"هدايا القمح".. هل ينالنا من الحظ جانب?
الامارات العربية تقدم ملايين الاطنان لسورية ومصر واليمن..
قدمت الإمارات العربية المتحدة قبل أيام هدية لسورية نصف مليون طن من القمح لتخفيف وطأة أزمة الغذاء الناتجة عن ارتفاع اسعار القمح في الاسواق العالمية.
الإمارات التي ستقوم بشراء هذه الكمية من السوق العالمية على حسابها سبق ان قدمت قبل عدة أسابيع مليون طن من القمح الى مصر وكميات اخرى لم يحدد حجمها الى اليمن.
والمفارقة أن سورية التي حصلت على الهدية الاماراتية هي دولة مصدرة للقمح وحققت منذ فترة طويلة الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول, واعتمد الاردن عليها في تأمين معظم احتياجاته السنوية من القمح والمقدرة بنحو 700 الف طن وقبل نهاية العام وقع الجانبان الاردني والسوري اتفاقية يلتزم فيها الطرف الثاني ببيع القمح للأردن. لكن سورية عادت وابلغت مسؤولين اردنيين في وقت لاحق عدم قدرتها على الالتزام بالاتفاقية بسبب حالة الموسم الزراعي الذي تأثر بشح الامطار.
كنا نعتقد ان الاردن يتمتع بعلاقات »افضل من سورية« مع دول الخليج والامارات على وجه التحديد التي منحنا استثماراتها تسهيلات كبيرة للعمل في الاردن كان اخرها ارض ميناء العقبة التي بيعت بسعر مغر جداً لمجموعة استثمارية اماراتية. والامارات قدمت للاردن مساعدات مادية كبيرة على مدار السنوات السابقة خاصة بعد احتلال العراق وانقطاع المنحة النفطية العراقية.
لكن الاردن اليوم في وضع اقتصادي صعب ويعاني من عبء فاتورة النفط والغذاء ويحتاج الى المساعدة والاردن دولة معتدلة مثل مصر واليمن وتربطه بالامارات العربية علاقة تحالفية اخذت شكل »الرباعية العربية«. ومهما بدت الازمة المعيشية في سورية عميقة هذه السنة تبقى اقل حدة من الاردن كونها دولة زراعية ولديها مخزون من المحاصيل الاستراتيجية يكفي لعامين, بينما الاردن يشتري 90% من احتياجاته من السوق العالمية.
لا نعترض على مساعدة الامارات لسورية فمن حق الدول ان تمنح من تشاء وسورية دولة شقيقة تواجه ضغوطاً دولية وتستحق من العرب جميعا ان يقفوا معها, غير ان هناك شعوباً عربية عديدة تعيش تحت وطأة الازمة الاقتصادية وتتجه انظارها الى الدول الشقيقة في الخليج العربي املا بالمساعدة والدعم خاصة وان اسعار النفط المرتفعة توفر عائدات بارقام فلكية.
السعودية تقدم من جهتها مساعدات كبيرة للدول العربية فقد اعلنت مؤخراً عن تقديم نصف مليار دولار للمغرب. والمملكة تقدم بالطبع مساعدات للاردن منذ سنوات طوال ولا تمر مناسبة الا ويقدم الاردن فيها الشكر للسعودية لكن الجانب الاردني لم يعلن بشكل رسمي عن حجم الدعم السعودي هذا العام.
ملف المساعدات الخليجية للاردن عموما يكتنفه الغموض وتتداول الاوساط السياسية ارقاما غير مؤكدة وتصنف اموال المساعدات في الموازنة في عدة بنود يصعب تحديدها احيانا الأمر المؤكد في هذا الملف ان حجم المساعدات الخليجية للاردن تراجع في السنتين الاخيرتين خاصة من جهة الكويت والامارات العربية لاعتبارات غير معروفة, وها هي سورية التي ظن البعض انها دولة معزولة في المنطقة ولا تجد غير ايران وحزب الله وحماس الى جانبها تتلقى الهدايا من دول الاعتدال الخليجي وتحديداً من الامارات العربية التي تشترك مع ايران حليفة دمشق في نزاع على الجزر الثلاثة. فما قول الدبلوماسية الاردنية?.
*المقال نشر في صحيفة العرب اليوم الاردنية