هيومان رايتس تطالب الحكومة إلغاء قانون منع الجرائم
أوصت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة الأردنية بضرورة إلغاء قانون منع الجرائم بسبب أحكامه "الفضفاضة" وجراء تطبيقه "بشكل تعسفي في السواد الأعظم من الحالات"، وهو ما يؤدي بدوره إلى تقويض مزاعم الأردن بكفالة سيادة القانون.
واعتبر القائمون على التقرير السنوي الذي أصدرته المنظمة اليوم بعنوان "الاحتجاز الإداري يقوض من سيادة القانون في الأردن" القانون منح مسؤولي وزارة الداخلية "استخدام سلطاتهم الخاصة بالاحتجاز الإداري لكي يقوموا بحبس أشخاص بشكل متعسف" حسب ما ذكر التقرير.
واتهمت المنظمة مسؤولين في وزارة الداخلية بـاستخدام القانون المذكور "لسجن الخصوم الشخصيين لهم، وفي احتجاز الأشخاص من أجل الضغط لتسليم شخص مطلوب للعدالة، وفي احتجاز الأشخاص لمجرد خروجهم على الأعراف المحلية، مثل تواجد النساء وحدهن في مكان عام ليلاً أو في رفقة رجال من غير أقاربهن، وكذلك باعة الشوارع والمتسولين، والرجال المشتبه في أنهم مخمورون أو سبقت إدانتهم بجرائم".
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، أنه يجب ألا يكون بإمكان المحافظين وغيرهم من المسؤولين رفيعي المستوى حبس الناس بناء على اشتباهات مبهمة بسوء السلوك ففي هذا ما قد يؤدي بقوة إلى وقوع الإساءات".
وجاء في التقرير أن أكثر من شخص من كل خمسة أشخاص في السجون الأردنية يخضع للاحتجاز الإداري،وفي عام 2008 أمر مسؤولون تنفيذيون بالحبس الإداري لـ 11870 حالة، حسب ما ورد في تقرير للمركز الوطني لحقوق الإنسان.
وفي عام 1989 انتهى العمل بموجب القانون العرفي في الأردن، لكن منذ ذلك الحين، فإن المحافظين الذين يتبعون وزارة الداخلية استعانوا بأحكام قانون منع الجرائم لعام 1954.
و يسمح قانون منع الجرائم لسنة 1954 للمحافظين بالمبادرة بإجراءات بحق الأشخاص الذين "على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه"، ومن "اعتاد" اللصوصية أو إيواء اللصوص أو المساعدة على إخفاء الأموال المسروقة، أو كل من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة "خطراً على الناس". ويتبين من أحكام للمحاكم ومقابلات أجرتها المنظمة أن المحافظين يلجأون في أغلب الأحيان إلى التذرع بهذه الفقرة الأخيرة من القانون.
وقال تقرير المنظمة إن "المحافظين وغيرهم من كبار المسؤولين عادة ما يطبقون قانون منع الجرائم بأساليب تخرق الإجراءات الواردة في ذلك القانون. مثلاً في عدة حالات لم يصل أمر الاحتجاز الإداري إلى مكاتب المحافظين أو وكلائهم، رغم أن القانون يتطلب أن يتولى المسؤول الحكومي المعني التحقيق في قضية المشتبه في حضوره. وبعض المحتجزين قالوا أيضاً إن المسؤولين رفضوا قبول الضامنين والكفالات المالية التي حددوها أنفسهم كشرط لبقاء المشتبه طليقا"
وقال كريستوف ويلكي باحث أول في قسم الشرق الأوسط، في مؤتمر صحفي عقد صباح اليوم الثلاثاء أن أعداد الموقوفين الإداريين "انخفض" خلال الأعوام الماضي، ففي العام 2006 كان عدد الموقوفين 20071 موقوفا، بينما العام 2008 وصل العدد إلى 14053 موقوفا إدارياً.
