ناصر ثابت.. شاعر الغربة والحب والرقمية

ناصر ثابت.. شاعر الغربة والحب والرقمية
الرابط المختصر

بدأ من هناك من فلسطين، درس في جامعة بير زيت وغادر للعمل في الولايات المتحدة، وانطلق بشعره من اغترابه، عرف على الشبكة الإلكترونية شاعراً متمكناً من قصيده، فنال شعبية واسعة.

الشاعر ناصر ثابت، قد لا يكون اسماً معروفاً للجميع، إلا أنه يبني من خلال شعره الرائع دهشة لا تنتهي مع كل مقطع شعري، كتب عن ألم الوطن، وإصرار الأرض،  كتب عن فلسطين وعن حلاوة الشهادة من أجلها، كتب عن الحب والأبوة والاغتراب والحنين الى الوطن، وصف العروبة المذبوحة على المقصلة، وعن الزمن الأعوج المترقم في شكل كمبيوتر.

ناصر ثابت الفلسطيني المقيم في ولاية كاليفورنيا والذي يعمل في مجال الكمبيوتر، صاحب ديوان (لن أعترف) كان لـراديو عمّان نت هذا اللقاء معه.......

من هو ناصر ثابت؟

أنا شاعر بسيط أقرأ أكثر مما أكتب.

في قراءتي لبعض قصائدك، لاحظت فيها حزناً وغضباً وهمّ وطن، وتقول :

      يا فلسطين أعذريني

      إن بي داء العروبة..

كيف هو شكل فلسطين في قلب ناصر ثابت؟ وكيف هي صورتها في شعره؟

فلسطين وطني، ففي أميركا عندما يسألون أقول اني من فلسطين، بعض العرب هناك يخجلون من قول فلسطين ويعتبرونها غير موجودة، بالنسبة لي أنا أنتسب دائما الى فلسطين وهو ليس هربا من الانتماء للعروبة بل العكس فالعمق القومي للإنسان مهم تماما كالعمق الديني.

وحينما قلت هذا البيت كنت أقصد وضع الأمة العربية الذي يتمثل في قضية فلسطين، فقضية فلسطين تتأثر بالوضع العربي المستمر بالانحدار.

الغربة أخذت الكثير من عباراتك الشعرية، فأنت القائل :

     قلق في غربتي وهناك..

     يعيش القهر في وطني..

وأنت المقيم في الولايات المتحدة، ماذا فعل الاغتراب فيك؟ وهل شكل جزءا أساسيا في أشعارك الأخيرة؟

وجودي في الغربة يجعلني أحن الى وطني مع أن كل شيء سهل في فلسطين ففي أميركا كل شيء سهل وكل شيء متوفر، لكني اعتدت أن أحمل فلسطين في قلبي، ودائما أقرأ عنها الأشعار وأقرأ عنها بكثرة، فالغربة تحرك عاطفة الحنين لتتغلغل في شعره

هل شعرك الأفضل كان في غربتك؟

هي عملية تطور طبيعي، الغربة أدخلت بعض العواطف إلى قصائدي كان من الممكن أن لا تكون موجودة لو كنت في فلسطين، لكن الغربة كان لها دور فصرت أقرأ أكثر لأن العلاقات الاجتماعية قليلة أو معدومة، قراءاتي زادت واطلعت على الشعر الأمريكي ولهذا تطور شعري منذ اغترابي.

هل هناك منتدى أو مؤسسة تضم الشعرء في المهجر اليوم؟ وكيف هي علاقاتك مع شعراء المهجر؟

للأسف ليس هناك أي تجمع أدبي مهجري مثل الذي كانت في الماضي والذي أفرز لنا الكثير من الشعراء مثل إيليا أبي ماضي وجبران خليل جبران وغيرهم، نحن بحاجة لمثل هذا التجمع لنقيم الأمسيات ومعارض الكتب والفعاليات الثقافية، لكنها غير موجودة.

