نقابة الصحفيين: آخر هموم الصحفي الأردني

نقابة الصحفيين: آخر هموم الصحفي الأردني
الرابط المختصر

عندما تكون البلاد مشغولة تماما بواقع الاعلام، من نقاش قانون المطبوعات الى حق الحصول على المعلومة الى قانون النقابة الى التعيينات في المؤسسات الاعلامية,,,

وعندما يكون العالم يحتفل بيوم الصحافة وحريتها وتمنع عندنا صحف من الطباعة، يغيب الصحفي عن نقابته وتغيب النقابة عن دورها.
خلال الاسابيع الثلاث الاخيرة شهدت نقابة الصحفيين تطورات غريبة تكاد تصل حد "الفضيحة" ان هي لم تصل لها. وقد تمثل التطور الاول في عجز النقابة عن تأمين النصاب القانوني للهيئة العامة لمرتين متتاليتين وبشكل مؤسف.
فعندما دعا مجلس النقابة الهيئة العامة للانعقاد في السابع والعشرين من شهر نيسان الماضي لمناقشة التعديلات على قانون النقابة، وهي تعديلات لم ينقطع النقاش فيها على مدار سنوات، وكذلك مناقشة التقرير المالي. حضر اجتماع الهيئة العمومية ثمانية اعضاء فقط من 420 عضوا مسددين اشتراكاتهم المالية من أصل 700 عضو مسجلين في النقابة. والثمانية الحضور هؤلاء اقل بثلاثة اشخاص من تشكيلة مجلس النقابة، أي ان مجلس النقابة نفسه لم يحضر بكامل عضويته.
امام هذا الحضور البائس تقرر رفع الاجتماع ودعوة الهيئة العامة للاجتماع في الاسبوع اللاحق، كما ينص قانون النقابة. ولكن ما حصل يوم الجمعة الرابع من شهر أيار الحالي لم يكن اقل بؤسا. فقد حضر الاجتماع 23 عضوا فقط ووفقا للقانون ايضا فقد تم الاجتماع بمن حضر.
ووفقا لصحف (5/5) فقد "اقر الاجتماع تفويض الهيئة الإدارية بإجراء التعديلات اللازمة على قانون النقابة الصحفيين رقم (15) لسنة 1998، والمصادقة على التقرير الإداري والمالي والمهني المتعلقة بأعمال المجلس، والتصديق على الحسابات الختامية للسنة المنتهية وإقرار الموازنة الجديدة".
الواقع ان جدول أعمال الهيئة العامة كان مهما بدرجة كبيرة، فتعديل قانون الصحفيين هو مطلب اغلب الجسم الصحفي الاردني، والتعديل كان أثار نقاشات حادة ومتواصلة خصوصا بعد خروج توصيات لجنة الاجندة الوطنية التي أوصت بشطب إلزامية العضوية. ولا شك ان هذه التوصية هي التي دفعت، الى جانب مطالبات الصحفيين، بمجلس النقابة الى بحث التعديلات على القانون، وخاصة تلك المتعلقة منها بتوسيع العضوية.
اما القضايا الاخرى فلم تكن اقل اهمية من مناقشة تعديلات القانون وخاصة التقارير المالية وصندوق النقابة وإسكان الصحفيين.
والحال ان القضية التي ناقشها الاجتماع فيما يخص الصحيفة الاسبوعية التي هددها نقيب الصحفيين طارق المومني خلال الاجتماع بملاحقتها قانونيا لتسديد ما عليها من التزامات مالية تجاه النقابة، وهو امر كان أثار جدلا حادا واعتبره عدد كبير من الصحفيين، وخاصة العاملين منهم في الاسبوعيات، تواطؤا من النقابة مع الحكومة للتضييق على الصحف الاسبوعية، وهي صحف بكل الاحوال لا تحقق عوائد مالية كبيرة ومعظمها مهدد بالإفلاس والإغلاق وترك الصحفيين العاملين فيها عرضة للبطالة، في حين ان صندوق النقابة يكتنز قرابة مليوني دينار لا يستفيد منها الصحفي الأردني شيئا.
يقول هاشم الخالدي في مقال له بصحيفة "الدستور" (19/4) بعنوان "التحرش بالصحف الأسبوعية": "اختارت نقابة الصحفيين ونقيبها الزميل طارق المومني الوقت والزمان والكيفية والطريقة الخاطئة في التعامل مع ملف الصحف الاسبوعية التي تقول النقابة بأنها متخلفة عن دفع مستحقاتها للنقابة التي تفرضها نسبة الـ (1%) من الإعلانات.
نقول.. كان يمكن لنقيب الصحفيين ان يقوم بالاتصال مع ناشري الصحف الاسبوعية من زملائه لإبلاغهم قرار النقابة دون اللجوء للقضاء والإنذارات العدلية التي لن تؤتي أكلها، لأنه يغدو من المحزن ان يقف الصحفي امام زميله الصحفي في قضية مالية ربما لا تتجاوز مئات الدنانير في احسن احوالها، الا اذا افترضنا جدلاً ان هذا الاستفزاز مقصود، وان هذا التحرش مبرمج سيما اذا استطعنا تنشيط الذاكرة الصحفية لما قبل شهرين او اقل من هذا التاريخ.
