وراء الستارة التي انسدلت على المشهد النيابي
كان لدينا فضول ان نرى كيف ستسير الأمور لو امتدت الدورة النيابية قليلا، فسماء المجلس كانت ملبدة بالغيوم واعدة بمنخفضات عميقة قادمة، لكن تنسدل الستارة على المشهد وعناصر حراكه الجديد لم تحبك بعد خيوطها ولم تتجاوز بعد بداياتها، أكان لجهة العلاقة مع الحكومة وقد أُدرج على جدول اعمال آخر جلسة (أول من أمس) كمٌ غير مسبوق من الأسئلة والاستجوابات أو في العلاقات الداخلية والحديث عن اعادة تشكيل الخارطة النيابية الكتلوية. وكلمة السرّ كانت "رفع الغطاء"، والمقصود احيانا الحكومة واحيانا اخرى الكتل النيابية وخصوصا الكتلة الأكبر كتلة التيار الوطني.
حكاية رفع الغطاء "الأمني" تتضمن توصيفا مسيئا بحق جميع الأطراف، الأمن الذي يظهر وكأنه الكف الذي ترتبط به كل الخيوط على مسرح الدمى، وأبطال المشهد السياسي اذ يختصرون الى دمى! فهل كان الغطاء الأمني هو الذي جمع الكتلة الكبرى النيابية وضمن ديمومتها، وهل الغطاء الأمني هو الذي كان وراء تشكيل الكتلة الشبابية وضمن وحدتها وحضورها، وهل الغطاء الأمني هو الذي ضمن شعبية الحكومة والحكم الجيد على ادائها، ثم هل اذا رفع الغطاء الأمني سينهار كل شيء مثل حجارة الدومينيو؟ اذا صحّ ذلك فلا شيء في البلد حقيقيا أوموثوقا أو أصيلا . ليس هناك حكومة حقيقية ولا برلمان حقيقي، ولا
اعلام ولا مؤسسات.
المراقب الحذر لا يستطيع ان يقبل مقولة بطريقة خذها أو اتركها، فثمّة دائما شيء من هذا وذاك وبين انطباع وانطباع مساحة مليئة بالتفاصيل التي تحكي رواية أخرى أكثر تعقيدا. صورة الأمن تبدو احيانا مضخمة كلاعب حقيقي وحيد ويروق للبعض ترويجها لمتعة خاصّة أو مصلحة بينما عناصر اللعبة واطرافها والمصالح التي تحركها تأخذ مسارا ملتويا وملتبسا. والمطلّ على تفاصيل المشهد من الداخل يعرف ذلك، أكان ما يتصلّ بالكتل النيابية أو الحكومة.
سندع الأمر خلفنا، وقد ذهب مجلس النواب والظواهر المستجدّة لمّا تتبلور بعد فلا نستطيع متابعة خيوط المشهد لنقول كيف واين ظهر التغيير ولأي سبب، لكن مما يجدر الاشارة له أن بعض الاستجوابات والأسئلة التي اشير لها كنموذج على الانفلات النيابي في وجه الحكومة مع "رفع الغطاء" الأمني هي في الواقع أسئلة قديمة وحان موعد الردّ عليها من دون أي صلة بالوضع القائم الآن. أمّا العطلة النيابية وحتّى الدورة الاستثنائية المقبلة فستنفع
لمتابعة بعض الاتصالات التي قيل لنا إنها ستسفر عن ولادة كتلة نيابية جديدة او اثنتين.
تبقى الحكومة! فهي منذ البداية وصفت بأنها حكومة تكنوقراطية خالصة يكمن القرار السياسي خارجها، والتعديل كان مطروحا بقوّة منذ نهاية الخريف، ثم مع قصة رفع الغطاء ساد لفترة وجيزة للغاية موضوع التغيير ثم عاد التأكيد على التعديل وفق سيناريو يختلف قليلا، فليس المطروح اطاحة فريق كامل بعينه بل تعديل موضوعي يسدّ مواطن الضعف ويعزز القدرات السياسية.











































