مواقف وآراء حول عزل مرسي

مواقف وآراء حول عزل مرسي
الرابط المختصر

لم تكن الساحة المصرية بكل تسارع أحداثها خلال الأيام القليلة الماضية، غائبة عن سطور أصحاب الرأي وكتاب المقالات في الصحف الأردنية، بل كان لها مساحتها على اختلاف توجهات أصحابها وتباين قراءتهم لتلك الأحداث التي اختتمت بعزل الجيش المصري للرئيس السابق محمد مرسي.

ولعل توجهات مرسي الإسلامية، وشبه الإجماع على انتخابه عبر صناديق الاقتراع، إضافة لسياساته خلال عام من حكمه، بعض الأسباب لهذا التباين، الذي ظهر في عدد يوم الجمعة من الصحف اليومية وخاصة صحيفة الغد، التي أفردت مساحة لـ6 مقالات من بين 9 لتناول قضية عزل الرئيس.

انقلاب عسكري أم استكمال للثورة؟!:

يوصّف الكاتب ياسر أبو هلالة في مقال له في صحيفة "الغد" ما حصل على أنه انقلاب عسكري أنهى ثورة 25 يناير التي رفعت شعار الدولة المدنية والديمقراطية، مختصرا الإجابة على ما جرى بكلمة "لا" التي لا تعني على حد تعبيره "نعم" لكل ما قام به مرسي خلال عام، أو جماعة الإخوان خلال الفترة الماضية.

كما يدلل الكاتب ماهر أبو طير في "الدستور" على أن ما جرى يشكل انقلابا عسكريا، ولايمكن تسميته بغير ذلك، بالتوسع في قرار الجيش بعزل الرئيس، نحو وقف القنوات الإعلامية التلفزيونية الإسلامية، واعتقال قيادات من الجماعة والحزب، وملاحقة كل رموزهم.

ويخالفهما بذلك الكاتب النائب جميل النمري في أحد مقالات "الغد"، الذي يؤكد بأن ما حصل ليس انقلابا عسكريا على الإطلاق، وأن سيناريو تدخل الجيش يشبه سيناريو التدخل زمن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؛ أي استجابة لثورة شعبية عارمة، وتأمين وضع انتقالي سلمي إلى حين الانتخابات.

ويضيف النمري بأن الإخوان في مصر أخذوا "فرصتهم الكاملة في الحكم، لكنهم، وفق أغلب المراقبين والمحللين، أساؤوا إدارته، وارتكبوا أخطاء فادحة في كل شيء؛ ابتداء بفهمهم لجوهر الثورة التي حصلت، وحصتهم فيها وفي صفوف الشعب".

بل يذهب الكاتب عريب الرنتاوي إلى وصف القول بأن ما جرى انقلاب عسكري مكتمل الأركان، على الديمقراطية و"الشرعية" والرئيس والجماعة، يرقى إلى مستوى "الخيانة الوطنية"، بـ"أكذوبة" أولى بين ثلاث أكاذيب.

ويرد الرنتاوي عليها بقوله إن الشعب هو من مهد الطريق، واستدعى قواته المسلحة، والجيش تدخل لدرء الخطر الأكبر بالضرر الأصغر، وفقاً لتعبير شيخ الأزهر.

أما "الأكذوبة" الثانية، على حد تعبيره، فهي القول بأن ما حصل ليس سوى «مؤامرة كونية»، مؤكدا بأن  واشنطن كانت أكثر انحيازاً لمرسي وإخوانه، وأنها بذلك كانت تترجم حالة القلق التي تنتاب إسرائيل لانتهاء حكم الإخوان المسلمين، مشيرا إلى تلويح واشنطن بوقف المساعدات للجيش المصري.

