هـل تسـتطـيع العـيش دونـه!

الرابط المختصر

إذا كنت من الذين لديهم وقت فراغ كبير، فحاول الاتصال مع أي فضائية عربية تبث برامج المسابقات لأجل الاشتراك في أحدها.وإذا كنت من الذين يقضون أوقات فراغهم أمام شاشة التلفاز بالساعات؛ فباستطاعتك أن تقرر أي البرامج الجيدة من الرديئة، وهنا عليك أن تنصح أصدقائك ومن تعرفه بأي البرامج إثارة وتشويقا "كي تتسـلى".



كم معدل جلوسك على التلفاز زمنيا. لا يهم، ليس موضوعنا، وكم معدل استهلاكك للتسالي والفواكه والمأكولات أيضاً لا يهم.



إذن، ما المهم!



فإذا كنت من الذين يهتمون ويحرصون على عدم إهدار أموالهم مجاناً، فهل لنا أن نعرف كيف تهدر وقتك وأموالك!



أيضاً لا يهمنا في هذا السياق أن نتعرف على وقتك ومالك المهدور.



أكثر الأردنيين وسكان العالم يهدرون وقتهم ومالهم دون علمهم بذلك. معلومة عامة لا يمكن أن نتناولها مرورا ولا نريد أن نبحث في مدلولاتها.



اقتصادياً، الجلوس على التلفاز هو: هدر للطاقة، ومبلغاً من المال يأتيك على فاتورة الكهرباء، وهدر للوقت؛ وفيه قد تنجز أعمالاً تزيد من دخلك المادي، وتهدر من تنمية مداركك عبر القراءة، وهي التي تعمل على صقل شخصك وتزيد من مهاراتك وإلمامك بشتى الحقول وهو ما يؤثر على عملك، وهذا ما يستدعي أصحاب العمل لديك إلى ترقيتك وزيادة راتبك.



صحياً، الجلوس لساعات طويلة أمام التلفاز يدفع الشحوم إلى التراكم في جسم الإنسان، إضافة إلى تأثر النظر بشكل كبير من حجم الإشعاعات الكثيرة المنبعثة من التلفاز أمام العين البشرية؛ وإلا لما ينزع أكثرنا إلى فرك عينه أكثر من مرة خلال مشاهدته التلفاز وخصوصاً عندما تتجاوز مدة جلوسه الساعة وأكثر.



لا يهمك !

"عملياً الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة التلفزيون، يؤثر على خلايا الدماغ، ما قد يؤدي إلى تلف بعضها في حالات موجودة في العالم، أيضاً تضعف البصر وحالات معروفة تؤدي إلى تلف البؤبؤ، وهنا يصل الأمر إلى العمى، أيضاً الجلوس لساعات عديدة، يزيد من تراكم الدهون والسكريات في الجسم، وأيضا في الدم ما قد يسبب السكري وأمراض عديدة منها التجلط وبالتالي الموت المحقق"، تعريفات معروفة وكثيرا ما قرأناها ونسمعها دوما من مختصين في مجالات الصحة العامة.



لا يهمنا هذا كله، فهو كلام لا يقدم ولا يؤخر شيئاً لدى القراء. هل تستطيع أن تمضي يوما دون تلفاز!



"في وقتنا الراهن، لا يمكن أن تستغني عنه، لأنه المعلومة والخبر والتسلية".



هل حاولت أن تبتعد عنه، وهل أمضيت وقتك بعيداً عنه مستثمرا إياه بشيء آخر!



"عالمنا تغير كثيراً ولا يمكنك إلا أن تجاريه"...هي دوما نسمعها مرددة على الألسن.



إذن، الاستسلام لهذا العصر هو حال الكثيرين، ومع ذلك لا يمكننا أن نعمم، "فمن الصعب جداً أن تخرج عن المألوف، والمألوف في هذا الزمن هو التلفزيون والانترنت والوجبات السريعة والسيارة، متطلبات لا يمكن تجاوزها".



إذا كان فايز أبو سمرة واحداً من الذين لا يقدرون على العيشة دون تلك الأمور، فباستطاعته أن يتخلى عن مشاهدة التلفاز لأيام، نصرة للقراءة.



"القراءة مهمة ومفيدة جداً، لا أنكرها. لكن قد يختصر التلفزيون من رواية جميلة عبر مسلسل أو فيلم وفيه من الإبداع الكثير".



بصيغة أخرى، هل باستطاعتك أن تقرأ يوميا وعلى مدى أسبوع دون مشاهدة التلفاز.



"لا"، يجيب فايز.



الإنسان يربح من جلوسه أمام التلفاز!

"الإنسان يربح المعلومة والثقافة، ويربح كثيراً. هناك تنوعا كبيرا في المواد المبثوثة على القنوات الفضائية".



"هو يغني عقله ومخيلته. التلفزيون يعرض التجارب وتجارب صعبة جداً؛ أفضل من أن تُقرأ في كتاب". ذلك ما قاله أستاذ الاجتماع مجد الدين خمش، و"الكسل" هو حال المدمنين على متابعة التلفاز، ويُشغل الإنسان ويبعده عن العلاقات الاجتماعية.



"إنسان هذا العصر بحاجة إلى أن يسمع الموسيقى ويشاهد المسلسلات ويتابع الأعمال السينمائية، كذلك التعرف مثلاً على عالم الطبيعة، وهذا قد يضاهي كتاب".



"الانترنت إحدى وسائل الاتصال الحديثة، وقد دخل على الخط مؤخراً"، بالإضافة إلى "الاعتماد على الأخبار كمصدر مهم وهو وسيلة ممتعة جداً". الكلام لخمش.



