نيكولاس بيرنيات: مجتمع مدني فاعل في الأردن تقوده النساء… والعنف القائم على النوع الاجتماعي تحدٍ ملحّ

الرابط المختصر

قال نيكولاس بيرنيات، ممثل UN Women في الأردن، إن المملكة تمتلك مجتمعًا مدنيًا نشطًا وفاعلًا، يضم عددًا كبيرًا من المنظمات، لا سيما تلك التي تقودها نساء في مختلف المحافظات، من البادية إلى الشمال والجنوب. وقال: “أينما ذهبت في الأردن أجد منظمات مجتمعية تقودها نساء يعملن بجد لدعم مجتمعاتهن”، مشيرًا إلى أن التحدي الأساسي يتمثل في استدامة الموارد المالية وضمان استمرار هذا العمل المؤثر.

وحول العنف القائم على النوع الاجتماعي، وصف بيرنيات هذه القضية بأنها من أكثر الملفات إلحاحًا وإزعاجًا، موضحًا أن الأرقام العالمية لم تشهد تراجعًا حقيقيًا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. وأشار إلى أن نحو 30% من النساء عالميًا يتعرضن للعنف خلال حياتهن، وأن امرأة أو فتاة تُقتل كل 10 دقائق على يد شريك أو أحد أفراد الأسرة، وفق دراسات أممية حديثة.

أما في الأردن، فأشار بيرنيات إلى دراسة تعود لعام 2018 تُظهر أن حوالي 29% من النساء بين 18 و55 عامًا تعرضن لشكل من أشكال العنف، لافتًا إلى أن دراسة وطنية مدعومة من الأمم المتحدة قدّرت الكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي بنحو 130 مليون دينار أردني سنويًا، أي ما يعادل قرابة 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفيما يتعلق بمشاركة المرأة الاقتصادية، أكد بيرنيات أن المرأة الأردنية تحقق إنجازات لافتة في التعليم، بما في ذلك التعليم العالي، إلا أن هذه النجاحات لا تنعكس بشكل كافٍ في سوق العمل، ما يشكّل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني وللاقتصاد الأسري على حد سواء. وأشار إلى أن نقص فرص العمل والتحديات الثقافية من أبرز الأسباب التي تعيق مشاركة النساء، رغم وجود دعم مجتمعي متزايد لفكرة عمل المرأة.

كما شدد على أهمية فتح نقاش وطني أوسع حول قيمة العمل، والعمل على تغيير النظرة إلى بعض القطاعات والمهن، مؤكدًا أن مشاركة النساء في سوق العمل يمكن أن تُحدث تحولًا حقيقيًا في الاقتصاد والمجتمع.

وفي سياق متصل، جاء حديث بيرنيات خلال استضافته في راديو البلد، حيث عبّر عن سعادته بحصول فريق UN Women Jordan على الجائزة الوطنية، واصفًا الفوز بأنه لحظة مؤثرة له وللفريق بأكمله. وقال: “هذه الجائزة هي فوز جماعي يعكس أكثر من 30 عامًا من العمل المتواصل”.

وأوضح أن أهمية هذا التكريم تكمن في الاعتراف بالدور الذي يلعبه المجتمع المدني في دفع المجتمع السياسي لمنح المواطنين صوتًا ومقعدًا على طاولة صنع القرار، مشيرًا إلى أن مفهوم التواصل الوطني والتنمية شهد تحولًا جوهريًا خلال السنوات الماضية.

وأضاف أن النهج القديم الذي كان يقوم على فرض الحلول من الخارج لم يعد مجديًا، مؤكدًا أن المجتمعات المحلية والمؤسسات الوطنية تمتلك معرفة أعمق بواقعها، ويجب أن تكون في قلب عمليات التخطيط والتنفيذ وصنع الحلول.

وفي ختام حديثه، استعرض بيرنيات أولويات المرحلة المقبلة، موضحًا أن العمل خلال عام 2026 سيركز على التحديات الاقتصادية، إلى جانب مواصلة الجهود لتعزيز تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في مواقع صنع القرار، والبناء على التقدم المحقق في هذا المجال.