تبحث هذه الورقة في مستجدات العلاقة الأردنية السورية، بعد أن واجهت تحد مشترك تمثله عصابات المخدرات العابرة للحدود، بوصفها واحدة من العوامل التي حددت طبيعة ومنطلقات العلاقة الأردنية السورية، ومن هذه الزاوية تُقيم الورقة عوامل القوة والضعف في التفاهمات بين الدولتين.
تولي الدول على اختلافها في سياستها الخارجية اهتماماً خاصاً لطبيعة تفاعلاتها مع الدول المتجاورة لما لهذه التفاعلات من انعكاسات مباشرة على الأمن الوطني، ومن هذا المنطلق عكفت الدولة الأردنية منذ بدء الأزمة السورية في رصد وتحييد ما أمكن من المخاطر على حدودها الشمالية.
ونظراً لتعدد الأطراف الفاعلين على الأرض السورية، تشكلت على مقربة من حدود الأردن الشمالية "بيئة مثالية" من المخاطر المركّبة يكتنفها عدم اليقين وصعوبة التنبؤ بمسار الأحداث.
ويقدّم ملف تهريب المخدرات مثالاً لهذه المخاطر، حيث كان لكثافة التهريب تداعيات أمنية ومجتمعية على الساحة الأردنية، وصرحت قيادات سياسية وعسكرية أردنية أن هذه العمليات تتم عبر جماعات مسلحة مقربة من الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى تلقي عصابات تهريب المخدرات العابرة للحدود الدعم من قبل عناصر "غير منضبطة" في الجيش السوري، بحسب قول مدير الإعلام العسكري في الأردن، العقيد مصطفى الحياري.
تزامنت هذه التصريحات المباشرة التي كانت ذروتها في يونيو 2022، مع عمليات استخبارية وعسكرية متقدمة شنتها الأجهزة العسكرية والاستخبارية الأردنية، وشهدت الأسابيع التالية لهذه التصريحات تحولين يمكن ملاحظتهما:
الأول: انتقال الحرب على المخدرات إلى امتدادات شبكات التهريب في الداخل الأردني، حيث قام قسم مكافحة المخدرات مسنوداً بقوة أمنية متخصصة بحملة شاملة تستهدف مخازن المواد المخدرة، وهذه الحملة جاءت بعد زيارة مدير الأمن العام السابق، الفريق الركن حسين الحواتمة، إلى القسم واعلانه "مرحلة عملياتية جديدة" لضرب أوكار المخدرات، وهو ما أكده مدير الأمن العام الجديد، اللواء عبيد الله المعايطة خلال زيارته الأولى لإدارة مكافحة المخدرات بتاريخ 20 سبتمبر، أن مديرية الأمن العام ستواصل عملياتها النوعية بقوة، وبنسق متزايد حتى القضاء على تجار الموت والمخدرات.
ووفق البيانات الصادرة من الأمن العام وما تنقله وسائل الإعلام المحلية، يمكن القول إن هذه الحملة تختلف عن سابقاتها من حيث الاتساع، فهي شملت مختلف أقاليم المملكة، واتسعت في استهدافها للأصول الحاضنة لـ"قطاع" المخدرات.
كما تختلف هذه الحملة عن سابقاتها في أن العصابات تُظهر نوع من الجرأة والتنظيم والترابط فيما بينها، لا بل سعت هذه العصابات إلى توظيف الشائعات للتأثير في مجريات الحملة، مستعينةً ببيئات حاضنة في بعض الأحيان، وربما هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها العصابات سلاح الشائعات لبث رواية مضللة.
فقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور اتهمت القوات الأمنية بمحاصرة قرى وبلدات، كالرويشد -شرق الأردن وعلى الحدود مع العراق - التي سرت أنباء مغلوطة بقطع تواصلها الخارجي قبل أن يفند الأمن العام هذه الأنباء ويؤكد أن ما يجري هو تدقيق أمني لمنع هروب المطلوبين.
