موسم تبادل الأسرى
وفقا لمصادر حزب الله ، فإن من المتوقع وصول الأسرى المحررين ، الأحياء منهم والشهداء ، إلى بيروت يوم الثلاثاء أو الأربعاء القادمين ، فيغلق بذلك هذا الملف كليا ، إذ مقابل جثتي الجنديين الأسيرين - لم يعلن عن موتهما رسميا بعد - ستفرج إسرائيل عن جميع أسرى لبنان وحزب الله ، وستغلق "مقبرة الأرقام" التي تضم بين جنباتها جثامين ما يقرب من مائتي شهيد ممن يعرفون بشهداء "الدوريات" ، أو الفدائيين العابرين للحدود ، وهي أيضا تعرف باسم "مقبرة الغرباء".
ومقابل تقرير يقدمه حزب الله عن مصير ملاّح الجو الإسرائيلي رون آراد ، ستسلم إسرائيل تقريرا عن مصائر الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة ، فضلا عن خرائط الألغام التي زرعتها إسرائيل على امتداد أرض الجنوب ، وما زالت تقتل وتصيب عشرات اللبنانيين سنويا ، لكأن إسرائيل المهزومة في جنوب لبنان ، تأبى أن توقف القتل والتدمير ، وأن تتوقف عن إطلاق النار حتى بعد انسحابها.
بالمناسبة ، مصير الدبلوماسيين الأربعة ، من المفترض أن "يفتح قضية" ضد سمير جعجع ، ذلك أن التقرير الإسرائيلي يتحدث عن تسليم هؤلاء للقوات اللبنانية التي قامت بدورها بتصفيتهم جسديا ، و"نقعت" جثثهم في حفرة "جيرية" لتسريع تحلل لحومهم وعظامهم والتخلص من ملامحهم ، وبرغم أن مصادر سمير جعجع تلمح إلى مسؤولية إيلي حبيقة القائد السابق في القوات عن مقتل هؤلاء ، إلا أن جعجع لا يمكن أن يكون بريئا بحال من الأحوال ، لأنه إن لم يكن في الموقع الأول للمسؤولية فقد كان في الموقع الثاني والثالث في سلم اتخاذ القرار بهذا الصدد.
صفقة حزب الله ستسرع لأسباب سياسية ومعنوية إتمام صفقة شاليط بين حماس وإسرائيل ، فإسرائيل تخطت "حكاية الملطخة أيديهم" بإفراجها عن سمير قنطار ، وهي سبق لها أن أفرجت في صفقات سابقة عن كثير من "الملطخة أيديهم" قبل أن تدخل هذا المصطلح في قاموس صفقات التبادل مؤخرا ، وإسرائيل أظهرت أنها جاهزة لدفع ثمن باهظ للأموات من جنودها ، فما بالك حين يتعلق الأمر بأسير حي؟،
وإن تمت صفقة شاليط ، فإن حرجا كبيرا سيصيب أطراف عدة ، في مقدمتها السلطة والرئاسة الفلسطينيتين حيث ترفض إسرائيل الإفراج عن 11 ألف أسير ومعتقل فلسطيني ، أقل من نصفهم بقليل من حركة فتح ، حزب السلطة والرئاسة ، وصاحبة الخيار التفاوضي وحل الصراع بالوسائل السلمية؟،
وسنجد أنفسنا في الأردن أمام مسألتين مترابطتين: الأولى ، الحاجة الضاغطة للإفراج عن الأسرى الأربعة الذين يقضون بقية محكوميّاتهم في الأردن ، والثانية تكثيف الجهد لإغلاق هذه الملف نهائيا ، وتفكيك تشابكاته الفلسطينية - الأردنية.
ليس مطلوبا من عباس ولا من الحكومة الأردنية أن ترسل من يختطف جنودا ويأسر إسرائيليين لإتمام صفقات تبادل مشابهة ، المطلوب فقط أن ترتفع شروط استئناف المفاوضات فلسطينيا إلى الحد الذي يصبح معه الإفراج عن الأسرى شرطا حاضرا وبقوة على أجندة المفاوضات الفلسطيني ، وأن يكون الإفراج عن الأسرى الأردنيين متطلبا مسبقا وشرطا ضروريا للاحتفاظ بعلاقات طبيعية بين الأردن وإسرائيل.
لدينا أردنيين وفلسطينيين أوراق ضاغطة قوية ، سياسية ودبلوماسية ، علينا استخدامها لإغلاق هذا الملف مرة واحدة وإلى الأبد ، فإسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة والضغط ، ومن دون أن نفعل ذلك ، سيرتفع منسوب الحرج لدينا من جهة ، ويتراجع مستوى الثقة بخياراتنا السياسية من جهة ثانية.
* مركز القدس للدراسات السياسية