من يمارس الصلاحيات على الأمانة !

من يمارس الصلاحيات على الأمانة !
الرابط المختصر

حمَل أعضاء مجلس أمانة عمان الحكومة مسؤولية إقدام عدد من موظفي"الصف الأول" بالاستقالة، واصفين الإجراء بأنه تدخل صريح بصلاحيات مجلس الأمانة. وأن "استقالات كبار الموظفين كانت إقالات من وراءها جهات عليا".

 

لمن الصلاحيات التي تمارس؛ لمجلس الأمانة المسؤول عن القرارات التي تتخذ، أم للحكومة صاحبة الولاية في تعيين وإقالة المسؤولين الكبار في الأمانة، هو "من باب ممارسة الحكومة صلاحياتها على الأمانة" وهي التي جعلت من الأمانة مؤسسة لها ولاية لا يمكن لأحد المس بها أو الاقتراب إلى أي قرار تتخذه.

 

 

فهل بدأت الحكومة سيرها في التعامل مع أمانة عمان على اعتبارها مؤسسة من مؤسسات الوطن، أما أنها مؤسسة لا وصاية عليها ولا حكم؛ فبالنسبة لحكومة معروف البخيت فالعمل الجدي بدأ واقترب إلى دور ممارس لصلاحيات كان من المفترض أن تمارس من السابق وليس الآن فحسب وهو ما نال قسطا كبيرا من الانتقادات وأيضا الاتهامات من قبل مجلس أمانة عمان بشقيه المنتخب والمعين.

 

 

هذا المجلس الرافض جملة وتفصيلا لأي من القرارات التي تم اتخاذها بخصوص استقالة كبار موظفي الأمانة والذين يعملون منذ سنوات في الأمانة، متهمين الحكومة بالتدخل الصريح بمهام وعمل المجلس الذي مر على انتخابه ثلاث سنوات.

 

 

ليعتبر أكثر الأعضاء أن الموقف يستدعي وقفت "نخوة" نصرة لكبار الموظفين والذين "أبلوا بلاءً حسناً في مسيرة الأمانة الطويلة". والحل إذا ما استدعى الأمر كما يرى أحد الأعضاء في مداخلة له في جلسة الأمانة الأخيرة "وقوف جميع الأعضاء أمام مقر رئاسة الوزراء حاملين يافطات تندد بالتدخل بخصوصيات الأمانة".

 

 

أما الخيار الآخر من الأعضاء فكان يرى بالأزمة كما أصطلح على تسميتها بعض الأعضاء بتقديم جميع أعضاء المجلس استقالتهم مرة واحدة احتجاجاً على التدخلات.

 

 

ومن هذا الاقتراح، يرى عضو المجلس رياض عبد الكريم أن "لولا محبة الأعضاء لجلالة الملك وأمين عمان" لكان تفسير سلوك الأعضاء برفضهم ما يحصل من الاستقالات "بالتمرد والعصيان"، ولأن القرار الحكومي "يعبر عن عملية تطوير إداري".

 

 

أما العضو بركات الجعبري وهو أحد أعضاء في لجنة شؤون الموظفين والتي وافقت على استقالة وكيل الأمانة فلاح العموش، يقول إنه كان متحفظا على استقالة العموش حينما قدمها للجنة، وأن "قرارات الأمانة بمنأى عن مجلس الأمانة"، "وعلى لسان الأمين نضال الحديد فإن هذه القرارات تأتي جاهزة من الخارج، وحتى الأمين نفسه ليس له دور فيها".

 

 

ويصف الجعبري وضع الأمانة بالفترة الحالية بأنه غير مستقر خصوصا بالنسبة للأمين وأعضاء المجلس وحتى عند الموظفين، ويقول بنفس الوقت أن "عمل الأمانة هو عمل مؤسسي، قد يتأثر العمل مؤقتا في الأسلوب والطريقة مع الشخصية القادمة لكن الكوادر الموجودة قادرة أن تستمر في العمل، وتتجاوز أي مرحلة حرجة".

 

 

عضو المجلس محمد عناب يجد أن من الضرورة أن تجلس الأطراف مع بعضها البعض والتباحث لأجل الوصول إلى حل، "لأننا نشعر بأن الموضوع تدخلت فيه أطراف لا بد من الجلوس معها ونقنعها بأن التغيير لمجرد التغيير غير محبذ".