ففي اللقاء الذي جمعنا بدولة الرئيس الدكتور معروف البخيت في منزله وبحضور الناطق الرسمي ناصر جودة، اكد الرئيس ان التعديلات التي أُجريت على قانون المطبوعات والنشر بما فيها حبس الصحفيين وتغليظ العقوبات المالية في جُل القضايا، تمت بحضور نقيب الصحفيين والناطق الرسمي ناصر جودة، مستغرباً ان ينفي النقيب هذا الامر جملة وتفصيلاً بعد ان ثارت ثائرة الصحفيين ضد القانون معقباً على ما تم بجملة طريفة قالها امام (15) ناشراً لصحف اسبوعية «من المؤسف ان ما يتم الاتفاق عليه في الغرف المغلقة ينفيه النقيب امام عدسات الكاميرات..".
اما باسم سكجها فيؤكد في نفس الصحيفة 11/4 في مقال له بعنوان "النقابة والأسبوعيات": يؤسفنا أن تتوجّه نقابة الصحفيين الأردنيين إلى القضاء لمعالجة مسألة تتعلق بالوسط الصحفي، فالنقابة هي الحاضنة المفترضة للصحفيين والصحف، وحين يتعلّق الأمر بمسألة مالية فعلينا أن نعود إلى القول المأثور: نقابة ثريّة وصحفيون فقراء. وحين يتعلّق الأمر بالأسبوعيات فعلينا أن نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً من أن يكون وراء الأكمة ما وراءها".
وعلى أي حال، فأمام هذه الملفات الكبيرة والمهمة، وفوقها وضع الحريات الاعلامية، التي أكد آخر تقرير صادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين تراجعها، او عدم رضاء 91% من الصحفيين على وضعها، يغيب الصحفيون عن نقابتهم وعن مناقشة القضايا التي تؤثر مباشرة في حياتهم ومهنتهم.
وأمر الغياب البائس هذا عن اجتماعات الهيئة العامة، يحتاج الى تفسير من نقابة الصحفيين أولا، وهي نقابة طالما اتهمت من قبل بعض أعضائها ومن غير المنتمين لها، بأنها غير فاعلة وغير جادة مطلقا في تحسين أوضاع العاملين بالمهنة وخصوصا التحرك الجاد في شأن تحسين وضع الحريات الصحفية ورفع مستوى المهنة من خلال التدريب.
ولطالما اتهمت النقابة بسبب تركيبها حيث يشكل الصحفيون العاملون في المؤسسات الاعلامية الحكومية اكثر من 70% من عضويتها بأنها عاجزة عن الدفاع عن حقوق الصحفيين، بل ان البعض يذهب الى حد اتهامها بالتواطؤ مع الحكومات ضد الصحافة.
هل يعقل ان يناقش 23 عضوا ملفات بهذه الأهمية؟. هذا السؤال كان من المفترض ايضا ان يجيب عليه الجسم الصحفي. ان النص القانوني الوارد في قانون النقابة كما في قوانين النقابات الاخرى بعقد اجتماعات الهيئة العامة بمن حضر كان يحتاج هو الآخر الى نقاش واقتراح بالتعديل. فلا يمكن ان يقرر دستة من الاعضاء مصير مهنة خطيرة توصف بالسلطة الرابعة، واذا كانت النقابة عاجزة عن حشد 211 عضوا هم النصاب القانوني للاجتماع حاليا. فكيف يمكن لها ان تحشد غدا مئات الصحفيين في حال أقر قانون جديد للنقابة وتمت توسعة العضوية فعلا.
على ان قضية عقد اجتماع الهيئة العامة للنقابة لم تكن القضية الوحيدة التي أثارت التساؤلات حول النقابة وجدواها ومدى تأثيرها ودورها ككل، فقضية منع طباعة العدد الأخير من صحيفة "المجد" الأسبوعية وثم تأييد نقيب الصحفيين طارق المومني لوجهة نظر الحكومة كما عبر عنها الناطق الرسمي ناصر جودة، كانت هي الاخرى قضية ساخنة النقاش مفتوحة على تداعيات قد يكون من أهمها استقالة عدد من أعضاء مجلس النقابة وتحديدا الصحفي ماجد توبة الذي اصدر بيانا استنكر فيه موقف النقيب إذ طالب توبة في بيانه النقيب وأعضاء مجلس النقابة بتصحيح هذا الموقف، الذي اعتبره مسيئا للنقابة وللصحافة الأردنية، داعيا أعضاء الهيئة العامة وكل الصحافيين للتعبير عن "رفضهم لأي تبرير للرقابة المسبقة على الصحف، او توجيه التهم والتشهير بالزملاء والصحف، من أية جهة كانت – باستثناء القضاء – الذي نرضاه حكما بين الجميع حسب دستورنا". وقد انضم الى توبة عدد آخر من أعضاء لمجلس الذين هددوا او هم يفكرون فعلا في تقديم استقالاتهم من المجلس.
تحتاج نقابة الصحفيين الى اكثر من تعديل قانونها، فالاقتراحات المقدمة من قبل المجلس لتعديل القانون وبخاصة فيما يتعلق بتوسيع عضويتها، سيكون من شأنها زيادة الكم فقط، لا تفعيل دور النقابة.
ان تفويض مجلس النقابة تقديم اقتراحات على القانون يثير الشكوك ايضا، فالمجلس او بعض أعضائه متهمون بالرضوخ لضغوطات الحكومة كما تبين في قضية "المجد" فهل سيتمكن هذا المجلس من تقديم اقتراحات من شأنها تصحيح وضع النقابة ام أنها لن تكون سوى تعديلات لا تمس جوهر القانون؟

أضف تعليقك