هل باتت مواجهة الإقليمية ضرورة في الأردن؟

هل باتت مواجهة الإقليمية ضرورة في الأردن؟
الرابط المختصر

قفزت قضية الإقليمية وتعزيز الوحدة الوطنية لتكون إحدى أهم المشاكل الداخلية التي تواجه الأردن حسب استطلاع مركز الدراسات الإستراتيجية الذي خصص لقياس الرأي العام حول حكومة المهندس نادر الذهبي بعد مرور عام على تشكيلها.

 

وحسب نتائج الاستطلاع التي أعلنت الأربعاء الماضي ظهرت الحاجة لمعالجة مثل هذه القضايا إلى جانب قضايا مهمة كارتفاع الأسعار والبطالة، وأظهرت النتائج أن أولويات المواطنين اقتصادية في الدرجة الأولى، حيث جاءت مشكلة "ارتفاع الأسعار" كأهم مشكلة تواجه البلاد، وجاءت ضرورة أن على الحكومة معالجتها بنسبة 41% من مجموع الإجابات، تلتها البطالة بنسبة 20% فالفقر بنسبة 14%، ومن ثم أوردت العينة الوطنية مشكلة مواجهة الإقليمية وتعزيز الوحدة الوطنية، وأزمة مكاتب البورصة العالمية وهي مشاكل جديدة لم ترد في استطلاعات سابقة.


 نتائج هذا الاستطلاع تأتي عقب تجاذبات سياسية بين مراكز قوى في دائرة صنع القرار شهدتها الساحة الأردنية قبل أشهر و انتقلت عدواها إلى الصحافة المحلية وخصوصا المواقع الالكترونية الإخبارية، وتمتاز هذه القضايا ذات الطابع الإقليمي بأنها تُحرك من قبل أفراد وموجهة ضد أفراد آخرين بهدف تصفية حسابات ومصالح شخصية.


الكاتب الصحفي بسام بدارين يرى أن " قضايا محاربة الإقليمية وتعزيز الوحدة الوطنية كانت ومازالت قضايا مهمة قبل صدور الاستطلاع، لكن السؤال لماذا تقفز كأولوية إلى جانب الأسعار؟ يجيب بدارين  أن  "التجاذبات والصراعات بين مراكز القوى والنفوذ التي وصلت إلى داخل مؤسسة القرار دفعت بهذه القضايا إلى سلم الأولويات المهمة بالنسبة للمواطن إذ بات الرأي العام قلقا من بعض الطروحات المتشددة العنصرية التي سمعناها مؤخرا ".
ويُتهم بعض الكتاب والأقلام الصحفية بإثارة وإحياء " القضايا الإقليمية" إلا أن الكاتب بدارين يعلق في حديث لراديو البلد أن " قادة الرأي الحقيقيين كانوا بعيدين عن جر الرأي العام الأردني لهذه المشاحنات الإقليمية والتي كانت الصالونات السياسية وصناع القرار المحرك الرئيسي لها"


يقول بدارين" هذه المشاحنات انتقلت عدواها إلى بعض الأقلام الصحفية وبعض قادة العمل البرلماني، وهنا يجب الإشارة إلى إننا نتكلم عن عدد محدود جدا وغير مؤثر، كون المؤثرين في الوسط الصحفي والوسط السياسي النخبوي لم يشاركوا بهذا الاحتفال الانقسامي الذي اقتصر على مشاركة صحفيون درجة ثانية او ثلاثة قد يكونوا كتبوا تحت هذا الباب" .



المواقع الالكترونية الإخبارية لعبت دورا كبيرا في صراع القوى السياسية التي أحييت قضايا إقليمية مؤخرا، وهذا ما دفع نقابة الصحفيين الأردنيين لعقد سلسلة اجتماعات لمحاولة احتواء هذه المواقع في إشارة صريحة من قبل نقيب الصحفيين عبد الوهاب زغيلات بان " بعض المواقع الإخبارية تثير النعرات الإقليمية" حسب ما قال في إحدى هذه الاجتماعات.
و حذر مجلس نقابة الصحفيين في بيان صحفي قبل أشهر من " استمرار عدد من الصحف والمواقع الالكترونية في السجال الإعلامي غير المهني الذي يتجاوز ميثاق الشرف الصحفي".


وقال نقيب الصحفيين إن "ما نشر على المواقع الالكترونية بقصد أو بدون قصد يمس بالثوابت والوحدة الوطنية، عندما تثار ردود وموضوعات إقليمية"، وتخوف من "توجه مجلس النواب إيجاد قانون يحد من الحريات الإعلامية بما يتعلق بالمواقع الالكترونية".
ويعتبر وناشر موقع أخبار البلد أسامة الراميني في تصريح سابق لعمان نت أن الكل شركاء برسم صورة الإعلام القاتمة ولا يستثني من ذلك الإعلام الرسمي، ويرى أن نقابة الصحفيين لم تصدر البيان الأخير حبا في نزع فتيل الأزمة بقدر ما هو تنفيذ لرغبة ملكية وجهت خلال مأدبة إفطار في شهر رمضان الفائت تحدث خلالها الملك عن الإعلام الأردني وضرورة الابتعاد عن اغتيال الشخصية".


