هل تأخذ إسرائيل بعين الاعتبار خشية دول الجوار من حدوث انقلاب بسبب الوضع في غزة؟

الرابط المختصر

اعتبر تقرير عبري أن الحرب في غزة سرعان ما تحولت إلى صراع إقليمي. فمن إيران في الشرق إلى المغرب في الغرب، انجذب الشرق الأوسط إلى الحرب، ولم يقتصر على الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني؛ لأن الحرب في غزة غير عادية، ولكن خصائص المشاركة القوية والإقليمية فيها مختلفة.
وقال إن "الذي لم يتغير حتى الآن، هو الانقسام المألوف بين المحاور: محور "المقاومة" الذي يضم حماس أولاً وقبل كل شيء، إلى جانب إيران وحزب الله وسوريا والحوثيين في اليمن، فضلاً عن التنظيمات في العراق من جهة، والذي يحاول تأجيج النيران من خلال تأجيج قطاعات أخرى (لبنان وسوريا والضفة الغربية وإسرائيل نفسها) وحالة جنون إعلامي في كافة وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية، وخاصة في شبكات التواصل الاجتماعي، حول جرائم الصهيونية وإسرائيل في غزة بشكل عام. وفي العلن، يحاول الرئيس الروسي فيلادمير بوتين تبني موقف محايد، وهو الموقف الذي من شأنه أن يسمح له بلعب دور الوسيط، لكن حقيقة وجود الكثير من الأسلحة الروسية الصنع في أيدي هذا المعسكر، فضلاً عن علاقات روسيا مع إيران وسوريا، تضعه فعلياً على هذا المحور، أو قريباً منه.
وعلى الجانب الآخر من الحاجز، توجد جميع الدول التي وقعت اتفاقيات سلام أو تطبيع مع إسرائيل، والتي هي على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة والغرب بشكل عام. ومصلحة هذه الدول هي إلحاق الضرر بمنظمة حماس، إن لم يكن إبادتها، لكنها تجد صعوبة في التعبير عن هذا الموقف علناً بسبب الرأي العام. ولذلك، فإننا نشهد تصريحات تدين إسرائيل بالدرجة الأولى دون أن تتطرق لعملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حماس ضد إسرائيل، على حد زعم التقرير. 
وأدلت الإمارات والمغرب بتصريحات أكثر توازنا، لكن بشكل عام كانت المواقف العلنية لما يسمى بـ "دول السلام والتطبيع" معادية لإسرائيل. وكان الأمر المخيب للآمال بشكل خاص من وجهة النظر الإسرائيلية هو موقف السعودية، التي لم تدين فقط الأعمال الإرهابية في إسرائيل، بل علقت أيضًا الاتصالات معها من أجل التطبيع.
وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، يتعلق التغيير الأكثر أهمية، بالمشاركة النشطة للولايات المتحدة. وخلافاً لكل التوقعات التي تحدثت عن انسحابها من الشرق الأوسط، يتبين أنها حتى لو أرادت الانفصال عن الشرق الأوسط، فإنها لا تستطيع ذلك. ولا يشير خطاب الرئيس جو بايدن القوي، وإرسال حاملتي طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إسرائيل، وإرسال مساعدات عسكرية ضخمة، ورحلات وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية ومصر وقطر والسعودية، وأخيرا زيارة بايدن لإسرائيل، فقط إلى التزام أمريكي عميق بأمن إسرائيل، بل أيضاً إلى أهمية الشرق الأوسط للأمن القومي للولايات المتحدة. ولم يكن هناك قط مثل هذا التورط العميق للولايات المتحدة، ولا حتى في حرب يوم الغفران.
ووفقا للكاتب والمحلل السياسي في صحيفة "معاريف"، البروفيسور إيلي فودة، وهو عضو مجلس إدارة معهد "ميتفيم" الإسرائيلي، والمدرس في قسم الدراسات الإسلامية واليهودية في الجامعة العبرية، فإنه من بين دول المنطقة، من الممكن تحديد ثلاث دول تلعب دوراً مركزياً وهي، قطر، والتي تمنحها علاقاتها مع جميع اللاعبين المشاركين في الصراع تقريباً وخاصة مع حماس، التي يتمركز قادتها في أراضيها، دوراً أكبر. وعلى الرغم من أن قطر أصدرت اتهامات قاسية ضد إسرائيل فقط، بينما تواصل قناة الجزيرة بث الدعاية لصالح حماس، إلا أن قطر تواصل من وراء الكواليس العمل كوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، وربما أيضًا بين إسرائيل وحماس.
والثانية هي السعودية، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، أهم دولة عربية. وحقيقة أن السعودية جددت مؤخرًا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران تسمح لها أيضًا بالتوسط بين الغرب وإيران. وهكذا، على سبيل المثال، ورد أن بن سلمان تحدث هاتفيا مع الرئيس الإيراني. كما تحدث مع الرئيس التركي أردوغان، الذي نشر، مثل قطر، تصريحات معادية لإسرائيل، رغم أنه عرض نفسه على الفور كوسيط.
أما الدولة الثالثة فهي مصر، وهي قريبة جغرافياً من غزة. فمن ناحية، مصر ليست مستعدة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الذين سيهربون من غزة، ولكن من ناحية أخرى، من المهم لها أن تثبت دورها التاريخي لصالح الفلسطينيين. وكان فتح معبر رفح المصري لصالح دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة أول إنجاز مهم للسياسة المصرية. والآن يحاول السيسي تنظيم مؤتمر دولي، ربما سيعقد السبت المقبل، حول القضية الفلسطينية، بهدف إعطاء دفعة للمعارضة المصرية لاستيعاب الفلسطينيين في أراضيها.
وأشار البروفيسور إيلي فودة، إلى دور الملك عبد الله الثاني، الذي ذهب إلى عواصم أوروبا الغربية بهدف الحصول على الدعم لإنهاء الحرب. وكان من المفترض أيضًا أن يستضيف قمة رباعية مع بايدن والسيسي ومحمود عباس أبو مازن، لتنسيق المواقف والتوقعات، لكن المؤتمر ألغي.
وقال إنه "من المهم أن نؤكد على أن دول المنطقة لا تتصرف دائماً وفقاً لمصالحها الخاصة، بل كاستجابة لحاجتها إلى تهدئة الرأي العام. وعلى هذا فقد أصبح الرأي العام لاعباً لا يقل أهمية في الحملة الانتخابية. وسرعان ما تجاوزت الحرب بين إسرائيل وحماس حدود الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ فقد شحذت الخطوط الفاصلة المعروفة في المنطقة، لكنها خلقت أيضا شروخا في محور دول السلام والتطبيع. قد تؤدي نتائجها إلى تدهور علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية، لكنها في الوقت نفسه يمكن أن تخلق فرصة لتغيير هيكل القوة الإقليمية، وهو ما قد يشمل التطبيع مع السعودية، ولكنه يؤدي أيضًا إلى صراع تغير في علاقات إسرائيل مع الفلسطينيين".