نواب: أشرار يستقوون على السلطة ومسؤولون يرتعون في المال العام
تركزت كلمات معظم النواب- الذين قاربوا الثلاثين- في اليوم الأول لجلسة مناقشة الموازنة العامة للدولة على المطالب الخدمية في ظل الاتفاق الذي تم بمنح كل كتلة وقتاً كافياً لإلقاء كلمتها عن الموازنة،
إضافة ل7 دقائق لكل عضو من الكتل للتحدث عن مناطقهم الانتخابية، في حين حصل كل نائب مستقل على 15 دقيقة.
وكعادة جلسات الثقة والموازنة، فقد استكملت الجلسة المسائية لموازنة 2009 دون اكتمال النصاب القانوني (56 نائباً)، حيث حضر الجلسة ما يقارب الثلاثين نائباً مع تغير الرقم بين الفينة والأخرى لدخول وخروج النواب من القبة.
وعلق رئيس مجلس النواب، عبد الهادي المجالي، على الأمر في ختام مناقشات اليوم الأول بأن 60 نائباً تبقوا للحديث باستثناء المسافرين ومن لا يرغبون في الحديث "نأسف بأنها جلسة موازنة ولا يوجد نواب حاضرين ولا نواب جاهزين للحديث..سيتم المناداة على أسماء النواب المسجلين على التوالي صباح الأربعاء ومن يتغيب سيشطب اسمه"، وطلب المجالي، في سابقة، من وسائل الإعلام نشر أسماء المسجلين.
النائب عبد الله غرايبة علق في بداية كلمته على النظام الرأسمالي "المتطرف" الذي أثبت فشله "انهارت اقتصاديات بلاد عظمى ومعها انهار الادعاء بصحة هذا النظام المتبع لإدارة هذا الاقتصاد، وقد أمضت سلطتنا التنفيذية وقتاً طويلاً تسوق لهذا النظام الاقتصادي حتى إذا انهار أخذنا نعاني من نتائجه".
وعرج غرايبة على المستجدات التي طرأت على المجتمع الأردني من تغييرات فرضتها الظروف السياسية السائدة في المنطقة، ثم تبع ذلك فقر نتج عن ضعف المداخيل وارتفاع الأسعار بجنون "وبين هذا وذاك تزداد مسؤوليات القائمين على الأمن الداخلي وتزداد حيرتهم، ولكن من واجبي أن أشير وبيد مرفوعة- وليس باصبع- على أن الأشرار يستقوون على السلطة وأن ما يجري من إنكار لدورها في حياة الناس من سلوك فاضح يباشر جهاراً ونهاراً والسلطة على استحياء تحاول".
وفي مجال الصحة، تحدث غرايبة عن سؤال نيابي وجه لوزير الصحة حول عطاء العيادات الخارجية في محافظة إربد متمنياً على رئيس الوزراء الإطلاع على السؤال وجواب الوزير "جاء الجواب خال من كل المرفقات ولكن ما في الجواب يكفي للاتهام والذهاب إلى أن كل من اتخذ قراراً يجب أن يحاكم..فواضح أن في الأمر فساد بل وأكثر".
وانتقد غرايبة، في كلمته، سياسات الحكومة فيما يتعلق بالتعامل مع الإعلام قائلاً: "يستوقفني ضياع الحكومات المتعاقبة؛ فهل إعلام حكومي أم إعلام حر؟، وأبشرك معالي الرئيس بأنه أصبح لكل وزارة ناطق إعلامي يستمع للإذاعات في الصباح لمعالجة ما يرد، وأتساءل لماذا لا يعالج ذلك مسبقاً؟".
أما النائب إبراهيم الحسبان، فرأى أن الأردن يستهدف أحياناً من قبل ما أسماهم "بالأقلام السوداء"، مطالباً الحكومة بأن تضرب بيد من حديد على كل من يحاول تفتيت "اللحمة الوطنية".
الضلاعين: كبار المسؤوليين يرتعون في المال ويعيثون فيه فساداً
من جهته، اعتبر النائب علي الضلاعين بأن النفقات الرأسمالية المدرجة في الموازنة هي مجرد نفقات جارية "بحتة" على أرض الواقع، ولكنها توضع تحت هذا البند كي تحظى بالقبول من "لدن" مجلس الأمة ولدى الرأي العام المحلي.
وأضاف الضلاعين بأن تحول النفقات الرأسمالية إلى نفقات جارية على أرض الواقع يصبح جلياً عندما تتخلل النفقات الرأسمالية "رواتب وأجور وضمان اجتماعي بقيمة 34,7 مليون دينار، دعم وحدات حكومية مستقلة بقيمة 223،3 مليون، دراسات وأبحاث بقيمة 31,3 مليون، معدات وأجهزة بقيمة 87,1 مليون، مركبات بقيمة 26,7 مليون، أثاث وتجهيزات بقيمة 10,8 مليون، ولوازم بقيمة 39،8 مليون دينار".
وأما عن عضويات مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة، سواء فيما يتعلق بمؤسسة الضمان الاجتماعي أو العضويات التي تخص حصص وزارة المالية في الشركات المساهمة العامة كشركات الفوسفات والبوتاس، فقد اتهم الضلاعين كبار مسؤولي الحكومة من أمناء ومدراء عامين ووزراء متقاعدين بتقاسمها "بل أصبحت هوايتهم تجميع أكبر عدد من تلك العضويات في سبيل الامتيازات المالية".
وذكر الضلاعين بأنه سيوجه استجواباً للحكومة حول هذا الموضوع حال الانتهاء من مناقشة الموازنة العامة.