 

 

ويتابع "نحن طلبنا من أمين عمان أن نجلس مع الجهات التي تمارس هذه الضغوط كي نقنعها بوجهة نظرنا وكما قال معالي الأمين أن القرار بالأخير لمجلس الأمانة، ومن هنا نريد أن نعرف الأسباب الحقيقة وراء هذا الكلام، فهناك أطراف تتدخل في الموضوع.ونحن نفضل أن من لديه الخبرات والقادر على إدارة الأمور أن يتم الإبقاء عليه إلى حين الوقت المناسب".

 

 

وفي آخر جلسة للأمانة، شهدت فورة غضب جميع الأعضاء الذين ساندوا الأمين عن ما يشاع حول استقالته وتلويحه بقرب استقالته، رافضين أي قرار يتم اتخاذه من الخارج، قائلاً الحديد لهم "أنتم أصحاب ولاية".

 

 

عدم وضع أعضاء المجلس بصورة ما يحدث ولد "شعور بالاستياء"، وثمة ضغوطات كبيرة تمارس من خارج الأمانة باتجاه التغيير، ويقول العضو عناب: "ولا بد أن نعرف أسبابها وأبعادها".

 

 

ويستدرك "يمكن أن يكون التغيير لصالح الأمانة، لكن عندما يكون تغييرا كاملا وبوقت ضيق لا أعتقد أنه لصالح الأمانة".

 

 

ولا يجد العضو أيوب خميس في دور المجلس سوى أنه صاحب قرار خصوصا فيما يتعلق بترفيع أي موظف أو إحالة آخر على التقاعد..ويقول "نحن كمجلس أمانة مع التجديد بين الحين والآخر، لكن تغيير الصف الأول من الموظفين في الأمانة كوكيل الأمانة ومساعد الوكيل دفعة واحدة أربك عمل الأمانة وهذا ليس لمصلحة المؤسسة، ومن المفترض أن يكون التغيير مدروسا وبشكل تدريجي وليس كما الحالة التي نشهدها".

 

 

أما العضو مروان المالحي يعتبر أن مجلس الأمانة مغيب تغيبا كاملاً في الإحالات التي طالت كبار الموظفين، "ونرى أن من أحيلوا على التقاعد لديهم الخبرات والإمكانات أن يستمروا في هذه المرحلة، وهذه القرارات جاءت من فوق، وشعرنا أن ليس لدينا دورا عندها ".

 

 

تغيير المناصب هو لإتاحة الفرصة لخبرات جديدة تعمل، يقول المالحي "لا بد من التجديد لأن عملنا مؤسسي، ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك ولكل إنسان طاقة. أن أؤمن بالتغيير ولكن أن يكون بالتدريج وعلى مبدأ الإحلال والتعاقب، وأن نفسح المجال للشباب والطاقات الأخرى، ولكن ليس بالطريقة التي تأتي فجأة".

 

 

ويقول عبد الكريم: "رأيت فئة من زملائي لديها الرغبة بالاستقالة من مواقعها بدون مبررات موضوعية، لذلك نرى أن الإحالات الجماعية غير مبررة على الإطلاق، وخاصة هذه الفئة صاحبة الإنجاز".

 

 

لا بد من استحداث كوادر جديدة للأمانة، ولا يجد في ذلك رياض سوى استهجان الأعضاء لأن التغيير يكون على مراحل، ويشرح "المجلس يشهد حالة من الاستهجان على ما يحصل في الأمانة، وأن من تمت استقالتهم تدرجوا في عملهم منذ أن كان عبد الروؤف الروابدة أمينا لعمان، ووصلوا إلى خبرات فنية متقدمة جداً، ولا توجد في القطاع الخاص مثل هذه الكفاءات التي أنجزت الكثير للأمانة، وعلى زمنهم تضاعفت الميزانية من 60 مليون إلى 120 مليون، فعملية التقاعد هي سنة من سنن الحياة، لكن أن تكون استقالات جماعية هي الغصة عند أعضاء المجلس".

 

 

ومع هذا، يؤيد العضو عبد الكريم خلق قيادات شابة جديدة، تأتي وراء من استقال "لكن لا بد أن تكون بتدريج وعلى فترات، فالخبرة في الأمانة متراكمة وليست أكاديمية".

 

 

ويسمي عبد الكريم استقالات الموظفين بالإقالات، "لأنهم أحيلوا إلى التقاعد ولا يمكن نعتبرها استقالات". وإزاء هذه الاستقالات "قد يضطر المجلس إلى تقديم أعضاء مجلس الأمانة استقالاتهم احتجاجاً".

