هل انتهت الفترة الذهبية للمناطق المؤهلة؟
بعد احد عشر عاما على تأسيسها يرسم عدد من الاقتصاديين صورة قاتمة للمناطق الصناعية المؤهلة التي انطلقت في عام 1998 كإحدى استحقاقات اتفاقية السلام الاردنية الإسرائيلية لتتلاءم وواقع العلاقات الاقتصادية الجديدة بين إسرائيل والأردن.
الصورة القاتمة بدأت تتكون مع انخفاض صادرات هذا المناطق بشكل ملفت إذ بلغت في عام2008 حوالي 948 مليون دولار، في الوقت الذي سجلت فيه الصادرات مليار و 300 ألف دولار في عام 2005 وذلك حسب رئيس الجمعية الاردنية لمصدري ومنتجي الالبسه فرحان افرام.
هذا الانخفاض في الصادرات ينسحب على العمالة في هذه المدن سواء كانت محلية او وافده اذ يقدر عدد العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة 55048 عاملاً وعاملة في مطلع عام 2008 بينما أصبح هذا العدد 43385 في (2009) منهم 11.600 ألف عامل أردني فقط أي ان ثلثي العمالة في هذه المدن الصناعية عمالة وافدة.
وفي دراسة أعدتها تمام مانجو الباحثة في مركز (ارش) للدراسات تظهر انخفاض مستمر في أعداد العمالة في المدن الصناعية المؤهلة وخصوصا العمالة المحلية.
وتقول مانجو ان الانخفاض كان واضحا في أعداد العمالة ففي عام 2004 كان يوجد في المناطق الصناعية المؤهلة تقريبا 23 ألف عامل أردني، بينما لا يتجاوزون عددهم اليوم ال 11 ألف عاملا من أصل 46 ألف عمال بشكل عام أي 25% من العمال أردنيين، على الرغم من ان وزارة العمل اشترطت على المناطق الصناعية المؤهلة عند تأسيسها ان لا تزيد نسبة العمالة الوافدة في أول سنة عن 30% و25% للسنة الثانية و 15% للسنة الثالثة لكن المصانع لم تلتزم بهذا الامر ".
وتعزو التراجع في المناطق الصناعية المؤهلة لعدة أسباب أبرزها رفع نظام الكوتا الأمريكية عن بعض دول شرق أسيا كالصين وباكستان والهند، اذ كانت هذه المصانع تتجنب هذه الكوتا من خلال إنشاء مصانع بالمناطق الصناعية المؤهلة، لكن هذه الحاجة للـQIZ انتفت بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين أمريكا وهذه الدول حيث أصبح بإمكان دول شرق أسيا التصدير دون اللجوء للمناطق الصناعية المؤهلة" .
المستثمرون في القطاع لا ينكرون هذا التراجع لأداء المناطق الصناعية المؤهلة، لكنهم ما زالوا "ينافسون" حسب ما يقول فرحان فرام رئيس جمعية مصدري ومنتجي الألبسة، يقول " نعم هناك هبوط في العمالة لكن الهبوط كان من الطرفين محلي وأجنبي، كما ان هنالك هجرة لبعض المصانع الصغيرة لأسباب منها ظهور بعض البلدان المنافسة كمصر والتي وقعت اتفاقية مناطق صناعية مؤهلة أيضا، أما بالنسبة لسقوط الكوتا عن بعض الدول هذا لن يؤثرا كثيرا كون الأردن يملك ميزه عن باقي الدول وهي ان منتجاتها لا تخضع للجمارك كما هو الحال في الصين والدول الأخرى وهذه الدول تدفع ما يقارب 30% من قيمة المنتج جمارك و رسوم".
ويعود فرحان ويذكر بالفائدة التي حصدها الأردن من المناطق الصناعية المؤهلة يقول "هناك اتفاقيتين وقعهما الأردن :اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة والثانية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال هاتين الاتفاقيتين استطاع الأردن ان يحقق فائدة كبرى، وخصوصا قطاع الألبسة الذي يشكل 94% من المناطق الصناعية المؤهلة اذ استقطب الأردن استثمارات بقيمة 650 مليون دينار، و وصادرات بمبلغ مليار و 300 دولار في عام 2005، كما ان واكثر من 30% من صادرات الاردن كانت تخرج من المناطق الصناعية المؤهلة" .
وتنوي وزارتي العمل والصناعة والتجارة، تقديم دعم مالي للمناطق الصناعية المؤهلة بالاضافة لتقديم حوافز للمستثمرين في القطاع شريطة زيادة عدد ونسبة الاردنيين المشتغلين في هذه المصانع وخصوصا في قطاع الغزل والنسيج.
المحلل الاقتصادي د.حيدر رشيد تخوف من ان يحمل هذا الدعم الحكومة عبئا ماليا كبيرا، مؤكدا في الوقت ذاته ان هذا الاجراء ياتي في تخوفا من حدوث انهيار في وضع الميزان التجاري الذي تسام صادرات هذه المناطق بالحفاظ عل توازنه.
لكنه يتساءل ما هي النتائج الاقتصادية التي حققتها المناطق الصناعية المؤهلة للاقتصاد الاردني، وفي سبيل ذلك قامت الحكومة بمنح مجموعة من التسهيلات والامتيازات لتسهيل عمل هؤلاء المستثمرين؟ يجيب ان المناطق لصناعية المؤهلة كان لها سلبيات عديده اذ خلقت مشاكل عديدة بين الحكومة و المستثمرين الاجانب كاغلاق مصانع بشكل مفاجئ وهضم حقوق للعمال، وقدوم لجان تقصي حقائق الى الاردن للبحث بقضايا اتجار بالبشر".
اضافة لذلك يقول حيدر ان المصانع ترفض رفع الحد الادنى للاجور للعمالة المحلية".
مدير التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والتجارة الدكتور لؤي سحويل يؤكد على أهمية دعم المناطق الصناعية المؤهلة كون "صادراتها من أعلى الصادرات بنسبة 17% من صادرات الأردن، كما ان لهذه المناطق تأثير غير مباشر على القطاعات الخدمات المساندة التي تشكل العمالة الجزء الاكبر منها كالنقل والمطاعم والسكن والبنوك الطيران وهذا يدل على اهمية هذه المصانع للاقتصاد الوطني".
ويؤكد ان الحكومة لديها توجه لدعم الصناعة بشكل عام و من ضمنها قطاع الألبسة ويتم التنسيق حاليا بين وزارة الصناعة والتجارة و وزارة العمل وجمعية مصدري الالبسة لدعم القطاع الذي وضع الاردن على خارطة العالم التصديرية".
و وقعت الحكومة اتفاقية تجارة حرة مع كندا، وسيكون قطاع الالبسة من القطاعات الرائد في التصدير بناءا على هذه الاتفاقية كما يقول د. سحويل، ويعود ليؤكد مره أخرى ان هذا القطاع مهم في دعم المناطق الاقل حظا من خلال نظام المصانع الفرعية حيث التزم اصحاب بعض المصانع الكبيرة بفتح مصانع صغيره المناطق الاقل حظا لتقليل نسبة البطالة الموجودة في المحافظات".
من جهتها ستلتقي نقابة العاملين في الغزل وزير العمل غازي شبيكات يوم الأحد لمناقشة الآليات التي يجب ان تتبعها الوزارة للحفاظ على العامل الاردني في المناطق الصناعية المؤهلة خصوصا بعد ان تقدمت شركة بطلب تسريح 65 عاملا أردنيا بهدف تخفيض النفقات الامر الذي رفضته وزارة العمل. هذا حسب ما قال النقيب فتح الله العمراني.











