إذاً، أصبحت العصابات تتحرك بنمط من الجريمة المنظمة وتوسع أدواتها لتشمل حتى الإشاعات، فضلاً عن حيازة بعض المجرمين إرادة التحدي للاشتباك مع القوة المُداهمة، فقد أقدم أحدهم على صناعة قنبلة بدائية الصنع بقصد استهداف رجال مكافحة المخدرات حال مداهمتهم منزله، لكن الرصد الاستخباري المبني على المعلومة كشف نواياه لتتم مداهمته في مركبته.
الثاني: بموازاة الحملة الداخلية، انخفض الإعلان عن الاشتباك مع مهربين على الحدود السورية الأردنية منذ منتصف يوليو 2022 مقارنة بشهري مايو ويونيو، وهو ما يمكن ارجاعه إلى أن تفاهمات ناجزة دخلت حيز التنفيذ بين عمان ودمشق.
ووفق وسائل إعلام أردنية، طرأ تعاون من قبل السلطات السورية في تبادل المعلومات الأمنية وإبداء المرونة، كما استجابت السلطات السورية لطلبات أردنية محددة كإغلاق ورشتين لتصنيع المخدرات في الداخل السوري.
وفي حال صحة هذه التسريبات، ثمة تساؤلات يجب أن تطرح حول استمرارية هذا التعاون وحول قدرة دمشق على تطويع كارتيل المخدرات بقرار سيادي، حيث تُعاني سوريا من صناعة المخدرات، فوفقاً لمنشورات مركز COAR، تعد سوريا المنتج الرئيسي لمُخدر الكبتاجون في العالم.
هدنة مؤقتة أم تفاهمات حدودية مستقرة؟
من الطبيعي أن تقيّم عمان قيام الحكومة السورية بواجباتها الحدودية على أنه أحد العوامل المحددة للعلاقات الأردنية السورية، وهو ما يستدعي فحص عوامل القوة والضعف ذات الصلة بديمومة التفاهمات التي يُفترض أنها تمت مؤخراً:
أولاً: عوامل القوة
على صعيد العلاقات الثنائية، من مصلحة الطرفين إثبات حسن النوايا لتجاوز تركة ثقيلة خلفتها ما يزيد عن عشر سنوات من عدم الاستقرار، لما لذلك من أثر إيجابي في إعطاء الزخم لمشاريع مشتركة، كالربط الكهربائي، حيث تعاني سوريا من تهاوي قدراتها الكهربائية في حين تملك الشبكة الكهربائية الأردنية فائضاً يمكن تصديره إلى الدولة المجاورة.
وتدرك دمشق تماماً أن الموقف الأردني حول الأزمة السورية يجد آذان صاغية لدى مختلف العواصم، وكان لهذا الموقف دور في إقناع إدارة بايدن بمنح "استثناءات محددة" من تطبيق قانون العقوبات المعروف بقانون قيصر لبعض التعاملات المحظورة مع دمشق.
ومن مصلحة الدولة السورية في مرحلة التعافي تجفيف منابع المخدرات لأن مصدرها جهات مسلحة غير شرعية تناكفها وتطمح إلى استمرار الوضع الحالي لتتمكن من إنتاج وتصدير المواد المخدرة في الأراضي السورية، وهو ما يعني أن "ميليشيات المخدرات" لها اعتباراتها الخاصة بمعزل عن اعتبارات الشرعية والاستقرار التي تسعى دمشق لفرضها على امتداد الجغرافيا السورية.
إقليمياً، ثمة ترقب حذر لمرحلة انتقالية شرق أوسطية بعد عقد من حروب بالوكالة وانهيارات أمنية في عدة دول، والسمة الغالبة على العقد الماضي أنه وبالرغم من الكلف الباهظة، إلا أنه لا يوجد طرف منتصر، مما يصنع الادراك بضرورة تغيير نمط التفاعلات البينية نحو التعاون والحوار.
