(وادي الاردن) تؤجر ارضاً لا تملكها لمستثمر

الرابط المختصر

وجد المستثمر الفلسطيني عمر عبدالقادر عبيد نفسه بعد بدء انتفاضة الاقصى ايلول 2000 بانه غير قادر على الاستمرار في عمله بالضفة الغربية, خاصة ان طبيعة استثماراته وهي في التعدين واستخراج الرخام الخام من باطن الارض, تحتاج الى بيئة آمنة, فمع بدء فعاليات انتفاضة الاقصى, والمواجهات اليومية بين ابناء الشعب الفلسطيني وجيش الاحتلال الصهيوني, اخذت تفاصيل عمله تتعثر, ولم بعد بامكانه الاستمرار باستخراج خام الرخام من باطن الارض وتسويقه بشكل سلس, ولم يعد متأكدا من وجود جدوى اقتصادية في هذا السياق.
عبيد بدأ يفكر بنقل جزء من استثماراته الى اي بلد عربي خارج فلسطين, ولما كان الاردن بالنسبة له ولغيره من ابناء الضفة الغربية لاسباب تاريخية واجتماعية اكثر البلدان العربية قربا اليه, والاردنيون اقرب اليه ولغيره من ابناء الضفة الغربية من اي شعب عربي آخر حسب قوله, ولما كان قد قرأ كثيرا عن البيئة الاستثمارية الجديدة في الاردن, وعن تشريعات استثمارية جديدة قيد الصدور, فقد قرر ان ينتقل للعمل في الاردن.
وادي الاردن
حضر عبيد الى الاردن وبحث عن مناطق يوجد فيها خام الرخام, وتقدم بطلب الى دائرة الاستثمار في الديوان الملكي, التي بعثت الى الجهات الرسمية المعنية كافة تطالب فيه بتذليل المعيقات امام المستثمر عبيد, الذي يتطلع الى الاستثمار في مجال التنقيب والتعدين على مادة رخام »الترافرتين« في قطعة ارض مملوكة للدولة من اراضي الفيصلية بمحافظة مادبا, فاستجابت معظم الجهات المعنية ما عدا سلطة وادي الاردن التي اخذت تماطل حسب عبيد, مدعية ان قطعة الارض مملوكة لها, وبعد مراجعات كثيرة لسلطة وادي الاردن وتشكيل الديوان الملكي لجنة فنية لدراسة الامر, وقرارها القاضي بالموافقة على الاستثمار, اعدت سلطة وادي الاردن اتفاقية عقد ايجار لمساحة 15 دونما فقط من اصل القطعة بسعر 5 آلاف دينار ايجارا سنويا للدونم الواحد, ومع ان شروط وتفاصيل عقد الايجار فيه ظلم وغبن لعبيد, لجهة ضيق مساحة قطعة الارض, وارتفاع قيمة الايجار, فحسبه استأجرت في الوقت ذاته شركة اخرى للتعدين في وادي الاردن اكثر من 700 دونم بايجار سنوي مقداره 18 الف دينار, اي ان ايجار الدونم السنوي اقل من 300 دينار مقارنة مع 5 الاف دينار فرضت على عبيد, الا ان عبيد وافق على مضض على اشتراطات »وادي الاردن« لانه يرغب في الاستثمار, آملا ان تتحسن الشروط في المستقبل.
الزراعة
بعد ان انفق عبيد حوالي اكثر من 200 الف دينار لتجهيز الموقع وشراء آليات خاصة بالعمل, وبعد اسبوعين من بدء العمل فوجئ بفريق من وزارة الزراعة يطلب منه التوقف عن العمل, لان قطعة الارض التي يعمل بها مملوكة للزراعة, فقد كانت وزارة الزراعة قد استملكتها عام 1991 بقرار من مجلس الوزراء, ما يعني ان سلطة المياه المؤجرة للقطعة لا تمتلك القطعة. وبعد مراجعات كثيرة لمسؤول السلطة, ابلغه المسؤولون بان عليه الانتظار الى حين اتخاذ مجلس الوزراء قرارا جديدا يعيد قطعة الارض الى سلطة وادي الاردن, فغادر عبيد الى الضفة الغربية الى حين البت في هذا الامر.
المحكمة
عاد عبيد الى الاردن بعد مدة لمتابعة موضوع الاستثمار, فاكتشف ان سلطة وادي الاردن رفعت عليه دعوى قضائية تطالبه فيها بدفع مبلغ 30 الف دينار هي باقي قيمة عقد الايجار المبرم معها, فطريقة الدفع كانت على دفعتين, الاولى 45 الف دينار, وبعد ثلاثة اشهر 30 الف دينار فأسقط في يده, فعند مراجعته السلطة قال مسؤولوها انهم ينفذون بنود عقد مبرم, ما دفعه لاستئناف قرار محكمة البداية القاضي بدفع مبلغ ال¯ 30 الف دينار, ولكن قرار محكمة الاستئناف ايد قرار محكمة البداية وكذلك محكمة التمييز ايدت القرار ذاته.
خلاصة
عبيد خسر منذ عام 2000 اكثر من مليون دينار واكثر من عشر سنوات من عمره بسبب اخطاء وقعت فيها سلطة المياه. صحيح ان محكمة الاستئناف والتمييز ايدتا قرار محكمة البداية القاضي بدفع مبلغ الـ 30 الف دينار, وهو يقدر عاليا نزاهة القضاء الاردني, ولكنه يتساءل كيف يمكن لمن لا يمتلك شيئا ان يجبر آخرين على دفع ايجار لارض لا يمتلكها, فسلطة وادي الاردن لا تمتلك الارض واخطأت حينما اجّرته ما لا تمتلكه, واجحفت في شروط عقد الايجار, واخذت منه الدفعة الاولى 45 الف دينار, وكبدته خسائر جمة, ومنذ عشر سنوات وهو لا يعمل سوى محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه, لعل جهة ما في الدولة الاردنية تنصفه وبان تجعله يستثمر في الاردن, فهو لا يبحث عن تعويض خسائره المالية ولا المعنوية ولا يبحث عن قيمة ما فاته من منافع على مدى عشر سنوات, ولكنه يبحث فقط عن فرصته للتعويض واستخراج الرخام.
عبيد نفذ قبل شهر رمضان حكما بالسجن ثلاثة اشهر لانه رفض دفع مبلغ الـ 30 الف دينار لسلطة وادي الاردن, وهو اليوم يتمنى ان يجد جهة تنصفه فقط.

أضف تعليقك