وفي ذات السياق، طالب النائب شرف الهياجنة الحكومة بأن تتعامل بشفافية وحيادية في التعيينات وخاصة في المواقع العليا الرسمية "وشبه الرسمية" والجامعات "وأن تنظر إلى أبناء الفلاحين والعسكريين الذين خدموا تراب الوطن ويحملون شهادات عليا، ولكنهم غير محظوظين لأنهم ليسوا بأبناء وزراء ومسؤوليين ومتنفذين".
وتساءل الهياجنة عن مشروع جر مياه الديسي إلى عمان، ومشروع نقل ميناء العقبة، ومشروع خط سكة الحديد بين عمان والزرقاء، ومشروع قناة البحرين.
ورهن النائب ناجح المومني موافقته ونواب عجلون على مشروع قانون الموازنة بمدى استجابة الحكومة لأهم متطلبات واحتياجات دائرته الانتخابية عجلون.
كما انتقد النائب الضلاعين الإنفاق "البذخي" لكثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية أبرزها السيارات الفارهة ذات الموديلات الأحدث "بالدفع الرباعي"، بحسب الضلاعين الذي قال "فهل هذا التبذير يتناسب مع موازنة حكومة فقيرة تعتمد على المنح؟ وفي الوقت الذي تعاني شرائح واسعة من المجتمع شبح الفقر، وهل يتناسب هذا مع أبسط مبادئ العدالة بين أفراد المجتمع عندما يرتع كبار المسؤولين في المال العام ويعيثون فيه فساداً".
نواب يطالبون بتحديد الأسعار:
وطالب العديد من النواب خلال الجلسة الحكومة بالتدخل الفوري لضبط الأسعار وتحديدها بشتى الوسائل التشريعية وغيرها.
فطالب النائب قاسم بني هاني بأن يكون للحكومة حق تحديد الأسعار في كافة القطاعات "لكبح جماح ارتفاع الأسعار الجنوني الذي بات يؤرق السواد الأعظم من المواطنين ويجلدهم بسياط من نار".
وشاركه الرأي النائب مفلح الخزاعلة الذي طالب بإصدار قانون حماية المستهلك بصور عاجلة "وعلى الحكومة تأمين السلع الأساسية للمواطنين وضبط أسعارها وإعفائها من الضرائب والجمارك".
وطالب الضلاعين بتفسير حول مدى الشفافية التي اكتنفت حسابات بيع أراضي الحكومة وعن مدى الشفافية التي اكتنفت الأساليب التي "خصخصت" فيها تلك الأراضي "هذه الأراضي بيعت بقيمة 520 مليون دينار ولم تذهب إلى عوائد التخاصية كما ذكرت الحكومة ومن ثم تم استخدامها في سداد جزء من الديون الخارجية...لم تظهر هذه المبالغ في النشرة الشهرية لوزارة المالية، ما يثير الشكوك بأن الجزء الأكبر من سداد الدين العام الخارجي قد جاء على حساب زيادة الدين العام الداخلي".
وأشار الضلاعين، في نهاية كلمته، إلى أن العديد من الوزارات باتت بلا فائدة للدولة، ما حدا به إلى طرح الاقتراحات التالية حول مصير بعض الوزارات :
1- وزارة تطوير القطاع العام: لتصبح وحدة إدارية في المعهد الوطني للتدريب أو ديوان الخدمة المدنية.
2- وزارة التعليم العالي: تدمج مع وزارة التربية
3- وزارة التنمية السياسية: لا يوجد لها أي أثر، فالأفضل إلغائها.
4- وزارة الاتصال وتكنولوجيا المعلومات: أن تصبح جزءاً من المركز الوطني للمعلومات.
5- وزارة النقل: أن تصبح وحدة إدارية في هيئة تنظيم قطاع النقل.
6- وزارة البيئة: أن تدمج مع وزارة البلديات أو وزارة الزراعة.
7- وزارة الثقافة: أن تتبع للمجلس الأعلى للشباب.
نواب يطالبون الحكومة بالضغط على إسرائيل لفك الحصار عن غزة:
وبعيداً عن الموازنة، دعا العديد من النواب الحكومة للضغط على إسرائيل لفك الحصار عن غزة، وانتقد البعض منهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
النائب محمد الكوز (أبو الرائد) طالب الحكومة الأردنية بالتدخل "وأناشد عباس وحركة حماس بالابتعاد عن الخلافات وتوحيد الصف".
وأيده النائب عواد الزوايدة ليطالب بمبادرة الحكومة باتخاذ إجراءات عملية "تمكنهم من مواجهة جرائم الإبادة الجماعية والجرائم التي ترتكب بحقهم وبصورة مخالفة للقانون الدولي والأعراف والإنسانية".
ولم تغب حقوق المرأة والطفل عن الجلسة، حيث طالب النائب رضا حداد بإيلاء التشريعات المتعلقة بالمرأة والطفل من قانون الأحوال الشخصية وغيرها أهمية كبيرة "إنه ليقلقني ما ألمسه من تعسف على المرأة والطفل وتعد على حقوقهما".
من جانب آخر، استكمل النائب حسني الشياب سلسلة المطالبات باستقالة بعض الوزراء، ولكن هذه المرة جاءت المطالبة برحيل وزيرة الثقافة؛ فيقول "عندما قمت أنا وبعض النواب بالاستفسار من الوزيرة حول التعيينات الأخيرة التي تتعلق بموظفي الفئة الثالثة على الرغم أنهم يحملون الشهادة الجامعية الأولى أجابتني بأن الأمر لا يعنيهم ومازال شاغري موجوداً في جامعة الدول العربية وأن عملي كوزيرة للثقافة ليس إلا مجاملة لدولة الرئيس".
هذا ومن المتوقع أن ينهي مجلس النواب مناقشته للموازنة يوم الخميس ليصار إلى التصويت عليها.











