وتجري في هذه المرحلة حوارات إقليمية متعددة المستويات مع طهران عبر عدة قنوات، ويُمكن القول إنه طوال السنوات العشر الماضية لم تكن العلاقات الأردنية الإيرانية توصف بالعدائية لا بل ثمة نوع من المواقف المشتركة في بعض الأحيان، كالمصافحة الأولى من نوعها منذ 15 عام بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، على هامش القمة الإسلامية الطارئة التي عقدت في إسطنبول في مايو 2018 رفضاً للاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقد رحبت طهران بتصريح جلالة الملك عبدالله الثاني لصحيفة "الرأي" الأردنية، بضرورة بناء علاقات عربية إيرانية جيدة، وهذه المقابلة في يوليو 2022 جاءت بعد أسابيع من تصريحات ملكية وعسكرية بأن جهات إيرانية تقف وراء عملية التهريب تجاه الأردن؛ دون نفي إيراني رسمي لها، وهذا يُوضح أن طهران معنية بإثبات جديتها في صياغة روابط شرق أوسطية، وفي إظهار حسن نواياها تجاه مختلف الدول، في ظل المسار المتعرج لمفاوضات فيينا، والانفتاح الإقليمي على الحوار.
بالإضافة إلى الحوارات الإقليمية والدولية كعامل معزز للتفاهمات الحدودية الأردنية السورية، ثمة مؤشرات على خفض تصعيد "سياسي" للأزمة السورية، حيث يصنف "الصراع" في سوريا الآن بأنه منخفض المستوى - مجمد، واستقر واقع الأمر على خارطة سيطرة للأطراف المتصارعة وانخفضت العمليات العسكرية الكبرى، وهذا النمط من الصراعات يحمل في طياته مخاطر عالية لأن أطرافه تكيّفوا مع الوضع القائم ولا يوجد "حوافز وعواقب" تدفعهم للتفكير ملياً لمغادرة الجمود الحالي، وهو ما ينذر بديمومته على المدى المتوسط.
فخفض التصعيد العملياتي يظل مؤقتاً ما لم يتحول سياسياً إلى صيغة للحل تتوافق عبرها الأطراف الخارجية والداخلية على صيغة مقبولة لمرحلة انتقالية تراعي اعتبارات هذه الأطراف.
ومنذ سنوات أصبحت معظم أعضاء مجموعة اتصال "أصدقاء سوريا" والعواصم الدولية والإقليمية التي دعمت التمرد ضد الحكومة السورية تنظر للأزمة السورية وفق أهداف إبعاد إيران عن سوريا، والحيلولة دون توطن الإرهاب العابر للدول فيها، والسيطرة على السلاح المنظم غير الرسمي الذي تحوزه جماعات وميليشيات ساندت الدولة السورية على امتداد سنوات الأزمة.
بالطبع تشاطر عواصم خليجية عمان قلقها من تجارة المخدرات، فـ85٪ من المخدرات المضبوطة حسب مصادر شبه رسمية معدة لـ"إعادة التصدير" خارج الأردن، كالسعودية التي فرضت في أبريل 2021 حظراً على استيراد المنتجات الزراعية من لبنان بعد توالي ضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة مخبأة في الصادرات الزراعية، وطالبت وزارة الداخلية السعودية في حينه من الحكومة اللبنانية تقديم الضمانات اللازمة لوقف عمليات التهريب "الممنهجة".
وبالتالي لا تقف الدولة الأردنية لوحدها في مواجهة مخاطر المخدرات المتعددة، وهو ما يصب في صالح تعزيز موقفها الضاغط المطالب بقيام الجيش السوري بواجباته الحدودية، ومن الملح أن توضع هذه الترتيبات ضمن أسس خفض التصعيد السياسي الإقليمي.
ومن المتوقع أن تدفع الاستدارة التركية نحو دمشق هذا الخفض السياسي قدماً، فقد كشف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في حديث لصحفيين منتصف أغسطس أنه يجب "الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا" مؤكداً التزام تركيا بوحدة سوريا، في إشارة إلى واحدة من القضايا الكامنة بين البلدين والمتمثلة بالملف الكردي، مضيفاً استمرار تواصل تركيا مع روسيا "في كل خطوة بشأن سوريا".
