"ناتو الشرق الأوسط" يطرح سؤالاً من العدو من الحليف.. ايران أم اسرائيل؟

الرابط المختصر

 

أثارت تصريحات الملك عبد الله الثاني حول تأييده إنشاء حلف "ناتو" شرق أوسطي، تساؤلات عن طبيعة هذا الحلف، والأطراف المشاركة فيه، وهل تشمل إسرائيل؟ وما هي أهدافه؟ وهل المقصود به مواجهة "التهديد الإيراني" في المنطقة العربية؟ وهل من مصلحة الأردن المشاركة فيه؟

 

وقال الملك في مقابلة أجرتها معه قناة "سي إن بي سي" الأمريكية، وبثت مقتطفات منها على موقعها الإلكتروني الجمعة، إنه يدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط، على غرار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مضيفا: "سأكون من أوائل الأشخاص الذين يؤيدون إنشاء هذا الحلف".

 

وأضاف أن الرؤية وبيان المهمة الخاصة بمثل هذا التحالف العسكري يجب أن "تكون واضحة جداً، ويجب أن يكون دوره محدداً بشكلٍ جيد، وإلا فإنه يربك الجميع".

 

وكانت وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية قالت إن الولايات المتحدة ستعمل مع إسرائيل ودول عربية لدمج الدفاعات الجوية لإحباط التهديدات من إيران، بموجب قانون مقترح من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

 

ويمهل مشروع القانون وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون 180 يومًا لتقديم إستراتيجية لنظام دفاع جوي صاروخي متكامل لإسرائيل و9 دول عربية.

 

وبحسب وسائل الإعلام أعلاه، تضم الدول العربية دول مجلس التعاون الخليجي الست، إضافة إلى الأردن ومصر والعراق. 

 

أما الهدف - حسب وسائل  إعلام أميركية وإسرائيلية-  "حماية هذه الدول من التهديدات الإيرانية"، "فالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة الإيرانية تثير قلق دول المنطقة، ولا سيما تلك التي تعرّضت لهجمات".

ويجادل مشرّعون أميركيون بالقول إن إيران تهدد أمن وسلامة إسرائيل وحلفائها في الشرق الأوسط، الذين يعملون معًا لتحقيق السلام في المنطقة.

 

وكان الجنرال الأميركي كينيث ماكنزي قد حثّ إسرائيل علنًا في مارس/ آذار الماضي على دمج أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي مع شركائها الإقليميين.ويُعد مشروع القانون هذا أبرز تشريع يتوّج اتفاقيات التعاون بين إسرائيل ودول عربية؛ أوّلها البحرين التي استضافت ضابط ارتباط إسرائيلي في سابقة هي الأولى من نوعها بين دول المنطقة.أما الأخرى، فهي دولة الإمارات التي زارها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مؤخرا.

 

وكشفت قناة "12" الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي نشر في هاتين الدولتين منظومة رادار لمواجهة التهديدات الصاروخية الإيرانية.

 

"ما الدور الإسرائيلي"

إلى ذلك، تظهر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن تل أبيب ستلعب دورًا متقدمًا في هذا التحالف. فقد أعلن وزير الدفاع بيني غانتس قبل أيام بناء إسرائيل تحالفًا دفاعيًا جويًا إقليميًا برعاية الولايات المتحدة. وكشفت وسائل إعلام أميركية عن نشر إسرائيل منظومات رادار في الإمارات والبحرين.

ويتساءل الكاتب الصحفي داود كتاب في حديث لـ "عمان نت "عن الدور الاسرائيلي فاذا كان هدف التحالف طمأنت السعودية ودول الخليج لحمايتها من أي خطر خارجي فإن الكلام يدور على اكبر مصدرين محتملين للخطر وهم ايران واسرائيل فهل من المنطق ادخال اسرائيل في تحالف عسكري مع الدول العربية وهي لا تزال محتلة أراضي فلسطينية وتعبث في الشعب الفلسطيني؟؟؟".

 

يتابع "الأمر الآخر هو أن فكرة التحالف جاءت كحل وسط بين رفض السعودية للتطبيع الرسمي مع إسرائيل ورغبتها في دفاع الامريكان عنها فهل من المنطق ادخال اسرائيل لهذا التحالف مما يعني بالتأكيد أكبر نوع من أنواع التطبيع؟؟".