اخُرج منها

الكل يحب القراءة، والكل لا يقرأ، وإذا حاولت أن تغير الواقع فـ"التلفزيون وسيلة لا يمكن الابتعاد عنها".



ومع تطور وسائل الإعلام وانحسار عدد القراء وتراجع نسبة الاستماع إلى الإذاعات لصالح التلفزيون، هل حقاً جميع وسائط الإعلام في مأزق ما عدا التلفاز !



بالنسبة لرئيس قسم الإعلام في جامعة البترا، الدكتور تيسير أبو عرجة فللتلفزيون مكانة يصعب إنكارها، "في هذا الوقت يصعب الاستغناء عن التلفزيون، وقد بات يحتل مكانة مهمة لدى الناس، فهو يتابع القضايا والأحداث؛ ويؤثر على حياتهم، إضافة إلى مصاحبته للصورة المتحركة والقدرات التأثيرية والتي تجعله محور متابعة واهتمام".



ورغم أن القراءة من أهم وسائط المعرفة، ولا يجاريها أي وسيلة أخرى وتحديدا المقروءة؛ وهي التي باتت تعاني من "قلة القراء"، وانحسار عدد الكتب الصادرة في الدول العربية وحتى العالمية، "فالسرعة" هي طابع العصر، وهنا تكمن أهمية التلفاز.



إستفاد التلفاز من ثروة التكنولوجيا المتطورة الآخذة بالقفز خطوات وخطوات للأمام، ومن خلال ذلك يظهر انحسار القراءة؛ وهي التي تتطلب الجهد والوقت، وفي غفلة، هناك من يقول أن "زمن القراءة ولى دون رجعة".



أكاديمياً، لا يفرق القائمون على تدريس الإعلام، بين أهمية وسيلة إعلامية عن أخرى، ويقول أبو عرجة، "هناك تكاملاً بين جميع وسائل الإعلام، فمن الصعب الاكتفاء بواحدة منها. كل واحدة من هذه الوسائل لها دورها وإمكانياتها وتقنيتها ولغتها، إضافة إلى قدراتها التأثيرية".



الكلمة المكتوبة هي وسيلة لتثقيف الإنسان وترسيخ المعلومة وتوسيع الآفاق، بينما الكلمة المسموعة لها قدراتها الإيحائية، كما للكلمة المرئية من تأثير، "من الصعب الاستغناء عن وسيلة على حساب أخرى"، كما يحدثنا أبو عرجة.



من يسحب البساط !

"لا شك أن التلفزيون استطاع أن يسحب البساط من تحت هذه الوسائل. لقد أثر كثيرا على الإذاعة والقراءة، والكتاب يعاني معاناة كبيرة جداً، وهذا واضح من خلال الأرقام التي يتحدث عنها الناشرون. ومن هنا أصبحت الصحافة تميل أكثر إلى التخصص، والتخصص يجعلها تحتفظ أكثر بنوع من القراء، وكذلك الإذاعة وإلا لما كانت مستمرة حتى وقتنا الراهن".



شخصياً، ترى الشابة مي أنه بإمكانها الاستغناء وبكل سهولة عن التلفاز مفضلة الكتاب عليه، "وأجد الكتاب الوسيلة الأفضل لتنوير مخيلتي وتثقيفي"، كما ترى أنه من الضروري وجود رقابة على التلفاز ووضع حد للساعات التي يسمح للأسرة فيها بفتح التلفاز.



مي لا تشاهد التلفاز إلا ساعة يومياً، "وكل ما أتابعه هو الأخبار فقط؛ وأتابعها في كثير من الأحيان عبر الانترنت أو الجريدة اليومية".



وعلى عكس مي، فإن زميلتها سامية لا تستطيع أن تتخلى عن التلفاز في حياتها، لأنه "أقرب وسيلة اتصال لنفسي ويجعلني أرى العالم بالصوت والصورة"، وفي الوقت نفسه لا تعتمد على التلفاز كمصدر للأخبار وإنما من الجريدة.



والبرامج المبثوثة على التلفاز، "زادت من مخزوني الفكري"، كما تقول سامية، "ولا أنكر أن لها آثاراً سلبية وهي سلاح ذو حدين".



أما الشاب سليمان، لا يستطيع أيضا أن يتخلى عن التلفاز، فهو يشكل لديه مصدرا للمعلومات، ويقول "أنظم وقتي ساعتين للقراءة، وساعتين لمشاهدة التلفاز".



في قديم الزمان كانت جلسات الأهالي والأصدقاء هي مصدر الأخبار ومكاناً لتبادل المعرفة والثقافة، هي ما كانت إلا المتنفس لمعرفة أخبار المدينة، والتواصل مع الآخرين، حياتهم كانت بسيطة في مجتمع كان "يتجمهر حول المذياع" وهو الذي كان التقانة الوحيدة لديهم.



أما الآن، فشاشة التلفاز تنقلك إلى شتى أرجاء العالم بلحظات، هي كبسة زر، تسليك، وتطلعك على آخر المستجدات بسرعة، مخاطبةً ثقافة بصرك، وهي كما يبدو سهلة أمام وسائل إعلام أخرى تخاطب سمعك أو عقلك.



ورغم إيجابيات التلفاز والذي تختصر العالم عبر شاشته المربعة، لم يغر "قلة من الناس" يلقبون أنفسهم "أوفياء الكتاب"، هم يقفون صامدين أمام ثورة

المعلومات، متحدين أعتا الوسائل تطوراً، واثقين بحجم الفائدة والمتعة التي يؤمنها الكتاب لهم.



تابعوا صفحة برنامج برائحة القهوة

أضف تعليقك