الصحفي محمد ابو رمان يكتب في مقالة له أن حدّة السِّـجال والصِّـراع وتبادُل الاتهامات بين باسم عوض الله وقيادات سياسية في الحكم وصلت إلى درجة كبيرة من التوتّـر وانعكست بصورة سافرة على الإعلام، الذي دخل بدوره حالة من الاستقطاب والصِّـراع بين الصحف والمواقع الإلكترونية والكُـتّـاب المحسوبين على عوض الله وخصومه".


ويتابع ابو رمان " وحدث في سابقة تاريخية أن صعد انطباع عام بأنّ دائرة المخابرات العامة، الجهاز الأقوى تماسكاً ونفوذا،ً قد دخلت على خطّ الأزمة بصورة مباشرة من خلال مديرها العام الفريق محمد الذهبي، الذي تصدّى لعوض الله وبرز الصراع بين الشخصين إلى السّـطح، متوازياً مع حالة من الاستقطاب الكبيرة".


ويرى "على ما يبدو، أن الملك وصل إلى قناعة بضرورة التخلِّـي عن أحد الرّجُـلين، كي لا يُـفهَـم الصراع وكأنه بين الدّيوان الملكي ودائرة المخابرات العامة، خاصة أن الأزمة بدأت تُحدِث شرخاً اجتماعياً بين النُّـخب الأردنية والفلسطينية، ما يُـهدِّد السِّـلم الاجتماعي والأهلي في مرحلة حساسة، إقليمياً وداخلياً".


وعلى الرغم من انتهاء نفوذ د. عوض الله، فإنّ رؤيته السياسية والاقتصادية لم تسقُـط تماماً بعدُ- والحديث لابورمان- فالرجل برغم الجِـدال الكبير المثار حوله، يشهد له خصومه بامتلاكه دوما ناصِـية المبادرة والجِـدّ والعمل، وهو ما يطرح سؤالين رئيسيين: الأول، حول قُـدرة من سيمْـلأ الفراغ على أداء الدور نفسه الحيوي والثاني، فيما إذا كان الفريق الآخر في الدولة يمتلك لرؤية بديلة لسياسات عوض الله، أم أنه فقط يملك مشروع مُـمانعة لعوض الله؟".
هذه المشاحنات والصدامات بين القوى السياسية لم تطح برئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله فقط، إذ امتدت إلى الوسط الإعلامي فقد قدم الكاتب ناهض حتر استقالته من البنك الأهلي الأردني الذي كان يعمل مستشارا إعلاميا له كما أوقف عن الكتابة في صحيفة العرب اليوم.


ولا ينكر حتر في تصريحات صحفية أن استقالته كانت بسبب مواقفه السياسية يقول "من منطلق حرصي على المسيرة الناجحة للبنك وعلى العلاقة التاريخية بيني وبين البنك وشخص رئيس مجلس الإدارة رجائي المعشر، ولتحييد موقفي الفكري الشخصي عن موقف البنك وإدارته فقد قمت بتقديم استقالتي وتم قبولها".
الكاتب الصحفي سميح المعايطة
 
وجهة نظر اخرى ترى ان بعض قادة الرأي جّروا البلاد الى قضايا إقليمية فعلى عكس الكاتب البدارين يرى المحلل السياسي سميح معايطة ان مرحلة الاستقطاب السياسي التي حصلت مؤخرا أظهرت بعض الاقلام ولاصوات اخذت الطابع الاقليمي وتحدثت عن المحاصصة والتظلم على قاعدة الجغرافيا، واحيانا تم تفسير بعض القرارات والتوجهات اتلسياسية على قاعدة الاقليمية هذه المسالة أثارت مخاوف الناس، وكان المسؤول عٍن اثارتها نخب اعلامية وساسية".
ويزيد ان "بعض الكتاب كانوا طرفا في اثارة هذه المواضيع وتحدثوا بلغه مرفوضه وخروجوا عن كل المعايير مما اثر على الراي العام لخدمة مصالح سياسية لشخصيات معينه".

هذه الطروحات الاقليمية التي عصفت بالبلاد وخصوصا الاصطفاف الاعلامي لجهات بحق اخرى دفع قمة الهرم السياسي الملك عبد الله الثاني لتخصيص مساحة من خطاب العرش لدعوة الصحافة بالتمسك بمبادئ المهنية والموضوعية، والحفاظ على التوازن الضروري، بين الحريات الصحفية والحقوق الشخصية... بعيدا عن التضليل، وتحويل الرأي الشخصي إلى حقيقة عامة".