ميلاد المحبة والسلام والمساواة

قبل ألفي عام وفي مذود متواضع في بيت لحم ولد أمير السلام. جاءت الولادة المتواضعة في مغارة فلسطينية  حسب الإنجيل "إذ لم يكن لهما موضع في المنزل". والآن إذ نتذكر ميلاد يسوع المسيح ونداء الملائكة "على الأرض السلام وفي الناس المسرة" نرى عالم يفتقد للسلام الحقيقي المبني على الحق والمساواة.

مناسبة العيد المجيد دعوة إلهية أن يلتفت الإنسان إلى أخيه الإنسان وأن يحكم المسؤولون بالعدالة والرحمة والمساواة.

ومع تقدم الشعوب يبقى التمييز والتنمر وغياب المساواة سمة من سمات العصر رغم زيادة المعرفة والعلم والتطور التكنولوجي.

ونتساءل بكل صدق وصراحة هل يتبع الجميع مبدأ العدالة والمساواة وأساسه أن الجميع ولدوا متساوين؟ هل نحن في أردن الملك عبد الله الثاني من مشرعين وسلطة تنفيذية وقضاة ملتزمين بالدستور الأردني والذي ينص على المساواة التامة للمواطنين دون تمييز ديني؟

للأسف نحن في الكنائس الإنجيلية الوطنية في الأردن نشعر أن هناك أطراف تعمل ضد هذا المبدأ السامي. البعض عن قصد وآخرون عن غير قصد ولكن النتيجة واحدة.

لقد سن البرلمان الأردني عام 2014 قانون الطوائف المسيحية رقم 28 وأرفقه بقائمة كنائس يسري عليها القانون الذي ينظم حياة أبناء الوطن من المسيحيين. إلّا أن تلك القائمة غفلت مجموعة كنائس تعمل في الأردن منذ تأسيس الولاية ومعترف بها ونُشرت أسماؤها في الجريدة الرسمية منذ أواسط القرن الماضي. ورغم المحاولات الحثيثة لمعالجة هذا الغبن الذي حل بتلك الكنائس إلّا أن الجهات ذات المسؤولية تتباطأ وتراوغ وفي النهاية ترفض تعديل وإضافة كنائسنا المشهود لها من الداني والقاصي بالتزامها بالقانون وعملها الرعوي والإنساني لخدمة رعيتها  والإنسانية.

لقد فوجئنا مؤخراً بقرارٍ قضائي يبطل زواج أحد رعايانا على أساس هذا الغبن التشريعي. نحن نؤمن باستقلال القضاء ونعتبر أن القرار عكَسَ خطأً تشريعياَ بحق آلاف المواطنين. إن مراسم الزواج المشار إليه قد تم في كنيسة مسجلة رسمياً  وعضو في المجمع الإنجيلي الأردني، شهاداتها معترف بها منذ قيام المملكة، فهل أصبح عقد زواج آلاف العائلات الأردنية باطل؟

لقد تأسس المجمع الإنجيلي الأردني عام 2006  ويشمل طائفة الكنيسة المعمدانية الأردنية، كنيسة جماعات الله الأردنية، الكنيسة الإنجيلية الحرة، طائفة كنيسة الناصري الإنجيلية وكنيسة الاتحاد المسيحي.  جميع هذه الكنائس مسجلة رسمياً وتسجيلها مدون في الجريدة الرسمية وتقوم بالعمل الرعوي والإنساني المجتمعي في مجالات عديدة منها التعليم والصحة واللاجئين وخدمة السجون وكبار السن.

منذ حوالي مئة عام تقوم كنائسنا بإصدار شهادات الولادة والمعمودية والزواج ويتم قبول كل تلك الوثائق لدى الجهات الرسمية ويتم إدخالها في السجلات الرسمية ودفاتر العائلة وفي كل ما له علاقة بأمور الأحوال الشخصية، إضافة إلى أن كنائسنا تحصل بشكل مستمر على الإعفاءات المخصصة للكنائس ويتم التعامل معها بكل احترام وتعاون من كافة مؤسسات الدولة المدنية والأمنية.

لدى طوائفنا الخمسة ما يقارب عشرة آلاف عضو هم مواطنون أردنيون يشاركون بحرية تامة في العبادة في 57 كنسية منتشرة في كافة أنحاء المملكة. لقد شكل التعديل التشريعي لقانون رقم 28 لعام 2014 تمييزاً غير عادل لكنائسنا وقد قمنا بالتعبير عن ذلك في كافة لقاءاتنا الرسمية وفي وسائل الإعلام مؤكدين أنه ليس من المنطق ولا من العدل أن يبقى عدد كبير من المواطنين والمؤسسات الدينية خارج التعديل الأخير علماً أننا متمسكون بالدستور الأردني والمادة السادسة منه التي تؤكد المساواة التامة للأردنيين دون تمييز حسب الدين.

لقد استمر عملنا وتعاوننا وتواصلنا مع الجميع، وكان لقاؤنا الأخير في قصر الحسينية  قبل حوالي عام مع سمو الأمير غازي الدكتور بشر الخصاونة الذي كان آنذاك ممثلاً لمكتب جلالة الملك لتجاوز هذه المعضلة.  وقد نصحنا سموه بضرورة توحيد جهودنا في طائفة واحدة ذات مرجعية قانونية، وعليه وبعد نقاش جاد ومطول بالتعاون مع مكتب محاماة معروف، قمنا بصياغة نظام داخلي موحد لكنائسنا بانتظار اتخاذ القرار الرسمي.

ورغم كل ذلك نود التأكيد أننا سعاة حق وأننا كمواطنين ومؤسسات كنسية مخلصون للدولة الأردنية  تحت راية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني وداعمون للوصاية الهاشمية للأماكن المقدسة في القدس وكل مواقف الدولة في سعيها للعدل والسلم في بلادنا و شرقنا الحبيب.

وفي هذه المناسبة السعيدة لمولد المسيح من العذراء المباركة مريم نعود ونؤكد أهمية رسالة السلام والمحبة والمساواة متمنين للجميع أعياداً مجيدة مليئة بالسلام والطمأنينة.

*رئيس المجمع الإنجيلي الأردني

 

أضف تعليقك