والتمييز ضد المرأة في تطبيق القانون له تبعات إضافية على النساء رهن الاحتجاز الإداري- وذلك حسب تقرير هيومن رايتس وتش- فعادة ما يصر المحافظون على أن قريب رجل فقط للمرأة هو من يمكنه أن يتولى دور الضامن للمرأة رهن الاحتجاز الوقائي، لكن يُرجح كثيراً أن يكون هذا القريب متورط في التهديدات التي أدت إلى احتجازها في المقام الأول. والإصرار على أن أقارب المرأة الذين هددوها بالعنف هم فقط من يُقبلون كضامنين لإخلاء سبيل المرأة يعني أن تظل رهن الحبس بلا أجل مسمى أو أن تتعرض للعنف لدى إخلاء سبيلها. السبيل الوحيد الآخر لكي يتم إخلاء سبيل النساء هو الزواج، وقد اقترح المحافظون الزواج إلى رجال غرباء، وهو ما ينتهك مرة أخرى حقوق النساء الإنسانية، لا سيما لاحق في التزوج بناء على إرادتها الحرة..
وشملت لقاءات التقرير 7 مراكز إصلاح وتأهيل، قائلا ويلكي أن الأردن لا يزال هو البلد الوحيد الذي يعطي المحافظ صلاحية التوقيف الإداري.
ويقول التقرير انه وحسب قانون منع الجريمة لا يحق إلا للمحافظين الحق في إخلاء سبيل النساء المحتجزات وفي تحديد ما إذا كُن ما زلن عرضة لخطر العنف، مما يحرمهن من سلطتهن على حريتهن على الإطلاق. وبعض النساء والفتيات تعرضن للقتل بعد العودة إلى أسرهن، مما يعزز من ميل السلطات لاحتجازهن لأجل غير مسمى.
واستخدام الاحتجاز الوقائي وقع بشكل متكرر ومألوف حتى عام 2007. وفي ذلك العام، فتحت الحكومة مركز وفاق للنساء المعرضات لخطر العنف، وأشادت به كمركز لإيواء النساء دون التعرض لحريتهن. وطبقاً لمدير سجن الجويدة للنساء، فإن 30 امرأة دخلن الحبس الوقائي هناك في عام 2000، بينما لم تدخله "إلا" خمس نساء في عام 2007.[26] وهذا التطور هو على الأرجح نتيجة لزيادة الوعي بمشكلات الحبس الوقائي طرف وزارة الداخلية، التي أجرت مراجعة عامة لقضايا النساء رهن الحبس "الوقائي" ذلك العام إثر بذل جهود للترويج لوقف الحبس الوقائي من قبل منظمات محلية غير حكومية. وبمساعدة إحدى منظمات المجتمع المدني المحلية، تم نقل سبع نساء محتجزات رهن الحبس الوقائي إلى مركز وفاق. وبحلول عام 2008، نقلت الحكومة كل النساء اللاتي كُن رهن الحبس الوقائي لسنوات إلى خارج السجن، لكن في ذلك العام – 2008 – احتجز المحافظون عدداً قليلاً من النساء الجديدات على الاحتجاز رهن الحبس الوقائي. وعدم قدرة النساء أنفسهن على تأمين إخلاء سبيلهن لم تتغير.
ويستشهد التقرير بقصة مريم ن. 23 عاماً، وهي امرأة مطلقة برفقة ثلاثة أطفال، طردوها أشقاءها من منزلهم عدة مرات، رغم أنها أقرضتهم نقوداً. وأقامت مريم برفقة أطفالها في ملجأ الوفاق، وفيما بعد بدأت تنام في مسجد، قبل أن تستأجر شقة أقامت فيها وحدها بعد أن أعطت طليقها الوصاية على الأطفال. وخمسة من أشقائها جاءوا إلى شقتها ومعهم بندقية، وهددوها وقالوا لها إن عليها أن تتصالح مع زوجها لأنه من العار أن تعيش وحدها. واتصل الجيران بالشرطة وبمكتب المتصرف. وقالت: "لم تتحدث الشرطة معي على الإطلاق"، وأضافت:
" اصطحبوني في سيارتهم بعد أن خفضوا رأسي، وقالوا: إننا نخشى أن يقتلوك... ونقلوني إلى مكتب المتصرف ثم إلى نظارة الجويدة. مكثت هناك ليلة واحدة. وكانت الشرطية عدوانية معي للغاية، إذ أجبرتني على التعري من ثيابي، وحسبت أنني سأغادر حين أمروني بالدخول إلى المكتب الصباح التالي. ذهبت إلى مكتب المتصرف وتحدث إليّ أربعة مسؤولين بأسلوب فظ. وقالوا: هذه الفتاة لا تعرف أي شيء سوى الشكاية، إنها ليست طبيعية. وقلت للمتصرف إن لدي ثلاثة أطفال وأن هذا هو موقفي. أعرف أن لا أحد من أخوتي سيكفلني. ولا توجد قضية بحقي. ويجب أن يتم إخلاء سبيلي على ضمانتي الشخصية".
