موازنة الأمانة عجز على ورق والإعلام شاهد ما شفش حاجة

موازنة الأمانة عجز على ورق والإعلام شاهد ما شفش حاجة
الرابط المختصر

قد يكون الحديث عن موازنة أمانة عمان الكبرى غير مجد هذه
الأيام بعد أن استنفذت جميع قنواتها في الحديث باستفاضة عن عجز
الموازنة المقدر على الورق حتى الآن، بتسعة ملايين دينار للعام الحالي 2006.

والإعلام الأردني أحد قنوات الأمانة
في الترويج لهذا العجز الذي لم يولد بعد، ففي وقت تعلن فيه الأمانة عن العجز
في موازنتها الحالية، يتحدث أكثر من مسؤول رفيع داخل الأمانة عن عدم وجود أزمة
مالية، وكذلك يسجل حديث للأمين عمر المعاني حول وضع الأمانة المالي الذي وصفه
بجلسة الأمانة الأخيرة العادية بأنه "لا بأس به".

هذه الجلسة التي وعد الأمين بها بضرورة عقد جلسة غير
عادية تخصص للحديث عن موازنة الأمانة كون الجلسة العادية لا تتسع لها، كان ذلك في جلسة
عُقدت السبت الماضي بتاريخ 17\6 تلك الجلسة التي منع الصحفيون فيها من الحضور
بناءً على طلب أغلبية أعضاء مجلس الأمانة الأربعين. ورغم عدم شرعية عقد الجلسة
مغلقة أمام الإعلام إلا أن ما حصل كان عبر تفويض الأمين للأعضاء بإقرار حضور
الإعلام أم لا، رغم ما ينص عليه قانون البلديات في المادة رقم 29 بعمومية
جلسات الأمانة ليس فقط على الإعلام وإنما أيضا على المواطنين.

وفوق ذلك لم تحسب الأمانة للإعلام أي حساب، بالرغم من أن
الإعلام شريكها في الترويج لمشاريعها ولأي خبر أرادت أن تروج له.

مجموعة من أعضاء الأمانة أرجعوا قرار منع الإعلام من عدم
حضور الجلسة لعدة أسباب منها ما يتعلق بالخوف من تحليلات ستقوم الصحف بنشرها عن
موازنة الأمانة تحتمل التأويل والتفسير الخاطئ، وهو ما ذهب به عضو المجلس أيوب
خميس الذي قال لعمان نت: "منع الصحفيين من دخول الجلسة كان له رأيان؛ الأول
وهو الأغلبية يتحدث عن أن وجودهم سيجعل الموضوع يفسر بالصحف من زاوية تحليل بعيدة
كل البعد عن واقع الموازنة وبالتالي الخطأ في القراءة للواقع الحقيقي، والرأي
الثاني وأنا منهم فكان لا مانع له من وجودهم في الجلسة".

لكن العضو بركات الجعبري رأى أن الأصل هو دخول الصحفيين
وحتى المواطنين أيضا، وخلص بالقول: "إذا ارتأى أمين عمان أن تكون الجلسة
بعيدة عن الإعلام فأعتقد أنه يحق له ذلك".

ومع هذا، خرجت الصحف بتحليلات حول الموازنة اعتمدت على
تسريبات بعض الأعضاء للصحفيين، لكن مجملها لم يخرج عن إطار مطالبات الأمانة
العديدة حول ضرورة تقسيط مستحقاتها على المواطنين والتي بلغت 138 مليون دينار أو
مطلبها القديم الجديد من الحكومة بعدالة معاملتها كما البلديات الأخرى وإعطائها
المستحق الحقيقي لها والذي يتجاوز ما هو حالي 6 مليون دينار.

وخسارات الأمانة عديدة في تعاطيها مع الحكومة، ولم يوفر
أي من الأعضاء فرصة إلا وهاجم به الحكومة، وقال العضو أيوب خميس: "موضوع رفع
أسعار المحروقات أثر على الأمانة، وحًملها كلف إضافية لا تقل عن 15 مليون دينار،
فكيف تغطي مثل هذه العجز، والشيء الرئيس أن حصة الأمانة من عوائد المحروقات لم
يتغير منذ عشر سنوات، وهو 6 ملايين دينار، وإن جئنا للقرار الحكومي في أسس تعاملها
مع البلديات الأخرى فالأمانة يجب أن تحصل على ما يقارب 25 مليون دينار وهو ربع
المبلغ، ولأجل ذلك نطالب الحكومة بأن تنصف الأمانة".

