نجم جرش..هل بدأ بالأفول!

الرابط المختصر

في البدء تأجيل لأمسية الافتتاح، ومن ثم تعذر قدوم الضيف، والخلافات بين الشعراء لأجل السياسة، وفعاليات لم تجد الحضور، هذه أحوال فعاليات مهرجان جرش عام2005، في حين أمسيات الفرق الفنية الأردنية والعربية والأجنبية أحسن حالا لكن بنسبة حددها القيمون ب"فوق الصفر بقليل".عام صفحات وصفحات، لكن هذا العام بالكاد صفحة؛ تفتقر إلى المقابلات مع المشاركين في المهرجان أو تكاد تكون أشبه بفعاليات ترسل أخبارها من خارج البلد.



فمن حيث الأمسيات الشعرية عود جرش جمهوره في كل عام باستضافة شاعر عربي كبير كمقدمة قوية لأمسيات الشعراء، وهذا العام كان من المقرر أن يأتي الشاعر الشعبي المصري أحمد فؤاد نجم، لكن قبل يومين من أمسيته -وهي الافتتاح والرئيسة- نشرت الصحافة خبرا يقول أن الشاعر المصري "تعذر قدومه الآن وسيأتي بعد يومين"، لكن هذا الاعتذار توالى وهو الأمر الذي دعا بعض المثقفين الأردنيين إلى اتخاذ الموقف كون أمسية الافتتاح أشبه بالمقدسة، وتؤجل هذا العام ما انعكس سلبا على جدول الفعاليات.



وعن أسباب اعتذار الشاعر المصري، قال أحد الصحفيين -رفض ذكر اسمه- المتابعين لفعاليات المهرجان أن السبب جاء "لاشتراطه على الإدارة أن تأتي أسرته بالكامل على نفقة المهرجان"، وهو ما رفضته الإدارة، إلا أن الصحافة نشرت أخبارا تتحدث عن مرضه، لكن في ذات يوم نشر الخبر، طلع علينا الشاعر النجم عبر الفضائيات الإخبارية وهو في مسيرة مع حركة كفاية المطالبة بتنحية الرئيس المصري حسني مبارك يتحدث بحماسة ولا يدل مظهره على أي مرض.



بعد تأجيل وإلغاء أمسية الافتتاح بدأت الأمسيات تتوالى، وكما يُقال "إذا البداية هكذا ماذا بعد!" فقد كانت الأمسية الأولى باهتة رتيبة سادها الصمت والهدوء ما قبل العاصفة؛ فالحضور كما كل الأمسيات "لا حضور"، والمقاعد خالية تنتظر من يجلس عليها، والأمسية الأولى والتي كان مشاركا فيها شعراء من فرنسا والمغرب والأردن كانت كما وصفها الكثيرون "أمسية خجولة" وقد بدأت متأخرة عن موعدها الأصلي بنصف ساعة، -أعتاد عليها من يتابع أي أمسية شعرية- حيث بدأت بقراءات باهتة لا تتناسب وأول أمسية شعرية ضمن جرش، وكل ذلك يقابله لا تقديم جيد ولا اهتمام جيد.



وقامت إدارة المهرجان هذا العام بتوزيع الأمسيات على مناطق المملكة لأجل الوصول إلى أكبر شريحة من المواطنين المهتمين بالشعر، لكن كما العادة درجت تمر دون اهتمام لا من المواطن ولا حتى من الشعراء أنفسهم.



حدث آخر أيضا جاء عند بداية المهرجان إلا أن الصحافة الأردنية قد تجاوزت الحدث وغضت الطرف عنه إلا أن وكالة الأنباء القدس برس قد تناقلته.. وهو أن رسالة مفتوحة وجهها عدد من الشعراء والكتاب والصحفيين الأردنيين، إلى مدير عام المهرجان جريس سماوي، أن ”هناك مجازفة بسمعة المهرجان والتي اكتسبها عبر خمسة وعشرين عاما، هي عمر المهرجان، وذلك عبر استضافة شاعر عراقي "انزلق في حضن الاحتلال الأمريكي للعراق وصار بوقا من أبواق التهجم على ثوابت الأمة ومرتكزاتها القومية"، بحسب ما نقلته وكالة "قدس برس" الإخبارية.



