، وآخرون يعتبرونه متشدداً في المركزية التي لا تتيح مجالاً للتعددية أو لتصعيد كوادر الى مراتب قيادية. وفي المحصلة فإنه أحد أبرز من حافظوا على تماسك الحزب في أصعب الظروف.
من المفارقات أنه مع السماح بعودة الحياة الحزبية ووقف العمل بقانون مكافحة الشيوعية، فإن الحزب أصيب بصدمة كبيرة من خارج الحدود بانهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية. ذلك ادى بين ما أدى إليه خروج قيادات وكوادر أمثال: عيسى مدانات، ومصطفى شنيكات، وموسى المعايطة، وسواهم، وبعضهم انخرط في تشكيل أحزاب جديدة.
واجه الحزب مع تلك الصدمة تحدي مخاطبة الجمهور بجدوى الشيوعية بعد انهيار نموذجها العالمي. وخسر الحزب ليس مجرد غطاء أو مرجعية دولية «أممية»، لكنه خسر فرصة إرسال بعثات دراسية لطلبة في موسكو، وعواصم أوروبية شرقية.وهو ما أدى في النتيجة لانشقاق زيادين، ودخول التنظيم في طور جديد من أطوار صراع البقاء.وهو تحد واجهه الحمارنة ونفر من الرفاق والرفيقات وما زالت ذيوله ممتدة.
يضاف اليه المد الإسلامي بتلويناته المختلفة، الذي يناقض العلمانية.المشكلة أن الشيوعيين وسواهم من يساريين، الذين خاضوا مواجهات سابقة وتعاملوا مع تحديات من نوع مختلف، يجدون أنفسهم مدعوين لخوض غمار المستجدات. ليس هناك جيل قيادي جديد يتسلم مثل هذه المهام. برأي الحمارنة أن الجيل الجديد نشأ في ظروف تحريم السياسة والعمل الحزبي،خلافاً لجيل سابق كان يزهو بانهماكه في الشأن العام. عليه، فإن انخراط الشبان في الأحزاب محدود.
في المحصلة، فإن أعرق الأحزاب الأردنية، حامل لواء تبني مصالح الجماهير، وناشر صحيفة بهذا الاسم، ليس حزباً جماهيرياً، بمعنى عدم اتساع قاعدته.لا يبدي منير الحمارنة قلقاً إزاء هذا الوضع الذي ربما لم تزد فيه عضوية الحزب، عما كانت عليه خلال ثلاثة عقود من العمل السري.برأيه أن هناك قدراً من التجديد، في خطاب الحزب بانشغاله بقضايا العولمة والتغييرات الاقتصادية في العالم. غير أن الجمهور بما في ذلك نخب المثقفين لا يلمس هذا التجديد. وبخاصة مع تعدد الصيغ الحزبية اليسارية ومع الطوفان الإعلامي.