وهذا التواصل يخالف توقعات سابقة بأن يكون للأزمة الأوكرانية تداعيات سلبية على الستاتس كو القائم في سوريا، حيث سيطرت مخاوف بتقويض تلك الأزمة فرصَ الحل في سوريا. ولكن ربما أتاحت الأزمة الأوكرانية مساحة إضافية للتفاوض والمساومة على طاولة الأزمات الدولية، فحديث الرئيس التركي للصحفيين جاء في طريق عودته من أوكرانيا لتثبيت اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، ولدعم جهود الوساطة متعددة الأطراف الهادفة إلى وقف إطلاق النار ومن ثم الانتقال إلى مفاوضات سياسية تنهي الأزمة.
وإلى الآن، احتوت الأطراف الدولية المنخرطة في الأزمة الأوكرانية تداعياتها على الأزمة السورية دون تخريب التوازنات القائمة في هذه الأزمة – أي السورية -. وهذا الاحتواء يصب في صالح الأمن الحدودي الأردني، ويطمئن المخاوف من حدوت انسحاب روسي استراتيجي يفسح المجال لتمدد الجماعات المسلحة المرتبطة بعصابات التهريب. وناقش تقرير نشره ستراتيجيكس في يونيو 2022 بعنوان: "ماذا استجد في حرب الأردن على المخدرات؟" هذه المسألة ضمن أربع مستجدات في حرب الأردن على المخدرات.
بالمحصلة، تؤدي الاستدارة التركية نحو دمشق، والمراجعة الإيرانية لسياستها الخارجية، والانفتاح الخليجي والإقليمي، إلى توفير بيئة إقليمية ملائمة لتحسن العلاقات الأردنية السورية وبالتالي إنضاج التفاهمات الحدودية الأردنية السورية.
ثانياً: عوامل الضعف
على النقيض من عوامل القوة، تعتري ديناميكيات العلاقة الأردنية السورية بعض المثبطات التي تحول دون انسيابية التفاعلات الثنائية، فأولاً؛ استنزفت السنوات العشر الماضية مقدرات الدولة السورية وأحدثت دماراً متراكماً في البنى الإدارية والاقتصادية والمجتمعية وضع سوريا في المرتبة الثالثة على قائمة الدول الأكثر هشاشة من أصل 179 يشملها المؤشر.
وعلى وقع هذا الاضطراب المزمن، تفشى "اقتصاد الظل"، الذي يرتكز على أنشطة غير مشروعة كتجارة المخدرات، ونظراً لطول سنوات الأزمة وعدم قدرة الحكومة السورية من القيام بأدوارها الاقتصادية، فإن قطاع واسع من السوريين تكيفوا مع هذا الوضع المستجد، والذي أنشئ – أي الوضع المستجد – شبكات من "التجار" غير الشرعيين ستمانع بكل قوتها السياسية والعنيفة أي تغيير يستهدف ما تراه مصالحها.
وحتى مع توافر الإرادة السياسية لدى دمشق لتطبيق تفاهمات حدودية مع عمّان، إلا أنها تواجه في الوقت ذاته معضلة مكافحة الاقتصاد الموازي (اقتصاد الظل) وما ينطوي عن مكافحته من مخاطر إحداث اضطرابات سياسية واجتماعية جديدة، بعد أن تنامى خلال سنوات الازمة العشر.
وتحذر دراسات مرحلة ما بعد الصراع "Post-Conflict Studies" من المخاطر الكامنة في تلك المرحلة، فحتى لو توقفت الحرب بمقياسها الإقليمي والمحلي الواسع وتم التوصل إلى حل سياسي مقبول، فإن النزاعات المصغرة تبقى متقدة بين الفينة والأخرى، ونظراً لحالة الهشاشة فإن هذه النزاعات مرشحة للتفاقم إلى نزاع واسع النطاق بما يعصف بالتفاهمات الحدودية الأردنية السورية.
ثانياً؛ صحيح أن العلاقات الأردنية السورية أخذت طابع سياسي بالاتصال الهاتفي المعلن لأول مرة منذ 10 سنوات بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد، في أكتوبر 2021، إلا أنها لا تزال في طور الاستكشاف وبناء الثقة وإزالة ما تراكم من اتهامات، ففي بعض المراحل اتهمت دمشق عمّان بتسهيل عبور الأسلحة والإرهابيين إلى الأراضي السورية، في حين رأت عمان أن إخلاء السلطات السورية لمواقعها في الجنوب متعمد لصناعة ظرف أمني ضاغط نحو الحدود الأردنية.