سيناريو تشكيل حلف الناتو العربي المرتقب

الكاتب د.خليل عليان أستاذ العلاقات الدولية كتب متسائلا : "ما موقع إسرائيل في الحلف الجديد حيث صرح رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي اثناء زيارته لأبوظبي في الامارات ان اسرائيل تعمل على تشكيل حلف بالتعاون مع الدول العربية لمواجهة إيران؛ حيث نشر الكيان الاسرائيلي محطات رادار اسرائيلية يديرها ضباط إسرائيليون في كل من البحرين والإمارات؛ وتشير التقارير المسربة الى الاعلام ان الاعلان عن تشكيل هذا التحالف سيتم أثناء زيارة الرئيس الامريكي بايدن الى المنطقة العربية".

 

يقول "هل سيكون تحالف الناتو الجديد في صالح البلدان العربية  أم في صالح الكيان الاسرائيلي أم في صالح الولايات المتحدة الأمريكية ؛ أم في صالح جميع هذه البلدان معا؟".

 

"الصراع العربي الإسرائيلي"

و كتب رونالد لاودر،دبلوماسي أميركي سابق ورئيس الكونغرس اليهودي العالمي، مقالا تحت عنوان «ناتو» للشرق الأوسط "الصراع العربي - الإسرائيلي يصل إلى خاتمته، وذلك بعد قرن من بدايته. لقد مهدت المعاهدة المصرية - الإسرائيلية الطريق عام 1979، وتبعها الاتفاق الإسرائيلي - الأردني عام 1994. لكن اتفاقيات السلام التي تم توقيعها بين إسرائيل من جهة والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب من جهة أخرى عام 2020، بشّرت أخيراً بثورة إقليمية حقيقية. أما الدول العربية المعتدلة الأخرى التي لم تنضم بعد إلى اتفاقات أبراهام، فهي تعمل بهدوء على تعزيز العلاقات مع إسرائيل. ومع تنامي مخاوفهم من إيران، وتزايد شكوكهم إزاء الغرب، يزداد العرب والإسرائيليون تقارباً عما كانوا عليه في أي وقت مضى."

 

"يمكن أن يكون الأعضاء المؤسسون لهذا التحالف الجديد الذي سيُعرف باسم منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط، جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي سبق لها أن دخلت في معاهدة سلام مع إسرائيل أو تربطها بهذه الأخيرة علاقة مفتوحة على غرار مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب. أنا متفائل بأن دولاً عربية أخرى قد تنضم إلى اتفاقات أبراهام قريباً. ويمكن أيضاً لمنظمة الدفاع عن الشرق الأوسط أن تعمل على تعزيز العلاقات مع اليونان وقبرص وبعض البلدان الأفريقية بهدف حماية استقرارها وتشجيع التنمية الاقتصادية السريعة".

 

يتابع "من هنا يمكن أن يشكل هذا التحالف الجديد حصناً منيعاً بوجه إيران. وبالتالي، يمكن أن يلجم طموحات تركيا الإمبريالية ويحارب التطرف والإرهاب ويمهد الطريق أمام مصالحة إسرائيلية - فلسطينية تكون حذرة وتدريجية. كما يمكنه أن يستفيد من التقدم التاريخي الذي شهدناه العام الماضي ليرسي أسساً جديدة لشرق أوسط جديد. ومن شأن منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط كذلك أن تخدم مصالح جميع الدول الساعية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، وجميع المواطنين الذين يسعون إلى عيش حياة كريمة بعيداً عن الفقر والمشقات. ومن خلال القيام بذلك، فإن هذه المنظمة الجديدة سوف تخدم أيضاً بشكل غير مباشر مصالح الغرب والمجتمع الدولي، وذلك من خلال ترويض أحد أخطر الأحياء في العالم من دون الاعتماد على الجنود الأميركيين أو جنود من الأمم المتحدة، أو محاباة القوى العظمى الأخرى".