ديون الأمانة على المواطنين كثيرة والأعباء أكبر، والتحديات
تكمن في عدم التحرك الجدي لمواجهة الأزمة؛ صورة سوداوية يتحدث عنها المسؤولون في
الأمانة، إزاء ذلك درست الدائرة المالية وقيمت الموازنة العام الحالي وخرج معها في
ضوء تحديد مشاريعها حتى نهاية هذا العام 2006، أن هناك عجزا، وأن مهمتهم الحالية
البحث عن طريقة لتغطية هذا العجز، وقال مدير الدائرة المالية في الأمانة محمود
خليفات: "سنتخذ العديد من الإجراءات في التحصيل، فلنا على المواطنين ما يقارب
138 مليون دينار، وهي المسقفات وضريبة الأراضي، والعوائد الأخرى المتراكمة كلها
على المواطنين".

لطالما بدأت المؤسسات الحكومية بامتهان لعبة الإعلام،
فكان عليها أن تتعاطى مع الإعلام بشفافية –على أقل تقدير- وهو ما تحاول الأمانة
جاهدة أن تقوم به إلا أنها لم تستطع أن تبدي خوفها من الإعلام في تحليله "الخاطئ
لموازنتها"، وهو ما يؤكده أكثر من عضو أمانة، في أي مداخلة له في جلساتها
الشهرية.

مخافة من العين والحسد، ذلك حال الأمانة في تعاطيها مع
أخبار موازنتها في كل عام، وهذا العام أيضا أضيف إلى رصيدها قراءات أكثر انسجاما
مع أهوائها، وها هو مدير الدائرة المالية محمود خليفات قال في أكثر من صحيفة: "موازنة
الأمانة هذا العام هي الأضخم بتاريخها 144 مليون دينار، وكان التوقع في البداية أن
يكون العجز 19 مليون دينار، إلا أنه في
العام 2005 استطعنا أن نحقق وفورات بلغت حوالي 10 ونصف مليون دينار، وهي بالتالي
انعكست على العجز المتوقع مباشرة، وأصبح العجز المتوقع في موازنة 2006، 9 مليون
دينار".

والخبر غير السار أبداً لمتتبعي واقع الأمانة.."في
أول خطوة قد تشهدها الأمانة التفكير جدياً باللجوء للاقتراض من بنك تنمية المدن
والقرى، بمبلغ 15 مليون دينار، على أن تكون الفائدة نسبتها من 5 إلى 6%".

وتابع خليفات حديثه "على ضوء إعلان الواقع المالي
أمام أعضاء مجلس الأمانة، فوضعنا المالي سليم جداً، وفي كل عام لدينا عجز ونعمل
دوما لأجل تغطيته، بتفعيل دورنا في التحصيل، وثمة تسهيلات كاملة بالتقسيط أو
بالإعفاءات من الغرامات، كما جاء بقرارات من مجلس الوزراء بإعفاء المواطنين من
ضريبة الأبنية والأراضي".

وحال كهذا، لم يفسح للأمانة مجالا إلا وأشبعت فيه
الحكومة انتقادات على فعلتها غير الحسنة كما ترى من اقتطاع حصتها من عوائد
المحروقات، "لأن رفعها إلى 10 مليون دينار، خلافا لما هو مقرر سابقاً 6,158 مليون،
وهنا الفرق 3 مليون و300 ألف، لذلك تأثرنا منه مباشرة، وهذا عزز العجز لدينا، وعلى
ضوء الأرقام المصدقة فهي تصل إلى 13 مليون دينار". والقول لخليفات، وأضاف
"كان لازما علينا أن نعرض على مجلس الأمانة خطة عمل متكاملة للخروج من العجز الموجود
في الموازنة، وهناك الكثير من المواطنين تم تبليغهم بما يترتب عليهم، إلا أنهم لم
يستجيبوا وكانت التسهيلات بإعفائهم من الغرامات، والتسهيلات تكمن بالتقسيط حتى لخمسين
شهرا قادماً".