 

 

هل بالضرورة أن تؤشر استقالات الموظفين خطوة لاستقالة مترقبة لأمين عمان، يعلق رياض عبد الكريم "لا شيء يمنع الحكومة من تغيير أمين عمان، لأن تغيير الصف الأول من الموظفين سيكون عبر أمين جديد للأمانة، ولا تعبر التغييرات بالضرورة عن مرحلة جديدة لتغيير الأمين، وعزاؤنا الوحيد هو البحث عن التكريم اللائق لهؤلاء الموظفين".

 

 

ويوضح المالحي بأن البلد دائما ينحو منحى التغيير، "فعلى مستوى الوزارات تجاوزنا الثمانين وزارة خلال إقامة الدولة، التغيير أصبح ضرورة، ولا بد من التغيير".

 

 

هناك عدة جهات تلعب دورا في قرارات الأمانة، كما يقول المالحي موضحاً "مثلاً رئاسة الوزراء والأجهزة الأمنية ومرجعيات عليا، فالقضية ليست مرتبطة بجهة معينة".

 

 

 

 

 

 

 

الصحفي عبد الله أو رمان يرى أن المقصود من الاستقالات ليس تغيير الأمين إنما "المقصود فيها الدور الاجتماعي الضخم الذي تقوم به أمانة عمان، لأنها كبرت وباتت تشكل قاعد اجتماعية ضخمة، وتقدم الكثير من الخدمات وفاتحة بيوت الكثيرين، والبرنامج الذي تقوم به الحكومة هو استكمالا لبرنامج التصحيح الاقتصادي، فهم يحاولون كسر دور الأمانة، واعتقد أن نضال الحديد سيدفع ثمن هذا الدور، والأصل أن الأمين ليس مستهدف شخصيا إنما دور أمانة عمان الاجتماعي ولأن الحديد هو الذي عزز الدور فهو الذي سيدفع الثمن".

 

 

من جهة قانونية "تتبع أمانة عمان رئيس الوزراء، بمعنى أن الوزير المسؤول عن أمين عمان هو رئيس الوزراء، ومن هنا لا يوجد أي مانع لرئيس الوزراء أن يتدخل بأمانة عمان قانونياً، لكن تقليديا في الأردن ثمة مؤسسات تمتعت باستقلالية وهذه الاستقلالية أصبحت جزء من تقليد البلد مثل الجامعات وجريدة الرأي والملكية الأردنية".

 

 

ويضيف أبو رمان أن استقلالية أمانة عمان "كرسها النظام السياسي الأردني؛ ذلك كي تكون عنوان للتميز والعمل، وحتى يكون هناك استقلال أكثر في العمل".

 

 

إلى هنا، هل أصبح أي قرار أو موقف حكومي تجاه الأمانة يعتبر تدخلا، يقول أبو رمان: "إذا أخضعنا مؤسسة بحجم أمانة عمان لمزاجية الحكومات المتعاقبة ستدمر المؤسسة، لأن كل حكومة تبقى بضعة أشهر وتذهب، وإذا كان هذا فالأمانة ستكيف حالها وقراراتها على أمزجة ورؤساء حكومات متعاقبين، وبالتالي ستفقد الأمانة التخطيط الاستراتيجي ومن ثم استقرارها، وستتحول إلى مختبر للحكومات".

 

 

ويضيف "لا أقول أن الأمين نبي أو أنه منزه عن الخطأ، ولكن الهجمة على الأمانة ليس لها علاقة بشخص الأمين أو سلوكه، ولكن لها علاقة بأمانة عمان ومحاولة السيطرة عليها".

 

 

النائب ممدوح العبادي رفض التعليق لعمان نت، قائلاً: "لا أقدر أن أتحدث عن أمانة عمان ولا حتى سطر واحد، وحتى لو وجدت خطأ لا أتحدث عنه لأني كنت أمينا لعمان، ولا أقدر الحديث أبداً، فإذا أحببتم الحديث عن دارفور أنا مستعد".

 

 

وكانت عمان نت قد حاولت مرارا الحديث مع الناطق باسم الحكومة ناصر جودة لكن تعذر الحديث معه إما "بسبب انشغالاته أو للاجتماعات المتكررة".

 

أضف تعليقك