حاولنا أنا ومجموعة من الشعراء أن نقيم تجمعاً، وهو (تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين) وهو للأدباء الفلسطينيين أينما تواجدوا ولدينا أعضاء في أستراليا وأوروبا وأمريكا وفي مختلف الدول العربية، جمعنا عدد لا بأس به فلدينا أكثر من 100 عضو الآن، وهو برئاسة الكاتب رشاد أبو شاور وكنت من المؤسسين لهذا الاتحاد، وأهدافه هو أن نسبغها بصبغة إنسانية أكثر منها سياسية، فالتجمعات الفلسطينية دائما تكون بأهداف سياسية وقد لا يكون هذا سيئاً، لكن وجود تجمّع هدفه الثقافة فقط يشجعها ويجعلها رابطاً بين هؤلاء الأدباء في شتاتهم.

لم يعد للشعر دور في حياتنا ولم يعد يصنع الثورات كما في الماضي، فكيف ترى شعرك في هذه المرحلة من حياتنا؟

المشكلة أعمّ من الشعر، فالوضع الثقافي العربي في تردي مستمر والعرب أمة لم تعد تقرأ ولا تحضر الندوات الشعرية، والجمهور يحضر أمسيات الشعراء على الإسم فقط مع احترامي لكل هؤلاء الشعراء جميعاً إلا أن الجمهور يبحث عن الاسم فقط أكثر مما يذهبون إليهم لسماعهم، لكن ما أريد قوله أن وضع الثقافة في تردي مستمر إذا لم نفعل شيئا حياله، وهذا التردي انعكس على الشعر نفسه بحيث ظهر التردي الثقافي في الشعر أكثر.

أنت تكتب الشعر الموزون وشعر النثر إن صح التعبير، فمرة هنا ومرة هناك، لما لا تقتصر على نمط واحد؟

أجد التنوع حرية زائدة للشاعر، أحب أن ألتزم بالإيقاعات العربية الموزون وأكتب الشعر الحر أيضاً، وأحيانا أكتب ما أسميه النص النثري وهو كخاطرة طويلة قليلاً وهي أطول من الخاطرة بقليل، ولست أرى في التنوع مشكلة بل أراها نعمة أعطيت للشاعر، فتطور الشعر المستمر توسع لفضاء الشاعر الكتابية.

في الموقع الإلكتروني الخاص بك www.nasserthabet.com قرأت بعضاً من المقالات والتي قلت في أحدها إنك اضطررت لدراسة الكمبيوتر، وأصبح ذلك على حساب الشعر واللغة العربية التي تعشقها؟ يقودني ذلك للسؤال عن الانترنت في حياة الشاعر، وفي حياتك أنت؟

يفترض أن يحسن الانترنت حياة الناس كالأمور الإجرائية من التأمين والبنوك وغيره، لكن فيما يخص الشعر والثقافة خلقت الإنترنت مجالاً للتواصل بين الشعراء والمثقفين والأدباء، واستطعنا أن نقرأ لشعراء لم نسمع بهم من قبل، فمثلاً لولا الإنترنت لما تعرفت على الشاعر المغترب عبد الوهاب القطب على سبيل المثال وغيره من الشعراء أيضاً، ففي الإنترنت أجد له قصيدة هنا أو هنا، ولو كان نشر في إحدى الصحف ربما لم يتح لي أن أقرا له.

كما أن للانترنت القدرة على خلق بعض المواقع الموسوعية ومنها الأدبية والشعرية، ففي موقع  www.adab.com مثلاً أستطيع أن أقرأ للمعري وابن الرومي ولمحمود درويش وغيره فاستطعت أن اختصر على نفسي الكثير من خلال المواقع الأدبية.

السلبي في عالم الانترنت أنها فتحت المجال أمام بعض الدخلاء على الأدب واستطاعوا أن يجدوا لهم متنفساً فخربوا في الأدب، فهم يكتبون بلغة مكسرة وهم بالطبع لا يجدون موجهاً لهم، وعلى الرغم من ركاكة شعرهم أو كتابتهم يجدون أناس ليمدحوهم في المنتديات الأدبية يجعلونهم شعراء زمانهم.

