هل لوزارة الإعلام مستقبل ؟!

الرابط المختصر

في لقاء حـواري ضم مجموعة من وزراء الإعلام السابقين والصحفيين ، اتضح أن الرأي حول عودة وزارة الإعلام منقسم بالتساوي تقريباً بين مؤيدي ومعارضي الفكرة ، وإن اتفق الجميع في الحيثيات ، فالمعارضون لا يريدون عودة وزارة الإعلام باعتبارها أداة قمع وتدخل كما كان الحال في بعض الأوقات ، والمؤيدون يطالبون بوزارة إعلام عصرية مسؤولة ، تسوق وجهة نظر الحكومة ، وتدافع عن سياسات الدولة من خلال الإعلام الرسمي ، ولا تتدخل في إعلام القطاع الخاص الذي لا سلطان عليه إلا للقانون والقضاء.

من حق الحكومة أن يكون لها إعلامها ، فنحن نريد أن نفهم الرأي قبل أن يتشكل لدينا الرأي الآخر. ومن حقها أن تشرح وتبرر سياساتها وقراراتها ، بقدر ما للإعلاميين حق مناقشة ونقد تلك السياسات والقرارات ، بل إن من مصلحة الإعلام الرسمي إفساح المجال للرأي الآخر ، فالدولة تشمل الحكومة والمعارضة.

هناك إذن اجتهادات متناقضة ، مما يعطي الحكومة حق حسم الموضوع بهذا الاتجاه أو ذاك ، وفي كلتا الحالتين فإن نصف الإعلاميين سيؤيدون القرار ونصفهم الآخر سيعارضه. أما المحصلة فهي أن الوضع الإعلامي الراهن بعد إلغاء الوزارة ليس مقبولاً أو قابلاً للاستمرار ، ولا بد من إعادة هيكلة الإعلام الرسمي وتوحيد مرجعيته ، وإطلاق حرية الإعلام الخاص. وإذا كانت وزارة الإعلام السابقة قد ألغيت لحساب الديمقراطية وحرية التعبير ، فإن هذا الهدف لم يتحقق وربما تحقق عكسه. وبدلاً من وزارة إعلام واحدة مسؤولة ، أصبح لدينا وزارات إعلام موازية متعددة وغير مسؤولة ، كل منها تعطي نفسها حق التدخل المباشر.

الحكومة تجد نفسها الآن أمام خيارات متناقضة ، فهي على ما يبدو ترغب في عودة وزارة الإعلام ، ولكنها تخشى أن يحسب ذلك اعترافاً بأن قرار إلغاء الوزارة كان قراراً خاطئاً ومتسرعاً ، وعودتها نكسة في حسابات الديمقراطية من وجهة نظر المراقب الخارجي ، ولذا فالمطلوب حل توفيقي يعيد الوزارة بالفعل دون الاسم ، ومن هنا جاء وزير الدولة لشؤون الإعلام ، واتضح التضايق من مجالس إدارة شكلية لوكالة الأنباء والإذاعة والتلفزيون والمجلس الأعلى لا تقوم بأي عمل إعلامي حقيقي.

لن يطول بنا الانتظار قبل أن يقرر رئيس الحكومة إما حل جميع مجالس الإدارة الإعلامية اكتفاء باختيار مدراء عامين أكفياء للمؤسسات الإعلامية الرسمية مرجعيتهم وزير الدولة لشؤون الإعلام ، أو إعادة تشكيل تلك المجالس برئاسة الوزير .


*المقال نشر في صحيفة الرأي الاردنية