العلاقة بين الأمانة والحكومة علاقة تنافر، وخطوة اقتطاع
حصتها من عوائد المحروقات كان القشة التي قصمت ظهر البعير بينهما، فالعضو أيوب
خميس لام الأمانة على موقفها المسالم من تنفيذها المشترك مع الحكومة في تقاطعي
خلدا وياجوز، "فمثل هذين التقاطعين كلفا الأمانة 8 مليون دينار، والاتفاق
المترتب على الحكومة هو حوالي 4 مليون دينار لم تدفعها".

وأضاف "الاستملاكات أكثر ما يؤرق الأمانة، وأي
استملاك للأمانة تكون مسؤولة عنه، أما استملاكات الحكومة من طرف الحكومة فمن
المفترض أن تدفع للأمانة، بحيث لا تتأثر موازنتها".

وفي دراسة الدائرة المالية عن الموازنة والتي صادق عليها
رئيس الوزراء فإن النفقات العامة المقدرة تصل إلى 144و157 مليون دينار، في حين تصل
الإيرادات إلى 124و5 مليون دينار.

السياسة المالية في الأمانة مستقرة، كما قال عضو المجلس
بركات الجعبري، الذي فضل الحديث عن مدى الوفرة التي ستتمتع بها الأمانة فيما لو
تعاملت الحكومة معها كما البلديات الأخرى، "لو تعاملت معنا بنسبة وتناسب فهنا
الأمانة ستحصل على ثلاثة أرباع المبلغ، فلن يكون هناك عجز عندها، فالحديث عن وجود
عجز في الأمانة هو أمر عادي ونحن الآن في نصف السنة، نتأمل من خلال السياسة
المتبعة الطبيعية الموجودة حاليا أن يسدد العجز، ولقد اتبعنا سياسة تحصيل عادلة
وبشكل بسيط، لأن ذمم الأمانة على المواطنين هي 138 مليون دينار، بمعنى أن كل ألف
مواطن عليهم 24 مليون دينار".

الحلول كما وجدها مجلس الأمانة في تعاطيه مع العجز اتخذت
منحى السندات باسم أمانة عمان، وتسيير الشيكات الموجودة ذمم على المواطنين. وقال العضو
الجعبري عن ما تداوله الأعضاء في الجلسة المغلقة "ناقشنا موضوع الإقراض، وكان
هناك نظر إلى الوضع الاجتماعي عند المواطنين والذين عليهم ذمم للأمانة، والأصل أن
يكون هناك تصنيف لهذه الأموال بحيث أن مالكي العقارات وأصحاب رؤوس الأموال عليهم
ذمم عالية يطبق عليهم النظام الموجود في الأمانة، فالذمم التي تتجاوز 10 آلاف أو
20 ألف دينار، يتم التعامل معها لجدولة طريقة الدفع، أما الفئة التي عليها أموال
قليلة فالتحصيل منها على مراحل، وإذا طبق فسيتم تحصيل مبالغ ليس فقط لتسد العجز
إنما لتجعله فائضا يولد عمليات وبالتالي تحريك للمشاريع التي تنتظر التنفيذ".

وكان
أمين عمان عمر المعاني قد أكد في آخر جلسة عادية للأمانة، أن وضعهم المالي لا بأس
به، وأنه يمكن سد العجز عن طريق تحصيل 48 مليون دينار عوائد مسقفات، إضافة إلى
تحصيل 58 مليون دينار عوائد مسقفات سابقة لم يتم تحصيلها لغاية الآن. وأنه سيتم
إعطاء من لم يدفعوا ضريبة المسقفات مهلة 50 شهرا قبل اللجوء إلى القضاء لتحصيلها.

على
أي حال، فالأمانة تتحدث عن وفرات مالية، إذا ما أحسنت الحكومة التعامل معها
وأنصفتها، لكنها وبنفس الوقت تتجاوز مشكلة لا ترمي لها بالاً ألا وهي الأعداد
الكبيرة بين موظفيها والذين يتجاوزوا أي مؤسسة حكومية أو خاصة في الكم على حساب
النوع، ألا تخفف الأمانة من أعبائها فيما لو قامت بمراجعة جدية لتلك الأعداد التي
لا تتجاوز مهام بعضها أكثر من الجلوس على الأدراج في انتظار الراتب آخر
الشهر.