بحسب ويلكي فإن بعض الموقوفات وصلت مدة إيقافهن إلى 20 سنة و10 سنوات، قائلا "ليس سببا أن يكون هناك من داعي لاعتقال النساء بحجة حمايتهن من العنف".
وقام محافظ الزرقاء باحتجاز عزة س. إدارياً، وتبلغ من العمر 27 عاماً، بعد أن تم احتجازها للاشتباه في الزنا حين كانت قاصراً، لكن لم يسبق أن نُسب إليها هذا الاتهام من قبل. وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إنها خضعت للاحتجاز لـ 11 عاماً، وفي أخر أربعة أعوام من تلك الفترة صُنفت على أنها رهن الاحتجاز الوقائي. ووصفت يأسها الذي تحس به حيال وضعها: إنني أرجو وزارة الداخلية ووزارة العدل والملكة والملك أن يخرجوني من هنا. لقد عشت هنا حياتي برمتها. لماذا يعاملوني هكذا؟ لقد كتبت خطابات كثيرة إلى وزارة الداخلية. ما المشكلة؟ أنني معرضة للخطر من أسرتي؟ ماذا في هذا؟ فيم حقهم في احتجاز الناس هكذا في السجن حتى يلقون حتفهم؟ أنا تعيسة هنا تماماً. ما الحل؟ أشقائي الثلاثة [الذين هددوني] لم يعودوا يعيشون في الأردن حتى. بعد قضية الزنا كتبت إلى المحافظ وعفا عني. لكني رفض إطلاق سراحي حتى رغم أن عندي محامٍ. وبعد قضية الزنا هددني شقيقي ثم ذهبت إلى مكتب المحافظ فأعادني إلى هنا. لقد ارتكبت خطأ لكنني أمضيت بالفعل 11 عاماً في السجن جراء هذا الخطأ. إذا لم يطلق المحافظ سراحي فقط أمكث هنا إلى الأبد.
وأفرد التقرير مساحة لموقوفين أجانب غير أردنيين، جلهم متزوجون من أردنيات وانتهت فترة اقاماتهم، ويؤكد ويلكي لعمان نت أن الجنسيات الموجودة غالبيتها من الفلسطينيين ومصريين وسعوديين وسوريين ولبنانيين وعدد قليل لباكستانيين وجامايكي.
ويذكر التقرير "القانون الدولي لحقوق الإنسان" الذي لا يحظر بشكل صريح جميع أشكال الاحتجاز الإداري، أي الحرمان من الحرية جراء قرار إداري وليس قضائي. والاحتجاز الإداري المشروع في أوضاع غير الطوارئ يمكن أن يشمل الحرمان من الحرية للتعليم الاستعاضي أو لأسباب متعلقة بالصحة النفسية أو للترحيل أو التسليم لدولة أخرى.
كما وينظم قانون منع الجرائم الأردني الاحتجاز الإداري لفئة من الأسباب "مثيرة للجدل كثيراً"، حسب التقرير، وفي بعض الأحيان تتذرع بها الحكومة كتبرير للاحتجاز، وهي الحفاظ على النظام العام (أي الاحتجاز الوقائي). والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحظر بشكل واضح مثل هذا الاحتجاز دون إعلان حالة الطوارئ في الدولة. ورغم أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أقل وضوحاً في هذه النقطة.
اضغط هنا لمشاهدة كامل التقرير
إستمع الآن











