وماذا عن السرقات الأدبية التي أخذت تنتشر؟

بالنسبة لي شعري موثق في موقعي ولا يستطيع أحد أن يسرقه منه، السرقات موجودة لكنها قليلة وليست منتشرة، ولا نستطيع أن نقول على أساسها أننا سنتوقف عن النشر من خلال الإنترنت.

في قصيدة (آه يا زمن النت) كثير من الوجع والحزن على حياتنا التي أخذت بالتحول الى الرقمية الجافة، لكنك قلت أن أنك وجدت مساحة تعبير وحرية أكبر في عالم النت.

كتبت هذه القصيدة بعد أن شعرت بالكثير من الدخلاء على الإنترنت، وكان السبب في كتابتها غيرتي على اللغة العربية، فليس لدي كبسة زر أوقف بها الإنترنت. كل ما في الأمر أنني رأيت أناس يسمون أنفسهم كتاب وينتسبون الى تجمعات ونواد أدبية لكنهم في الحقيقة حينما يكتبون يكسرون اللغة ويرتكبون جرماً بحقها.

حينما كتبت القصيدة كنت أقرأ لأحد الأشخاص الذي يسمي نفسه أديبا وهو كاتب معروف ويكتب كل يوم إلا أن اللغة عنده مكسرة، فلولا النت لما قرأنا هذا التكسير الخطير للغة وبهذه الكثرة.

لكن نعم، الإنترنت أعطتنا مساحة رائعة من الحرية فالكثير من القصائد لو أرسلت الى الصحف فسوف تتعرض لمقص الرقيب وربما لن تنشر أصلاً، وفي الانترنت أستطيع أن أكتبها ويقرأها الجميع، فاليوم هناك اتجاه عالمي، فليس هناك قدرة على طمس الحقيقة ولم يعد هناك القدرة على قصقصة أجنحة الكلمات وحبس المفردات وتستطيع الكلمة اليوم أن تقطع الحدود بثواني، ليس كما الماضي حيث كانت الكلمة توقف على الحدود.

إلا الحرية يجب أن تكون بحدود وليس أن يقول أي شخص أنا حر في أن أكتب ما اريد حتى أ اخترع لغة جديدة وغيره وهذه أيضاً سيئة من مساوئ الانترنت.

تعنى بالنشر على الإنترنت في المنتديات وفي المجلات والمواقع الأدبية العربية الإلكترونية، ألا تخاف أن ذلك قد يؤخر ظهورك الأدبي على المستوى العربي أم العكس؟ ولماذا انفردت بشعرك أكثر على الإنترنت فقط؟

بالعكس أنا كتبت في الكثير من الصحف الفلسطينية والعربية، ولكني ركزت على الصحافة المهجرية، نشرت في صحف القدس والحياة الفلسطينية والقدس العربي والأيام الوطن وشرق غرب وغيرها.

أمام هذا الكم الكبير والتكاثر المستمر للشعراء العرب، أين هو موقع ناصر ثابت بينهم اليوم؟

دائما أضع يدي على قلبي عندما أتحدث عن وضعي في الشعر، كل ما استطيع أن أقوله إنني سأقرأ وأقرأ وسأستمر في القراءة، وأنا لا زلت في البداية وأريد أن أقرأ حتى أنشل نفسي من البقاء في البداية، أنا لي أحلام وإذا حصلت على توفيق الله فسوف أتابع مسيرتي في الكتابة وفي الاطلاع ما شاء الله لي، لا جوز أي شخص أن يقول انه وصل ويقف، فهناك الكثير لعمله ويجب أن يخلق لنفسه صوته الخاص وأن يضع نفسه على الخارطة العربية والعالمية يوما ما.

يوجد الكثير من التحديات أمامي فأنا لست متفرغا وأتمنى أن أتفرغ في يوم من الأيام كي أكتب أفضل مما أكتبه الآن، وسأعمل لنفسي نوعاً من التحدي كي أستطيع أن أصل، وما زلت أحلم وسأظل أحلم.