من يحمي المعلم؟

الرابط المختصر

نحن جميعا من الرافضين لأي اعتداء غير إنساني يتم على الطالب في مدرسته سواء كانت حكومية ام خاصة, ونحن جميعا ضد ان يتعرض الطالب لأي إساءة تورثه كره المدرسة او عاهة مستديمة او تحويله الى ضحية لتعامل غير سوي من معلم لم تكتمل عمليات تأهيله التربوي والنفسي.
لكن علينا ان ندرك الجانب الآخر المهم وهو حماية المعلم الذي يتعرض للضرب احيانا أو للإهانة او الاعتداء في غرفة الصف وأمام طلابه, والاعتداء على المعلم ليس اعتداء على انسان فقط بل هو إساءة للعملية التعليمية, وإضعاف لهيبة موقع المعلم.
واذا كان البعض في الحكومات يعتبر ان الاصرار على القرارات الخاطئة مبرر لحماية هيبة الدولة, وهو منطق بعيد عن المفهوم السليم لهيبة الدولة, فإن المسّ بالمعلم مس بهيبة الدولة لأنه يمثل تطبيقا لأصل من اصول الدستور وهو إلزامية التعليم, ولأن المؤسسة التعليمية التربوية تضعف بل وتفقد قدرتها على التأثير حينما يصبح المعلم مادة للاعتداء والضرب من قبل الطلاب حتى لو كانت هذه الاعتداءات قليلة, لأن العبرة في السلوك وليس في عدد الإساءات ولأن انتشار اخبار الاعتداءات عبر الإعلام يجعل تأثير الحالة الواحدة يساوي تأثير عشرات الحوادث.
الطالب مهم ويجب ان نحافظ عليه من اي اعتداء داخل المدرسة, لكننا يجب ان نمارس التوازن في التعامل مع ظواهر الاعتداءات؛ فالمعلم ايضا بحاجة الى حماية, ولا يجوز للهيئات الرسمية او نحن في الإعلام او مؤسسات المجتمع المدني ان تثير الدنيا فقط لقضايا الطلاب لأن هناك اهتماما من جهات عليا بهذه القضية, بينما تمر حوادث الاعتداء على المعلم من دون ضجيج مع انها ما يجب ان يتم التركيز عليه ايضا, لأن ثمن هذا ليس أذى شخصيا على المعلم بل هدر للمؤسسة التربوية التعليمية.
ولهذا يفترض بوزارة التربية ان تكون اكثر حزما في حماية المعلم من أي إهانة او اعتداء حتى لو كانت حالة واحدة, تماما مثلما هو الحماس للدفاع عن الطالب الا اذا كان الحماس نوعا من المجاملة للجهات الرسمية التي تهتم بقضايا الطلبة.
الاعتداء على المعلم في جوهره دليل على مشكلة كبيرة في اداء الطالب ونظرته الى المرجعيات مثل الأسرة والمدرسة والمعلم والأب والام, وفي فئة من المدارس هنالك "زعران" وطلبة يرون مرحلة الشباب والمراهقة في الاستعراض واستعمال اليد والصوت العالي حتى على المعلم.
 وأولى الخطوات دائما لمنع اي سلوك من التحول الى ظاهرة ومشكلة تتمثل بالتشريع الرادع وبخاصة عندما يضعف دور القيم, ولهذا يفترض ان نضبط الإيقاع مبكرا بأن نمتلك كدولة ردعا لأي سلوكيات خاطئة, وبخاصة ان مسارات اخرى ساهمت في اضعاف مكانة المعلم ومنها الوضع الاقتصادي والدروس الخصوصية التي اعتبر الطالب بها انه يشغل المعلم عنده وقد يضمن النجاح, وايضا ان يرى الطالب المعلم يعمل على سيارة اجرة او يبيع في دكانه وهي مهن شريفة لا شك لكنها تؤثر على مكانة المعلم أمام المجتمع.
مايزال الآباء والأجداد يفاخرون بالتعليم القديم وخوفهم من المعلم, بل الرعب منه عندما يمر في الشارع, قد لا نستطيع العودة الى ذلك الحال لكن هذا لا يعني ان نصل الى مرحلة يمد الطالب يده بالضرب او استعمال الآلة الحادة بحق معلمه او ان تقول طالبة لمعلمتها انها لا تريد ان توسخ يدها بضربها!