عدد الموقعين على الرسالة كان 19 شاعرا ومثقفا، قاطعوا الفعاليات الشعرية للمهرجان. هذا الشاعر العراقي الذي يدعى علي أشلاة، أثار أيضا ضجة في إحدى الأمسيات الشعرية، وذلك عبر مشادة كلامية بينه وبين الشاعر الأردني خالد محادين الذي بدأ قراءة قصيدة تمتدح شخص صدام حسين، ليقف الشاعر العراقي صارخاً ومغادرا القاعة "هؤلاء شعراء صدام حسين" ليرد عليه محادين "هاهم شعراء الولايات المتحدة يغادرون القاعة". هذه الأحداث وأكثر لم نقرأها في الصحافة سوى باقتضاب شديد لا يشي عن تأزم الأحداث.



أما فيما يخص فعاليات الفرق الفنية فكانت كما العام الماضي قليلة الجمهور باستثناء بعض الفعاليات التي تعاد في عمان بعد إقامتها على المسرح الشمالي، مثل أمسية اللبنانية ريما خشيش والفنان الأردني أيمن تيسير والعراقية سحر طه والفرقة الباكستانية جنون "قد يعود ذلك إلى محدودية المقاعد إذا ما قورنت مع المدرجات الواسعة وبالتالي تُمتلئ القاعة بالحضور"، إلا أن سؤال الدعاية عن هذه الفعاليات لا زال قائماً.



وعن حفلات المطربين على المسرح الجنوبي فكانت مفاجأة لمطرب وصدمة لآخر، فكان الحضور المتوقع للمطرب التونسي صابر الرباعي صدمة للجميع وللمطرب نفسه الذي صُدم من قلة الحضور وفراغ المدرج بشكل واضح، كذلك حفلة اللبنانية نوال الزغبي –رغم توقع قلة الحضور- كذلك كانت عادية، أما حفلتي كل من الأردني عمر العبداللات واللبناني فضل شاكر والتي فاق عدد الحضور فيها أضعاف المتوقع، فكانت مفاجأة لم يحسب حسابها أحد، بينما حفلة المصري هاني شاكر فكانت متوازنة رغم ما تردد عن تأجيلها بسبب وفاة ملك السعودية، وكذلك كونه كان حاضرا في جرش العام الماضي بحفلتين.



التسويق والدعاية لأي مهرجان مؤشر على نجاح أكثر الفعاليات، وهو ما يلفت إليه عيسى الجراجرة مستشار وزير الثقافة والإعلام السابق، ويقول "لم يكن هناك أي دعاية للمهرجان هذا العام لا في التلفزيون ولا في الصحف".



أما بالنسبة لرئيس قسم الموسيقى العربية في المعهد الوطني للموسيقى صخر حتر فالأمر مختلف، إذ يؤكد أن "المهرجان كان كالعادة فيه فعاليات ثقافية مهمة وجيدة ومتوفرة لكل الناس، والعروض الغنائية لنجوم الغناء كانت ناجحة وذلك بسبب التسويق المسبق من خلال الفضائيات والإذاعات ووسائل الاتصال".



وعن خلو بعض الفعاليات من الحضور، يعلق حتر "أنا لا أرى أن الفعاليات كانت خالية من الجمهور، كان هناك فعاليات جيدة جدا ومنتشرة سواء في عمان أو المحافظات الأخرى، لقد تابعت مجمل برنامج مهرجان جرش وكان شاملا لكل الفنون وكل الفئات العمرية ومسرح الأطفال، وفرق الساحة الرئيسية كانت منوعة وشاملة لثقافات مختلفة" وهو ما وافقه عليه الجراجرة.