 

"مسألة غامضة"

أما الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، إن "مسألة تشكيل حلف ناتو شرق أوسطي برمتها ما زالت غامضة جدا"، لافتا إلى أن "تصريحات الملك جاءت ردا على سؤال، ولم تكن بمثابة عرض لموقف جديد".

وأضاف لـ" أن "الأمر الجوهري في الموضوع هو هل ستكون إسرائيل جزءا من هذا الحلف؟ فإن كان الأمر كذلك فهذه خطوة كبيرة إلى الوراء؛ خصوصا أن إسرائيل لا زالت تحتل الأراضي، وماضية في سياسات الضم والزحف والانتهاكات لحقوق الإنسان وحرمة المقدسات".

وشدد الرنتاوي على أنه "لا يمكن تفهّم أي ترتيب أمني إقليمي بمشاركة إسرائيل، مهما كانت أسبابه ومبرراته"، متسائلا حول "طبيعة الناتو الشرق أوسطي، وهل سيكون موجها ضد إيران على وجه الخصوص؟".

وأكد أنه ليس من مصلحة الأردن خلق مواجهة مع إيران، في الوقت الذي تربطها فيه مع الإمارات وعُمان علاقات وثيقة، فيما نظمت السعودية خمس جولات حوار مع طهران؛ الخامسة منها كانت جولة واعدة، والكويت لا يسمح وضعها الداخلي بالمشاركة في هكذا اصطفاف.

وأشار الرنتاوي إلى أن لدى الأردن مشكلات كبيرة مع إيران، وعنده بواعث قلق كثيرة فيما يتعلق بالتهديد القادم من الجانب السوري، والتي تشكل مصدر صداع دائم بالنسبة لعمّان، "ولكن تبقى هذه المشكلات تحديات وأخطار تكتيكية لا تمس الوجود الأردني، في حين أن إسرائيل تمثل تهديدا وجوديا له".

وأضاف أن "الأردن لن يحرز أي تقدم في حال شارك في حلف مع إسرائيل ضد إيران، بل إن ذلك سيلحق ضررا كبيرا بمصالح الأردن الاستراتيجية بعيدة المدى".

 

واستدرك بالقول إن تصريحات الملك قد يُقصد منها أننا أمام ترتيب عربي إقليمي لملء الفراغ الذي ستتركه الدول الكبرى في المنطقة، التي تراجع الاهتمام الأمريكي بها، فيما روسيا منشغلة بالحرب مع أوكرانيا وتبعاتها، بينما لا تتطلع الصين للمنافسة على أدوار سياسية وعسكرية في الشرق الأوسط.

 

وأوضح الرنتاوي أن هذا الفراغ سيترك المنطقة لثلاثة لاعبين إقليميين كبار؛ تركيا وإيران وإسرائيل، متسائلا: "هل العرب في وارد تشكيل حلف عربي يستطيع أن يناور وينافس هؤلاء اللاعبين؟".

وتابع: "إذا كان هذا هو المقصود بكلام الملك؛ فنحن أمام خطوة بالاتجاه الصحيح، ولكن لماذا لا نقول إنه حلف عربي، لا شرق أوسطي؟".

 

ويأتي حديث الملك  عبد الله الثاني عن "ناتو شرق أوسطي" في ظلّ لقاءات متسارعة بين قادة الدول العربية والشرق الأوسط، تسبق قمة عربية أمريكية تستضيفها السعودية منتصف الشهر المقبل، بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وعلى طاولة بايدن في القمة المرتقبة ملفات عديدة أبرزها: الهدنة في اليمن وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني، إضافة إلى أمن الطاقة العالمي خصوصا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، إلى جانب الملف الإيراني الذي كان عنوان توتر العلاقة بين إدارة بايدن والسعودية والإمارات مؤخرا.

ورأى نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية، إيلان بيرمان، أن "هناك أملا في أن تؤدي زيارة  الرئيس بايدن للشرق الأوسط إلى سياسة أمريكية أكثر قوة تجاه إيران، وتنسيق أوثق بين واشنطن والعواصم الإقليمية بشأن "ملف" إيران ومن المرجح أن تكون النقاط المحورية للدبلوماسية الأمريكية مختلفة إلى حد ما".

 

 

 

 

أضف تعليقك