وثالث هذه "الأكاذيب"، فتتمثل بـ"فزّاعة": إما حكم مرسي والإخوان، وإما فالفوضى والخراب وشلالات الدم، ويرد الرنتاوي على هذا الطرح بقوله "إن مصر ليست الجزائر، هنا الشعب سبق الجيش إلى الميادين، وبعشرات الملايين، وهناك اختطف الجيش صناديق الاقتراع، من دون تفويض من أحد، هنا حظي الإخوان بفرصة لحكم مصر، أظهروا بنتيجتها فشلاً ذريعاً كاد أن يهدد وحدة البلاد والعباد، وهناك انقض الجيش على السلطة، قبل أن تستكمل اللجان الانتخابية فرز صناديق الاقتراع..."

وهنا، يعقد القيادي السابق في الحركة الإسلامية الدكتور رحيّل غرايبة في مقال له في صحيفة "العرب اليوم" مقارنة بين "أخطاء" مرسي وعدم تحقيقه لإنجازات كبيرة ومقنعة لجماهير الشعب المصري الأمر الذي اعترف به مرسي نفسه، وبين "الجريمة المروعة" بحق الديمقراطية و"خيانة" دم الشهداء عبر عزل الرئيس بانقلاب عسكري، "وشتان بين الخطأ والجريمة".

ويشير غرايبة إلى فرحة خصوم الإسلاميين بعزل الرئيس، والذين اعتبرهم يقارفون جريمة تقويض الديمقراطية ويسوغون تمرير الانقلاب العسكري، والعودة بالتجربة المصرية إلى نقطة الصفر وإلى المربع الأول.

الكاتب محمد أبو رمان، يرى أن من السطحية إصدار أحكام قطعية بنهاية جماعة الإخوان المسلمين، حتى في مصر وحدها؛ مشيرا إلى أن الجماعة ما تزال تملك، مع تيارات الإسلام السياسي، رصيدا كبيراً في الشارع المصري، لكنها بلا شك أمام مفترق طرق تاريخي.

أما رئيس تحرير "العرب اليوم" نبيل غيشان فيستذكر "نبوءة" المرشح الرئاسي الخاسر أحمد شفيق بأن الرئيس الفائز مرسي لن يكمل ولايته الأولى، مشيرا إلى سياسة الرئيس الجديد الذي "غرق في تفاصيل السلطة.. فانتهج في الداخل سياسة التسلط والإقصاء في حين ناور في الخارج بذكاء أكبر واستخدم السياسة البراغماتية مع دول العالم ومع إسرائيل ما صلّب شرعيته".

ويرى غيشان بأن مشكلة الرئيس تمثلت باصطدامه مع شرعية الميادين نفسها التي جاءت به للسلطة، تلك الشرعية التي انحنى لها وجاء ليحلف اليمين الدستورية أمامها، إلا أنه عاد للتمسك بالشرعية الدستورية، "التي باتت بفعل الزلزال الكبير تصطدم بالشرعية الثورية الشعبية".

فـ"لا شك أن الرئيس محمد مرسي انتخب بطريقة ديمقراطية، لكنه تصرف بطريقة سيئة قادته إلى الاصطدام مع حلفائه السياسيين أولاً ومع الجماهير التي انتخبته ثانيا".

وبعد إيراده لعدد من التحليلات وتفسير الأسباب، يرى الكاتب عيسى الشعيبي أن هناك عاملين أساسيين من بين الأسباب التي"أودت بأكبر حركة إسلامية منظمة تسيّدت مشهد الحراكات الاجتماعية والثورات العربية في السنوات الماضية"، أولهما، التضليل للنفس ومراوغتها، مع شدّة الافتقار إلى الحساسية، والاعتقاد بامتلاك الصواب الكلي والحقيقة المطلقة، وتوسل الدين سبيلاً الى امتلاك السلطة، وثانيهما، حالة الإنكار التي لازمت خطابها، وعمقت ميول الاستبداد والاستعلاء لديها.

الجيش ودوره في اللعبة السياسية:

اعتبر الكاتب أبو طير أن الجيش لم يتصرف باعتباره تابعا للرئاسة، بل كان ندا للرئاسة، وانقلابياً، تحت مسمى عاطفي يقول: إنهم حماة مصر، وكأن الآخرين خونتها!.

