منتخبنا هل يصلح العطارماافسده الدهر
ربما يكون الصمت ابلغ من الكلام في احوال عديدة، بيد ان الصمت هنا قد يعتبر "هزيمة" او هروبا من قول الحقيقة، فالمسألة تتعلق بالمنتخب الوطني لكرة القدم الذي اشبعناه نقدا وملاحظات منذ سنوات، بيد ان الاحوال بقيت بلا تغيير ايجابي هذا ان لم يكن المنتخب قد تراجع بشكل متسارع عشرات الخطوات الى الوراء، فذهبت النداءات ادراج الريح وباتت المسألة أشبه بالقول "قد اسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي".
منتخب فاشل
منتخب فاشل بكل المقاييس ظهر بلا روح او امكانيات فنية او اداء جماعي فماذا بعد؟.
لقد حدث ما كان متوقعا فقد وضع منتخبنا الوطني لكرة القدم نفسه في موقف حرج وصعب في آن واحد، وبات خروجه من تصفيات امم آسيا الحالية "مسألة وقت ليس الا"، ما لم تحدث معجزة في زمن عزت فيه المعجزات.
منتخبنا الوطني عن جدارة واستحقاق يحتل المركز الرابع والاخير في مجموعته الخامسة، بعد ان افلت من يديه فرصة مقاسمة المنتخب الايراني على صدارة المجموعة فمنح ذلك الشرف لمنتخب سينغافورة فبات رصيد كل منهما 4 نقاط، فيما كانت تايلاند تضع النقطة الثانية في رصيدها في حين بقيت نقطة وحيدة في رصيد منتخبنا.
من يتحمل مسؤولية الفشل الجديد والانتكاسة الخطيرة للكرة الاردنية، هل هو المدير الفني للمنتخب "البرتغالي نيلو فينجادا"، الذي امضى نحو سنتين مع منتخبنا لم تر فيها كرتنا الخير مطلقا، و"لهف" من الدولارات ما يجعلنا نتحسر على تلك المبالغ المدفوعة التي ذهبت في غير مكانها الصحيح؟ ام يتحمل تلك الانتكاسة اتحاد الكرة الذي بقي في موقف المتفرج مما يجري؟.
منتخب ليس للنخبة
منتخب "هكذا يفترض ان يكون" لكنه ليس بـ"المنتخب" الذي يفترض ان يضم النخبة من لاعبي الكرة الاردنية، انه باختصار "فريق حارة" تم تجميعه على عجل، فلا اداء يثير الاعجاب ولا نتائج تثلج الصدور، بل على العكس وجد جمهور منتخبنا نفسه يبتعد تدريجيا عما كانوا يسمون سابقا بـ"النشامى".
هل اللاعبون الحاليون هم الافضل في ملاعبنا؟.. ثمة من يقول لا وألف لا، فماذا قدم "النشامى الحاليون" افضل مما قدمه حسونة الشيخ ورأفت علي وفيصل ابراهيم الذين مايزالون يعطون في الملاعب بكل ايجابية، وكيف للاعب مثل مؤيد ابو كشك ان يبعد نفسه عن المنتخب ثم يبعده الجهاز الفني رسميا، وكيف للاعبين محترفين امثال ثائر البواب ومحمد خميس واحمد هايل وخالد سعد ان يكونوا بعيدا عن الاختيار؟.
البعض يقول بأن فينجادا لا يتحمل مسؤولية الاخفاق وحده في اشارة الى دور المدربين المساعدين في إملاء آرائهم ويستدلون على ذلك بأن فينجادا لم يكن صاحب الاختيار الوحيد لعناصر المنتخب، بل ان فينجادا نفسه كان يثني على كل فريق يواجهه منتخبنا ويؤكد انه قوي للغاية حتى لو كان "فريق حارة".
وداع مؤثر!
كان فينجادا يدرك بما لا يدع مجالا للشك بأنه سيذهب الى غير رجعة بعد الخسارة، فودع اللاعبين بعد الفشل بالقول "لقد اجتهدت وحاولت كل ما يمكن عمله من اجل ارضاء اسرة الكرة الاردنية لكنني لم اكن محظوظا معكم".
فعلا "شر البلية ما يضحك" فهذا المدرب اعترف بالفشل "بعد خراب ديارنا" وبعد مسلسل من الانتكاسات وكأن كرتنا كانت بحاجة لذلك وهي التي كانت تمني النفس بعودة مظفرة الى عهد جميل سابق.
