نعم لرفع جميع التحفظات عن «سيداو»

الرابط المختصر

يأخذنا الضجيج حول المادة 15 من اتفاقية "سيداو" إلى ما هو أبعد من "إشكالية النص" ، إلى الحاجة لتطوير خطاب إسلامي مدني ديمقراطي ، يستلهم روح العصر ومعطياته وحقائقه ، ويأخذ بنظر الاعتبار ، أن النساء في أزمنتنا الحاضرة ، لم يعدن ، ولن تكون إعادتهن إلى "قفص الحريم" أمرا ممكنا ، ويقودنا الجدل الوطني بشأن هذه المادة ، وحماس الحكومة لرفع التحفظ عنها ، إلى المطالبة برفع التحفظات عن بقية المواد ، وخصوصا تلك المتعلقة بحق الأردنيات في منح جنسيتهن لأبنائهن من غير الأردنيين.

على الذين حملوا على رفع الحكومة تحفظاتها على هذه المادة ، أن يتأملوا جيدا حقائق العصر ومخرجات التعليم والبيئة الاقتصادية - الاجتماعية المتغيرة باستمرار ، وأن يسألوا أنفسهم أسئلة من نوع: بأي منطق يعطون أنفسهم حق اختيار سكناهم وإقامتهم ، ويحظرون على النساء حقا مماثلا؟...ما الذي يسوغ تمكين الرجل من هذه الصلاحية ، حتى وإن كان أحمقا ، وحجبه عن المرأة حتى وإن بلغت من العلم والنضج "عتيّا"؟...ألم تأتهم أنباء ألوف الأسر التي تقف المرأة على رأسها ، معيلا وموجها و"أبا وأما"؟.

نحن في أزمنة فاق فيها عدد الطالبات على عدد الطلاب ، وزاد فيها عدد المتفوقات على المتفوقين ، ورجحت كفة الناخبات على كفة الناخبين ، فيما جامعاتنا تضخ سنويا بمئات وألوف الطبيبات والمهندسات والمحاميات ، فإذا كان المرأة مؤتمنة على أرواحنا وحياتنا وصحتنا وسلامة بيوتنا وشوارعنا وأنفاقنا وجسورنا ، إذا كانت المرأة مسؤولة عن حماية الوطن وتنظيم السير وإعادة الحق إلى أصحابه ، والحكم بين الناس بالعدل ، والترافع أمام أرفع المحاكم ، فهل من المنطقي أن نحجب عنها حقها في اختيار عنوان سكنها ومحل إقامتها...هل ننكر عليها حق السفر والتنقل ، هل نعود بها "قفص الحريم" وزمن "الحرملك" وكل ما في القاموس الذكوري من تعبيرات لا معنى لها سوى الحط من قدر المرأة ومكانتها؟،.

لدينا سيدات في مجلس الوزراء والأعيان والنواب ، لدينا نساء بلغن مرتبة "الباشوات" في القوات المسلحة ، لدينا نساء يجلسن على مقاعد القضاء العالي ، هل نُجلس كل هؤلاء النسوة في "الخيمة الخلفية" ونخاطبهن من وراء حجب وستر ، هل سنطلب من الوزيرة على سبيل المثال ، إذنا خطيا من زوجها لتمثيل الأردن في اجتماع وزاري عربي أو دولي ، هل تحتاج عضوة مجلس النواب من المحافظات إلى توقيع زوجها لإتمام النصاب القانوني للجلسة المنعقدة في عمان ، ما الذي يفكر فيه السادة الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على هذا البند من اتفاقية سيداو؟.

نعم ، نقف بقوة إلى جانب رفع التحفظات الأردنية على الفقرة 4 من المادة 15 ، ونطالب برفع بقية التحفظات على هذه الاتفاقية التي وقعها الأردن في العام 1980 ولم يصادق عليها إلا في العام 1992 ، ومنها الفقرة 2 من المادة 9 المتعلقة بتجنيس أبناء الأردنيات ، والتي لا نفهم أبدا هذا الحذر الحكومي من المصادقة عليها وتفعيلها ، والفقرة 1 ـ (ج) و (د) و (ز) من المادة 16 ، المتعلقة بالزواج والعائلة ، ولا أحسب أن الأشقاء في المغرب قد خرجوا على تعاليم الدين الحنيف ، أو أداروا ظهورهم للشريعة عندما رفعوا تحفظاتهم السابقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، المعروفة اختصارا بـ"سيداو" ، فهل نفعل شيئا مماثلا ، هل نمضي قدما في إعمال المبدأ الدستوري: "الأردنيون أمام القانون سواء ، لا تمييز بينهم..".