ويشير إلى أن "الجيش ذاته على مشارف تفكيك وانزلاق في مستنقع الخلافات الداخلية، وقد يكون مخططاً دفع الجيش الى الانزلاق في حرب داخلية دموية؛ ليلتحق بجيشين عربيين مهمين، تم تفكيكهما وتدميرهما بوسائل مختلفة، وهنا نقصد الجيشين العراقي والسوري".

ويلفت الكاتب رحيل غرايبة إلى بعض القراءات لما جرى في مصر، التي تشير إلى أنه تنفيذ لمخطط مسبق، أشرفت عليه عدة أطراف، "فتصريحات قائد الجيش بأن الجيش لن يقف مكتوف الأيدي إزاء ما يجري قبل أسبوع من الأحداث إنما شكل الخطوة الأولى في خريطة الطريق التي رسمت بالاتفاق مع الأطراف السياسية والقضائية والدينية.

 أما الخروج إلى الميادين، وإفساح المجال لممارسة بعض أعمال التخريب، وحرق المقرات فيصفه غرايبة بـ"نوع من أنواع الإخراج المسرحي، الذي يعطي الشرعية المنقوصة للجيش أمام الجماهير من أجل التحرك"، "إضافة إلى بعض التقارير التي تشير إلى تبادل التخابر والتنسيق بين قيادة الجيش المصري وقيادة الجيش الأمريكي والبنتاغون وبعض القوى الدولية والعربية منذ زمن".

فيما يذهب غيشان إلى أن الجيش المصري "العريق لعبها بحرفية عالية"، حيث أبعد نفسه عن دهاليز السياسة ومتاهات الحكم، ولم يترك البلد للفوضى، فوضع الخيار أمام الرئيس مرسي ، الاصطدام بالجماهير أم مواجهة الجيش وقوات الأمن.

ويشير الكاتب أبو رمان إلى أن الصورة التي سيتعامل بها الجيش، ومعه القوى السياسية المعارضة للإخوان، ستؤثر بدرجة كبيرة في تقرير خيارات الجماعة وتوجهاتها للمرحلة المقبلة.

مستقبل الجماعة:

يضع الكاتب أبو رمان اتجاهين وسيناريوهين يحكمان مسار الجماعة:

الأول، وهو الأقرب إلى الجزائري، بعد الإطاحة بجبهة الإنقاذ الإسلامية بداية تسعينيات القرن الماضي، وحظر الجبهة، ما أدى إلى اتجاه أعداد كبيرة من أنصار الحركة إلى العمل تحت الأرض، ورفع السلاح في وجه السلطات.

أما السيناريو الثاني أمام الجماعة فيتمثل بانتفاض الجيل الأكثر انفتاحاً واعتدالاً فيها على القيادة الحالية التي أودت بالجماعة إلى صدام مع الجيش والقوى الأخرى، وأن يقوم هذا الجيل بمراجعة صارمة للمرحلة السابقة، ويعيد هيكلة علاقتها بالأوساط السياسية.

ويشير أبو رمان إلى أن هذا السيناريو أقرب إلى الحالة التركية، وهو الخيار الذي لجأت إليه مجموعة الشباب هناك ردّاً على الانقلابات العسكرية، ونجح مؤخراً، بعد إعادة الهيكلة، في إنتاج حزب العدالة والتنمية التركي، الذي وصل إلى الحكم ونجح في إحداث الاختراق الحقيقي

كما يخلص الكاتب نبيل غيشان إلى أن "ما جرى ليس نهاية بل بداية ، إن رغب" الإخوان " العودة إلى أرض الواقع والاتعاظ من تجربتهم في مصر وخوفًا على تجربتهم في تونس وسورية ، فهم اليوم في " خريف مبكر " فإن استمروا على تجاهل الحقائق وتجاهل مطالب الجماهير فإنهم إلى زوال هم ومشروعهم السياسي وإن فكروا وطوروا تجربتهم قياسًا على حاجات الناس ومتطلبات العصر ومنطق الساحات والميادين فإنهم عائدون، لكن بحلة جديدة تقوم على استلهام المخزون الديني وليس استعماله في قهر الآخرين واخافتهم وقيادتهم".

أضف تعليقك