ويعقب الجراجرة.."مهرجان جرش له الأقدمية والسنة القادمة سيحتفل بالعام الخامس والعشرين بيوبيله الفضي، والمفروض أن تكون فترته ليس فيها مهرجانات أخرى، لكن مستوى المواد التي قدمت مستوى جيد"، لافتا إلى أن "معارض الكتب والمعارض الفنية ومعارض الصناعات الوطنية المحلية الشعبية، قد ألُغيت وهذا خطأ كبير".



المنافسة والسماح للمهرجانات الأخرى العمل بنفس التوقيت، أثر على فعاليات بعضها البعض، لكن هل أثر سلباً، يقول عيسى الجراجرة "كان لها الأثر السلبي على عمل المهرجان، فمثلا جاءت فرقة الناصرة من فلسطين، وكانت فرقة ذات مستوى رائع ومع ذلك جمهورها كان محدودا بسبب المنافسة، بالإضافة إلى مهرجان القرية العالمية التي كانت تقدم فعاليات بغير ذات أهمية". مقترحاً على مدير المهرجان جريس سماوي بأن "يطلب من وزير الثقافة أن تتم في العام القادم برمجة مواقيت المهرجانات الأخرى بحيث لا يكون بينها تضارب".



رغم كل ذلك، لم يتابع رئيس اتحاد الكتاب الأردنيين محمد العبادي، فعاليات المهرجان قائلاً "لم أتابع الفعاليات الثقافية، ولم أدع إلى المهرجان. مهرجان جرش كان مقاطعا للمثقفين الأردنيين، حتى بطاقة دعوة لافتتاح المهرجان لم تصل إلى اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، والذي يمثل 300 كاتب وأديب وشاعر أردني".



الروائي جمال ناجي لم يتابع فعاليات جرش، يقول " لم أتابع الفعاليات الفنية لكن حاولت أن أرصد الفعاليات الثقافية" واجداً بهذه الفعاليات أنها "في تراجع في الحيز المتاح للثقافة والمثقفين على مستوى الشعر أو الحلقات النقدية، وهذا التراجع قد يكون مبررا وأنا لا ألوم الإدارة في تراجع مساحة الثقافة في المهرجان، لأنه في نهاية المطاف إذا لم يكن هناك حضور لهذه الفعاليات فلماذا تقام، فإذا كانت تقام من اجل استضافة عدد من الشعراء والكتاب من أنحاء الوطن العربي ومن الأردن دون ان يكون هناك جمهور كافي، فأنا مع إلغاءها ولا لزوم لإقامتها. وهذا مؤشر على مستوى المتابعة التي يتحلى بها الجمهور الأردني حيال النقد او القصة أو أي نشاط ثقافي ولا نفاجأ بأنه إذا حضرت مطربة أو مغنية من المطربين الشباب يكون الحضور بالآلاف أما الندوة الشعرية أو الأمسية فيحضرها عشرة أو أقل. فلا داعي إذا لوجود هذه المساحة الثقافية".



هل للنقد البناء مكانة بين كل هذه الفعاليات، يرى أديب أن من ينقد فعاليات جرش أو غيره من المهرجانات يعتبر ناقد على شخص هذا أو ذاك، لذلك يجنح أكثر النقاد والصحفيون إلى تلافي نقد هذه الفعاليات حرصا على "الصداقات" وكون النقد عندهم دوما يعتبر "موجها لأشخاص بعينهم"، وحمل الفعاليات الثقافية يراها جمال ناجي أنها "على هامش المهرجان وكأنها ديكور مكمل لمنح المهرجان الصفة الثقافية".



ولا يدين ناجي إدارة المهرجان فقط بل "أدين أيضاً النخب الأردنية التي لا تشارك، وأن إدارة جرش مطلوب منها أن تقدم هذه الثقافة بطريقة معاصرة".



إلا أن ما يحسب للمهرجان هو نجاح فعالياته الموسيقية والمتمثلة بيوم العود العالمي وأمسيات تكريم آلة الكمان، إذا استطاع المهرجان أن يجعل من يوم العود العالمي والذي كان عادة متبعة منذ سنتين إلى يوم عالمي تحتفي به كل الدول.

أضف تعليقك