ثالثاً؛ لم يتم التوصل بعد إلى التوافقات الإقليمية حيال القضايا النزاعية الرئيسية، كالأزمة السورية، وحتى لو تم ذلك فإنها تظل تفاهمات هشة يمكن الانقلاب عليها، لا سيما وأن مرحلة بناء الثقة تحتاج وقتاً وخطوات متبادلة على طريق تأكيد الحل.
رابعاً؛ حالة التنافس الجيوستراتيجي على الشرق الأوسط وبروز الصين وروسيا كلاعبَين في إقليم عُدّ تقليدياً ساحة نفوذ أمريكي.
خامساً؛ تتوجس بعض العواصم الدولية والإقليمية من التوصل إلى اتفاق نووي لما سينتج عنه من عوائد إضافية على الخزينة الإيرانية، وترى تلك العواصم ضرورة أخذ ضمانات من طهران بعد استغلال هذه العوائد إلا لغايات محلية في الداخل الإيراني.
وقد تشهد المرحلة القادمة تشدداً من قبل واشنطن وتل أبيب في وجه النفوذ الإيراني سواء تم التوصل إلى اتفاق نووي؛ بحيث لا يُفهم على أنه ضوء "أخضر" لأي أنشطة تتعارض مع احترام سيادة الدول، أو في حالة عدم التوصل للاتفاق، لمنع طهران من التصعيد والضغط على الولايات المتحدة عبر ممارساتها الإقليمية.
ومما يدلل على إظهار التشدد القصفَ الأمريكي الاسرائيلي المتزامن على مواقع في سوريا في أغسطس 2022، ولم يعلن رسمياً عن هذا التزامن إذ أن إسرائيل تتعمد سياسة الغموض عند تنفيذ هجماتها في سوريا، أما الجيش الأمريكي فقد أعلن أنه بتوجيهات من بايدن قصف "منشآت بنى تحتية ذات صلة بالحرس الثوري الإيراني".
قد يبدو ما جاء في بند عوامل الضعف متناقضاً مع عوامل القوة، وهذا التناقض ليس قصوراً في التحليل، فبحكم الواقع يحب قراءة الموقف الجدلي من زواياه الثنائية والإقليمية والدولية المتباينة لا بل المتناقضة أحياناً.
الخاتمة
لا تختزل آفاق العلاقات الأردنية السورية بملف المخدرات فحسب، ففي المنظور الأردني ثمة أهداف كتنفيذ اتفاقات سابقة متعلقة بالحصة من مياه نهر اليرموك المشترك، بالإضافة إلى عدم وضع عراقيل أمام عودة اللاجئين إلى سوريا.
أما سوريا فتنظر إلى علاقاتها مع الأردن من بوابة إعادة تأهيلها السياسي في البيئتين العربية والدولية، والاستفادة من جوار آمن مساند لعملية إعادة الإعمار الشاملة.
والمنظورين يتداخلان ضمن إطار عام تتشكل فيه ملامح شرق أوسطية جديدة يعاد عبرها رسم المعادلات وتفعيل المشاريع التنموية متعددة الأطراف وتبريد الأزمات وتقليص الاشتباك الخارجي لصالح توجيه مزيد من الجهد لمعالجة التحديات المحلية.
من هذا المنطلق يمكن للتواصل الشفاف المباشر بين العاصمتين أن يسهم في تثبيت التفاهمات الحدودية، وتفويت الفرصة على الطامحين باستغلال الثغرات الحالية لتحقيق مكاسب مادية أو تخريبية، سواء أكانوا في سوريا أو حتى في الأردن؛ فالحملة الأمنية الداخلية على المخدرات في الأردن استهدفت ما يمكن تصنيفه على أنه بنية تحتية ناشئة لتجارة المواد المخدرة.
رابط الورقة على مركز ستراتيجيكس