هل منتخب سنغافورة هو ذلك المنتخب الذي يستحق الفوز على منتخبنا؟.. لقد ظهر واضحا تواضع إمكانيات ذلك المنتخب الذي استفاد من أخطاء طاقم التحكيم الاسترالي "بيتر جرين ودينس سيلك وروبين الين"، لكن الذي ظهر بشكل متواضع اكثر كان منتخبنا بدءا من حارس المرمى عامر شفيع ومرورا بالمدافعين الذين انكشفوا مرارا في منطقة العمق، وبات التساؤل فيما اذا اعتزل حاتم عقل وبشار بني ياسين فمن سيسد الفراغ مكانهما وهما في ذات الوقت يمضيان نحو آخر محطات العطاء، وعن خط الوسط "حدّث ولا حرج" وظهر واضحا غياب مفتاح اللعب وصانع الهجمات واللاعب القادر على الربط بين خطي الهجوم والدفاع، فظهرت الخطوط مفككة الى حد كبير، وللمرة الألف عجز المهاجمون عن "فك الشيفرة" المؤدية الى مرمى الفرق المنافسة، علما بأن هؤلاء المهاجمين هم الافضل محليا، لكن يبدو ان موهبة التهديف تنقصهم كما ان خوفهم من مواجهة المرمى يربكهم ويجعلهم غير قادرين على التصرف بالكرة.
تجربة فاشلة مع "الخواجات"
في تصفيات المونديال التي انتهت في شهر حزيران (يونيو) الماضي عانى المنتخب رغم كثرة فترات الاعداد من عدم توفر صيغة تفاهم بين اللاعبين، فعزف كل منهم وحده فجاء اللحن نشازا لم يطرب احدا، وخرج منتخبنا بـ"خفّي حنين" وكان لزاما اجراء عملية التغيير ليس من اجل التغيير فقط وانما للخروج من واقع صعب، فتجربتنا مع "الخواجات" على مر السنوات كانت فاشلة، يأتون الينا معتقدين انهم قادمون نحو منتخب بلا تاريخ ويجعلونه حقلا للتجارب، ثم سرعان ما نشعر بالندم ونقول "اللي راح كان أحسن".
الا اذا..
من المؤكد ان فينجادا لا يتحمل مسؤولية الاخفاق وحده وهنا يمكن ان يكون اشبه بـ"الضحية" التي تكثر على رقبتها السكاكين، فثمة قناعة بأن افضل مدرب في العالم لا يمكنه بين ليلة وضحاها ان يفعل الكثير اذا لم تكن اساسيات النجاح متوفرة، فالكرة الاردنية تسير وفق مفهوم "التساهيل" والتخطيط لا يتجاوز مرحلة الأشهر القليلة وليس السنوات، ولذلك اذا تم ايجاد اتحاد كرة من عناصر تستطيع العمل جيدا برفقة سمو الامير علي بن الحسين، واذا تم التخطيط جيدا للكرة الاردنية من قبل مخططين حقيقيين ولفترات متباعدة "قصيرة ومتوسطة وطويلة الامد"، واذا توفرت لدينا لجنة فنية من خبراء كرويين وليس منظرين "لا اقصد بسوء اي من اعضاء اللجنة الحالية"، واذا تم الاهتمام بالقواعد الناشئة والشابة وتوفر مدير فني كفؤ، واذا تم اختيار اللاعبين وفق قدراتهم وليس حسب "كوتة نادوية"، فإن منتخبنا سيصبح منتخبا قادرا على تبييض الوجه وتحقيق النتائج المشرفة، فقد بتنا نخجل من هكذا نتائج فأين المقارنة بين ما فعله منتخبنا امام اليابان في النهائيات الآسيوية وما جرى امام سنغافورة مؤخرا؟، بل ان احدى الصور التي نقلتها وكالات الانباء اول من امس تشير الى حدوث مشجارة بين لاعبينا ومضيفيهم عقب نهاية المباراة، وكأن ذلك كان ينقصنا وسنترقب فيما اذا كان الاتحاد الآسيوي سيتخذ بعض العقوبات طبقا لتقرير مراقب المباراة.
عندما يتم اختيار نجوم المنتخب بشكل سليم ويتم اعداد اللاعبين جيدا ستحقق النتائج وسيخرج الجمهور خلف المنتخب، اما ان تبقى الاحوال على ما هي عليه فإن ذلك يعني ان منتخبنا في طريقه الى تكرار ذات السيناريو الذي حدث عام 1996 عندما تراجع المنتخب الى ادنى مستوى له حسب التصنيف الدولي، فهل يسارع اتحاد الكرة الى مراجعة شاملة لأحوال الكرة الاردنية على مختلف الصعد وتشخيص الحالة بكل ايجابية بعيدا عن المهاترات والمجاملات، ام تبقى الامور على ما هي عليه ونعتقد بأن المدرب المقبل "عدنان حمد او غيره" سيمتلك "عصا سحرية" يمكنه من خلالها القيام بدو "العطار" والمؤكد انه لن يتمكن من اصلاح ما افسده الدهر، على امل ان تتغير الاحوال الى الافضل في وقت لاحق ونعيد تكرار الهتاف المعروف "بطل الملاعب اردني"، وعلى امل ان يسترد المنتخب حظوظ المنافسة على احدى بطاقتي التأهل عن المجموعة الخامسة الى نهائيات الدوحة 2011.











































