أكد المتحدثون في الندوة التي أقامها الفرع الثالث لحزب جبهة العمل الإسلامي في الزرقاء بعنوان "صفقة القرن وما بعد ورشة البحرين"، على أن صمود الموقف الفلسطيني الرافض لهذه الصفقة ورفض المشاركة في ورشة البحرين كان سبباً في فشل تحقيق أهداف هذه الورشة التي كانت تسعى لتمهيد الطريق للإعلان عن الشق السياسي لصفقة القرن التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية.
واكد الكاتب والمحلل السياسي عاطف الجولاني رئيس تحرير صحيفة السبيل خلال الندوة أن ورشة البحرين التي أريد لها أن تمثل الشق الاقتصادي من صفقة القرن فشلت في تحقيق هدف إطلاق المشروع السياسي لصفقة القرن، فيما تحقق نسبياً الهدف الثاني المتعلق بانتقال التطبيع بين الدول العربية والكيان الصهيوني إلى المرحلة العلنية وكسر الحواجز معها.
وأشار الجولاني إلى أن غياب السلطة الفلسطينية عن ورشة البحرين كان سبباً في فشل تحقيق أهداف هذه الورشة، كون أن ما تتضمنه صفقة القرن أقل بكثير من سقف أوسلو ومن الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية وتعني شطب السلطة الفلسطينية، فيما كانت المشاركة الأردنية في صفقة القرن على استحياء نتيجة ضغوط مورست على النظام السياسي.
وأكد الجولاني أن فرص إسقاط فرصة القرن لا تزال قائمة، وأنه لمصلحة الأردن انسجام الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي الرافض لصفقة القرن والاعتماد على هذا الموقف في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها الأردن لتمرير هذه الصفقة لما تمثله من استهداف للأردن وتفريط بالقضية الفلسطينية وفي مقدمتها قضية القدس واللاجئين، كما أشار إلى غياب كل من العراق والكويت ولبنان بقرار رسمي إضافة إلى غياب الأطراف الدولية باستثناء الولايات المتحدة حيث كانت كل من روسيا والصين والاتحاد الأوروبي قرروا مقاطعة الورشة حيث لا تزال الأطراف الدولية تتبنى خيار حل الدولتين.
وأشار الجولاني إلى أن الجانب الإسرائيلي ضمن المعادلة السياسية القائمة لا يتبنى صفقة القرن وتم تأجيل إعلان صفقة القرن لحين انتهاء الانتخابات الإسرائيلية كنوع من الدعم الأمريكية لفرص فوز نتنياهو في الانتخابات المقبلة، فيما يسعى الجانب الإسرائيلي للاستفادة من التحركات الأمريكية المتعلقة بالصفقة لتحقيق التطبيع الكامل مع الدول العربية والاستفادة منها اقتصاديا دون الإقرار بالشق السياسي، حيث يعمل الجانب الإسرائيلي وفق سياسة الأمر الواقع من خلال الاعتماد على قرار القدس كعاصمة للكيان الصهيوني ومستقبلاً ضم المستوطنات في الضفة الغربية للكيان الصهيوني.
واعتبر الجولاني أن ما تم تداوله من أحاديث حول الأرقام التي طرحت حول تقديم 50 مليار دولار ضمن صفقة القرن غير دقيق، مشيراً إلى أن من بين هذه الأموال 28 مليار للفلسطينيين و7.5 مليار للأردن و9 مليار لمصر و6 مليار للبنان كون هذه الدول من دول اللجوء الفلسطيني لغايات مشاريع توطين اللاجئين أي أنها لن تنعكس على الواقع الاقتصادي لتلك الدول، فيما أن نصف هذه الاموال ستكون عبارة عن قروض مدعومة، و15 مليار منح و10 مليارات استثمارات للقطاع الخاص.
وأكد الجولاني أن مستقبل الصفقة يخضع لعدة عوامل أبرزها مضمون الصفقة ومدى التعديلات التي ستطرأ عليها، إضافة لتماسك الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لها، واستمرار الموقف الأردني الرافض لهذه الصفقة، وتطورات المشهد لدى الجانب الإسرائيلي بعد الانتخابات القادمة، حيث توقع ان يتم تأجيل إعلان الصفقة مع تراجع فرص نجاحها.
فيما أشار الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة إلى أن طرح صفقة القرن جاء في ظل ما تمر به الأمة العربية من حالة صراع وانقسام، مما دفع الإدارة الأمريكية المتصهينة لاتخاذ عدة قرارات منها قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس وضم الجولان للكيان الصهيوني.
وأشار إلى الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن والذي توحدت عليه مختلف القوى الفلسطينية يمثل هذا الموقف العامل الأساسي في فشل صفقة القرن حتى لو وافقت عليها جميع الأطراف الأخرى، إضافة إلى الموقف الرسمي الأردني الرافض لصفقة القرن، مشيراً إلى استمرار الضغوط التي مورست على الجانب الفلسطيني من قبل الإدارة الامريكية وبعض الانظمة العربية والخليجية.
واكد العياصرة ضرورة أن يواصل الجانب الأردني دعم الموقف الفلسطيني في رفض هذه الصفقة التي تعني تصفية القضية الفلسطينية وقضية القدس وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى حالة الرفض الدولي لما تتضمنه صفقة القرن من إلغاء حل الدولتين، إضافة إلى عدم تبني الجانب الإسرائيلي للجانب السياسي من هذه الصفقة.