مواصلات.. ولكن!

الرابط المختصر

بالتأكيد هي ليست أعجوبة القدر، تلك التي تجعل من قضية المواصلات في طليعة القضايا المؤرقة التي تحولت الى "معضلة مزمنة" يعاني منها كل الذاهبين والعائدين من اماكن العمل والدراسة.يكفي النظر في وجه أحد طلبة الجامعات لمعرفة حقيقة معاناتهم ، فهم يتشاركون في استنشاق دخان عوادم الحافلات صباح مساء، ويستمعون الى موسيقى زوامير الصباح و المساء معا، حتى انهم يستظلون بمظلات مشتركة اثناء انتظارهم الطويل لوسيلة نقل تقلهم في وقت تعز فيه هذه الوسائل.

حافلاتافواج منتشرة على جوانب الطرقات بانتظار وسيلة نقل تقيهم تلك النظرات التي تحمل معنى واحدا هو "لن تسبقني الى المقعد"، تتحول عند قدوم وسيلة النقل المتمثلة بالحافلة الى "لن تسبقني الى الوقفة"...
 
يكفي ان تنظر في وجوه الركاب بعد تأمين وسيلة تقلهم لتدرك أنهم أصبحوا يدا واحدة، ف"أنا وأخي على ابن عمي، وانا وابن عمي على الغريب"، في البداية كان الأخ متمثلا بالكتب أو حقيبة اليد للفتاة، ابن العم هو الطالب او الطالبة على أحد الجنبين، اما الغريب.. فليس "الشيطان" كما هو متداول بين آبائنا وجدودنا، انما.. الكنترول.
 
لكن في حالة سماع صراخ.. فلا تلتفت للكنترول، فهو غير مسؤول عن السرعة الجنونية للحافلة ، والتي تتبعها "فرملة" تؤدي بالواقفين للارتماء على الجالسين الذين قد تتوقف  قلوبهم عن الخفقان ، وقد تتسارع خفقاتها .. لحظات قليلة فقط ويعود كل الى وضعه السابق، ومن لم يستطع العودة الى ما كان عليه، فما عليه سوى ان ينظر – في تلك اللحظة فقط- في وجه الكنترول الذي ينفذ صبره بسرعة عجيبة تدعو الى النهوض المفاجيء...
 

سيارات أجرةحشود حائرة على حافتي الطريق، الكشرة واحدة على الوجوه كافة، مع الحرص على ابقائها طبيعية ولافتة في التظاهر بالانشغال بالتفكير العميق، الذي يعمق من دور الكشرة في إضفاء هيبة "زائفة" على صاحبها...
 
عربة صفراء تتقدم نحو تلك الحشود، بالتأكيد لن يحظى أي منهم باستقلالية ركوب المقعد الخلفي، الذي بات يشكل ذكريات من الماضي عندما كانت سيارة الأجرة تتكون من سائق خلف المقود، راكب في الخلف وعداد بشاشة تظهر ارقاما حمراء.. اما متطلبات سيارة الأجرة الحالية، فهي أيضا سائق خلف المقود ( وهو التقليد الوحيد الذي استطاع أن يصمد في ظل هذا التغير المفاجئ) وثلاثة ركاب في الخلف بالاضافة الى راكب أمامي، اما تلك الأرقام الحمراء التي تظهر على "الصندوق الأسود" فتحولت الى خطوط حمراء لا يجرؤ أي من الركاب تجاوزها بسؤال السائق عن تشغيل "العداد"..
 

سيارة خاصةباختصار.. برودة الأعصاب هي الحل الأمثل لضمان وصول سائق السيارة الخاصة دون خسائر جسدية ، ومن المهم التنويه الى أن التقليل من فرص إصابة سائقها بأزمات نفسية نتيجة التحكم بنوعية رفقاء رحلة الذهاب والإياب داخل السيارة، أو التحكم بنوع الموسيقى المفضلة، لا يعني التقليل من فرص التعرض لأزمات سير تحد من القدرة على التحكم بنوعية السائقين الاخرين أو فوضى الزواميرالتي.. لا سبيل الى وقفها.
 

طلبةالطالب يزن المجالي من الجامعة الهاشمية يصف حال المواصلات في جامعته بقوله " كنت في البداية أذهب الى المحطة لأستقل الحافلة، لكن هذا الحال لم يكن محتملا لأني كنت أضطر الى التواجد من الساعة السادسة صباحا لأستطيع تأمين نفسي بالمواصلات، ففضلت الذهاب بسيارتي".
 
ويشير يزن الى نقطة مهمة عند الإياب من الجامعة وهي"عند انتهاء الدوام تجمع شركة الباصات حافلاتها عند الباب الخارجي للجامعة، ثم تبدأ بإدخال حافلة واحدة ليظن الطلبة بأن لا وجود لغيرها فيضطروا للصعود فيها بأعداد تفوق طاقتها، كما أن السائق لا يذهب إلا بعد أن تمتلئ الحافلة بأكملها بالواقفين ، ولكن المثير في الامر انهم يكتشفون وجود حافلات اخرى بعد أن تتحرك الحافلة الأولى الملأى ب " سردين الركاب " .
 
أما الطالب أحمد دعموس من جامعة العلوم التطبيقية فيقول "الحافلات في جامعتنا تكون ملتزمة بموعد معين لذا تجد سائقيها يسيرون بسرعات جنونية للوصول في الموعد المحدد، وكل حافلة تحتوي على ما لا يقل عن 50 طالبا وطالبة مما يضطرهم الى الصراخ أحيانا".
 
مشكلة سيارات الأجرة يلخصها الطالب محمد القماز من جامعة العلوم التطبيقية على النحو التالي " نركب على مزاج السائق ونكون حوالي أربعة ركاب متوجهين إلى نفس المنطقة، وطبعا لا وجود للعداد لأن  التسعيرة المتعارف عليها أصبحت دينارا واحدا  عن كل راكب".
 
والمشكلة لا تنتهي عند حد المواصلات على الطريق انما تمتد الى وضع الطالب الجامعي كما يقول الطالب عمرو الحجي من الجامعة الأردنية "من الأشياء المسلم بها في المنطقة هي أزمة الثامنة صباحا، فإذا صادف وتأخرت يوما على محاضرتي الصباحية فلن أحظى بفرصة دخول قاعة المحاضرات وحسب، إنما أيضا ، أسمع عبارات قاسية من الدكتور".
 
تسليط الضوء على معاناة قطاع الطلبة في هذا المجال لا يعني وجود بسمة متنقلة على شفاه المواطنين من القطاعات الاخرى التي تستخدم وسائط النقل أيضا... لكن أملا في أن لا تعاني هذه البسمة ،هي الاخرى ، من ... أزمة مواصلات!!