هل سيغير اوباما سياسة أمريكا الخارجية؟
رحلة السناتور الأمريكي للترشح لرئاسة الولايات المتحدة حرك مشاعر الملايين في أمريكا وخارجها لما عكسته حملته من أمل في تغيير جذري لكيفية تعامل واشنطن مع السياسية الخارجية. فقد ركز اوباما مرارا على موقفه الرافض لمجموعات الضغط (اللوبيات) والتي قال انه يرفض قبول التبرعات منها أو السماح لهم بلعب أي دور في إدارته.إلا أن هذه الوعود الجميلة تحطمت عند أول امتحان حقيقي لها. فبعد ساعات من اقناع اوباما رئاسة الحزب الديمقراطي تبني موقفه من مجموعات الضغط وقف أمام أكبر جماعة ضغط مستسلما وخاضعا لللوبي المؤيد لإسرائيل. كل الوعود والخطابات حول ضرورة المصارحة مع الشعب وقول ما بجب أن يقال لا بل ما يحب الشعب سماعه تحطمت عند صخرة الآي باك.
فجاء اختفى مبدأ تفضيل الدبلوماسية على العمل العسكري عندما وعد اوباما توفير منحة عسكرية ب 30 مليار دولار من ا لإسرائيل خلال عشر سنوات . كما وتلاشت كلمات اوباما حول ضرورة التحدث مع الأعداء لحل النزاعات وتم استبدالها بتوفر الخيار العسكري للدفاع عن إسرائيل وتكرار إدعاءات عن التسلح النووي الإيراني رغم إقرار 16 جهاز استخبارات أمريكي عكس ذلك.
خلال الحملة الانتخابية وفي حديث مع الجالية اليهودية في كليف لند قال اوباما إن النقاش الداخلي في إسرائيل أعمق من النقاش في أمريكا. وفي نفس اللقاء قال اوباما إن سياسته لن تكون مثلا سياسة حزب الليكود. رغم ذلك الوعد لم يشمل خطابه أمام الآي باك أي أمر قد يزعج زعيم الليكود بنيامين نتنياهو.
خطاب اوباما والذي جاء بعد خطابات لجون ماكين وهيلري كلينتون عكس التناغم السياسي الفريد بين الحزبين الأساسيين في أمريكا تجاه لإسرائيل الأمر الذي دعا جون ستيورت مقدم البرنامج الكوميدي السياسي -اليهودي الأصل- للتعليق السلبي على المزاودة الفريدة بين المرشحين لإسرائيل.
عندما القي اوباما خطابه الشهير في مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2003 شعر العرب الأمريكان بالفخر عند ذكر العرب الأمريكان ضمن الجاليات الأمريكية التي أعلن اوباما ضرورة توحيدها لتشكيل ما أسماه بأمريكا الموحدة. لقد اختفى ذكر العرب الأمريكان في كافة خطابات اوباما الآن. وليس ذلك فحسب بل حرض اوباما على العرب بقوله "أن البترودولارات مسؤولة عن مقتل الجنود الأمريكان والمواطنين الإسرائيليين." كما وهاجم المرشح الأسود سياسة المقاطعة الاقتصادية و الأكاديمية ضد إسرائيل رغم تأييدها لنفس السياسة ضد نظام الابارتهايد العنصري في جنوب أفريقيا.
تأمل العديد من التقدميين في أمريكا ومحبي السلام في العالم أن تكون سياسة اوباما الخارجية وخاصة فيما يخص التعامل مع إسرائيل مختلفة. قد يقول البعض أنه يحتاج أن يربح الانتخابات العامة ضد ماكين وأن يربح ولايات مثل فلوريدا ذات النفوذ والحضور اليهودي الكبير. ولكن رغم ذالك إذا كان هناك وقت لان يبدأ أي مرشح بتغيير طريقة تعامل واشنطن مع العالم فإن الوقت الحقيقي هو الآن. وإذا كان هناك جهة كان من المفترض التعامل معها بجرأة وصراحة فإن اللوبي الإسرائيلي كان يجب أن تكون المتلقية لمثل هذه الجرأة في الخطاب.
لقد أضاع براك اوباما فرصة مهمة لترجمة أفكاره وسياساته الداعية للتغيير ولكن هناك فرص مستقبلية خاصة إذا ربح اوباما الانتخابات الرئاسية القادمة.
*داود كتاب أستاذ صحافة في جامعة برنستون ومدير عام راديو البلد وموقع عمان نت.